رئيس جامعة عين شمس يلتقي طلاب كلية الحاسبات والمعلومات والذكاء الاصطناعي بالجامعة الأهلية    بعد إصدار الإنذار الأحمر، خبير موارد مائية يكشف تأثير فيضان السودان على مصر    إجازات شهر أكتوبر 2025.. متى يحصل الموظفون والطلاب عليها    الإحصاء: 141.2% ارتفاعًا في الصادرات المصرية إلى الإمارات خلال 7 أشهر    وزير العمل يقود حملة للتفتيش على السلامة المهنية بعدد من مشروعات العاصمة الإدارية    سرايا القدس تقنص جنديا صهيونيا في محيط مخيم الشاطئ بغزة    وزير الدفاع الألماني: روسيا تشكل تهديدا متزايدا لحلف الناتو    مفاجأة، زيزو يقترب من المشاركة في قمة الأهلي والزمالك    رئيس الاتحاد الدولي للكيك بوكسينج يصل القاهرة لحضور بطولة كأس إفريقيا والدورة الدولية    إصابة شابين في مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالدقهلية    بينهم أجانب.. تفاصيل مداهمة نادي صحي لممارسة الرذيلة بالتجمع    بكالوريا بالعافية    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وجامعة كوفنتري بالقاهرة يوقعان مذكرة تفاهم    مواهب الأوبرا تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر على مسرح سيد درويش    فوائد الحبهان، يخفف آلام المعدة ويخفض الكوليسترول الضار بالدم    صيدلة الجامعة الألمانية بالقاهرة تنظم المؤتمر الرابع GEPPMA للتعاون المشترك في الطب الشخصي    الصحة تنظم فعالية بمناسبة اليوم العالمي للسعار ضمن نهج الصحة الواحدة للقضاء على المرض بحلول 2030    الصحة تنظم تدريبا للأطباء ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لحديثي الولادة    السمدوني: الشركات الوطنية تنتهى من أعمال البنية التحتية لمحطة سفاجا 2    وزير الإسكان: جارٍ تنفيذ موقف إقليمي جديد للسيارات.. ومحطة صرف صحي بحدائق العاصمة    رئيس جامعة الدلتا التكنولوجية يتابع انتظام سير العملية التعليمية    محافظ بورسعيد يترأس الاجتماع التنسيقي الأول لمشروع مواجهة الأزمات والطوارئ    مرشح يوزع كراسات مدرسية تحمل صورته على التلاميذ.. وتعليم المنوفية تحيل مديرة المدرسة للتحقيق    وزير العمل يشهد تسليم 700 عقد توظيف ل"ذوي الهمم"    البرلمان الإيراني يعد تشريعا قد يؤدي إلى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي    «قبة الغوري» تحتضن العرض الإيطالي «حدود» ضمن فعاليات مهرجان إيزيس لمسرح المرأة (صور)    وزير التموين: علامة تجارية حديثة للمنافذ يحافظ على الدور الاجتماعي    محافظ الوادي الجديد يبحث مستجدات مشروع الجذب السكاني وتوطين الأسر بأبوطرطور    قائمة الممنوعات الجماهيرية في قمة الأهلي والزمالك.. وتحذيرات أمنية مشددة    نتائج بطولة السهم الفضي للقوس والسهم لموسم 2025-2026    وزير الري يتابع إجراءات تطوير الواجهات النيلية بالمحافظات    أكاديمية الفنون: عودة مهرجان مسرح العرائس لمواجهة الألعاب الإلكترونية    بعد مناشدات لوزير الثقافة.. وفاة أحمد الضوي مصمم قصص الأنبياء    باسكال مشعلاني تتحدث عن أغنية "اتهرينا" وتكشف أغانيها المقبلة    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    عاجل- الإفتاء توضح حكم ممارسة كرة القدم ومشاهدتها وتشجيع الفرق    تكريم أكثر من 300 حافظ للقرآن في ختام النشاط الصيفي بمسجد جنة الفردوس بالشروق    مسئولون بالاتحاد الأوروبي يعربون عن ارتياحهم لنتيجة انتخابات مولدوفا    موعد مباراة الدحيل ضد الأهلي السعودي اليوم والقنوات الناقلة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 سبتمبر 2025 في محافظة قنا    وزيرة التضامن: إطلاق فصل جديد في علاقة الدولة بالمجتمع الأهلي والقطاع الخاص لتعزيز العمل التنموي    زواج وعلاقات.. شريكك برج الأسد «خد بالك» من هذه الصفات    هيئة الدواء تحتفل بتكريم شركائها بعد نجاح برنامج الامتياز لطلاب كليات الصيدلة 2024- 2025    246 من حصار طولكرم .. حملة مداهمات لعشرات المنازل بالضفة والاحتلال يعتقل عشرات الفلسطينيين    حالة الطقس في السعودية اليوم الاثنين 29-9-2025 ونشاط الرياح المثيرة للغبار    تشكيل الهلال المتوقع لمواجهة ناساف في دوري أبطال آسيا    مصرع شخص وفقدان 12 آخرين جراء الإعصار بوالوى فى فيتنام    الأهلى والزمالك.. كتب تحدثت عن قطبى الكرة المصرية    الدنمارك تحظر رحلات الطائرات المدنية المسيرة قبل قمة الاتحاد الأوروبى فى كوبنهاجن    أليجري بعد الفوز على نابولي: روح ميلان كانت رائعة.. ومودريتش يلعب بذكاء    الصحة: 5500 متبرع بالدم خلال 4 أيام لدعم مرضى سرطان الدم ضمن الحملة القومية    الأزهر للفتوى قبل لقاء القمة : التعصب الرياضي والسب حرام شرعا    «الداخلية» تنفي مزاعم إضراب نزلاء أحد مراكز الإصلاح: «أكاذيب إخوانية»    جيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخ أطلقه الحوثيون تجاه وسط إسرائيل    السكة الحديد تعتذر عن خروج عربات قطار عن القضبان.. وتؤكد: عودة الحركة كاملة خلال ساعات    142 يومًا تفصلنا عن شهر رمضان المبارك 2026    الدوري المصري الممتاز غيابات الأهلي والزمالك في مواجهة القمة: من سيتأثر أكثر؟    الأربعاء.. مجلس النواب يبحث اعتراض رئيس الجمهورية على قانون الإجراءات الجنائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحث عن الآثار‏..‏ في قاع البحر‏..!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 01 - 2010

كل مغامراتي في عالم الآثار دائما‏..‏ إما داخل سراديب مظلمة‏,‏ أو في قلب مقابر تحت الأرض‏,‏ وأنفاق داخلية تأخذنا إلي عالم الفراعنة المليء بالغموض والسحر وأسرار تحفظها الرمال رغم ملاحقة معاول الأثريين التي لا تهدأ ودائما تبحث عن الجديد من أسرار الفراعنة‏. كنت دائما أتصور أن المغامرة في مجال الآثار تكمن في البحث أسفل رمال الصحراء أو أرض الدلتا الخضراء‏,‏ ولكن هذا الاسبوع قمت بمغامرة جد مثيرة في قاع البحر رغم أنني لم أغطس يوما تحت الماء‏..‏ ولم أحس بإحساس الغطاسين الذين كشفوا لنا مئات القطع الأثرية بالقرب من شواطئ منطقة الشاطبي بالاسكندرية‏.‏
والحكاية أنني عشت ثلاثة أيام داخل مركب بالميناء الشرقي‏,‏ وكان الجو عاصفا ممطرا في معظم الأوقات‏,‏ الأمر الذي أعطي للمغامرة طعما حقيقيا‏..‏ وقد شاهدت الغواصين المصريين وهم ينزلون الي مياه البحر في عز برودة الجو‏,‏ وذلك حتي يتم انتشال برج صرح معبد من الجرانيت يزن تسعة أطنان‏,‏ وطوله‏2,25‏ م‏,‏ وقد قاموا بربط البرج بمؤخرة السفينة وجرها إلي مرسي قلعة قايتباي في المنطقة التي يوجد بها بقايا فنار الاسكندرية‏.‏
وعند حضور الفنان فاروق حسني وزير الثقافة ومعه المحافظ النشط عادل لبيب‏,‏ قام المصريون بانتشال برج المعبد عن طريق أجهزة حديثة أمام ما يقرب من‏300‏ إعلامي مصري وأجنبي في حدث أثري فريد‏,‏ ودخل هذا الكشف كل منزل في العالم كله‏,‏ وتبارت أجهزة الإعلام‏,‏ سواء المسموع أو المرئي أو المقروء‏,‏ في نقل تفاصيل هذا الحدث وتقديم دعاية مجانية عظيمة لمصر وآثارها لم تحدث من قبل‏.‏ وهذا هو أحد أسرار الحضارة المصرية القديمة التي غزت عقول وقلوب الناس في شتي بقاع الأرض‏..!‏
كنت سعيدا جدا لمشاهدتي الغواصين المصريين الذين يحضرون الأسرار من الأعماق ولعل جزءا من سعادتي كان عدم ضرورة انضمامي لهم والغوص معهم في أعماق البحر المتوسط‏.‏
ولكن ما هي حكاية البرج الذي انتشلناه من البحر فتعود الي عام‏1960,‏ حيث كان يعيش غواص مصري علي مستوي عالمي من الأداء وهو كامل أبو السعادات‏,‏ الذي استطاع أن يسجل بعض الآثار الغارقة الموجودة بمنطقة الشاطبي‏.‏
هذه المنطقة الغارقة والتي كانت في الماضي معمورة منذ أكثر من ألفي عام عندما أنشئت مدينة الاسكندرية‏,‏ وبني البطالمة في المنطقة الغارقة حاليا قصورا عظيمة ومعابد رائعة‏,‏ وكان من أهم هذه القصور هو قصر الملكة كليوباترا السابعة ومارك أنتوني والذي شهد الصراع بين كليوباترا وأوكتافيوس الامبراطور الروماني‏,‏ وشهد أيضا انتحار كليوباترا كما تشير قصص المؤرخين‏,‏ واتخذت من ثعبان الكوبرا وسيلة للقضاء علي حياتها وهو الرمز الملكي الذي ارتداه ملوك مصر الفراعنة علي جباههم كرمز للحماية ودرء الشر‏.‏ وقد شيدت كليوباترا بجوار قصرها مقبرتها الشهيرة‏,‏ والتي أسستها بكنوزها ومجوهراتها التي تعود إلي عصرها وعصر أجدادها من ملوك البطالمة‏,‏ ولا يوجد نص أو دليل يشير إلي أن كليوباترا قد دفنت داخل هذه المقبرة‏,‏ ولذلك فنحن نعمل منذ نحو أربع سنوات داخل وحول معبد تابوزيريس ماجنا بمنطقة برج العرب الذي يبعد نحو‏50‏ كم إلي الغرب من مدينة الاسكندرية في محاولة للبحث عن مقبرة كليوباترا ومارك أنتوني‏,‏ وخصص معبد تابوزيريس لعبادة الإله أوزير والإلهة إيزيس‏,‏ وبدأ بناؤ في أواخر العصر الفرعوني‏,‏ وأعيد بناؤه مرة أخري في عهد الملك بطليموس الرابع ويعتقد أن جزءا من جسم أوزير والذي قطعه أخوه ست إله الشر إلي أربعة عشر جزءا مدفونا داخل أسوار هذا المعبد‏.‏ وحتي الان حققنا اكتشافات مهمة ومنها معبد الإلهة إيزيس وتماثيل للملكة كليوباترا بالإضافة الي العديد من العملات التي تحمل اسم وصورة الملكة البطلمية الساحرة والتي استطاعت أن تغزو قلبي أهم قائدين في العالم القديم وهما يوليوس قيصر ومارك أنتوني‏.‏
ولكم تخيلت وأنا علي ظهر المركب بالقرب من الشاطبي والهواء البارد يلفحنا ويعلو رءوسنا السحب التي ناءت بحملها وتنتظر الفرصة لتسقط ما تحمله من مياه فوق رءوسنا‏..‏ تخيلت لحظة لقاء يوليوس قيصر والملكة الجميلة كليوباترا وقد حملها حارسها الأمين داخل سجادة هروبا من جيش أخيها ووقع حب كليوباترا في قلب يوليوس قيصر الذي غير خطط الامبراطورية الرومانية وتزوج من كليوباترا وأنجب منها ابنه الوحيد قيصرون وبعد اغتيال قيصر واعتلاء مارك أنتوني جزءا من امبراطوريته جاء لينتقم من الملكة التي هزت عرش الرومان‏,‏ ولكن صارت الأحداث علي غير ما كان يتوقع‏,‏ وهام مارك أنتوتي في حب كليوباترا وبقي في مصر‏,‏ بل وبدأ في مناصبة أوكتافيوس العداء برفضه إرسال القمح إلي روما وكاد يهددها بمجاعة لولا تحرك اسطول أوكتافيوس قاصدا مصر للقضاء علي مارك أنتوني وكليوباترا وتتم فصول أغرب قصص الحب في التاربخ لتكتب كلمة النهاية بسم أفعي الكوبرا‏.‏
ولقد جاء بعد أبو السعادات البعثة اليونانية التي صورت ما يقرب من أربعمائة أثر أسفل المياه وذلك عام‏1998,‏ وذلك بالتعاون مع إدارة الآثار الغارقة بالاسكندرية‏,‏ والحقيقة أن مجموعة الشباب الرائع من الأثريين الذين تعلموا فنون الغطس والعمل في الكشف عن الكنوز الغارقة تعتبر كنزا بشريا في حد ذاته جعلتنا نتحمس للكشف عن أسرار نهر النيل‏.‏
وهذا الصرح أو البوابة الضخمة منحوت من قطعة واحدة من الجرانيت الأحمر الذي جلبه المصريون القدماء من محاجره بأسوان‏,‏ ولنا أن نتخيل الجهد الذي بذل لنقل كتلة ضخمة مثل هذه من أسوان جنوبا إلي الاسكندرية شمالا‏,‏ والغريب أنه قد عثر علي عملة نادرة صور عليها صورة هذا الصرح‏..‏
وقد اعتقد المكتشف اليوناني الدكتور سالس أن هذا البرج هو جزءمن المدخل الأثري لمعبد كان موجودا في هذه المنطقة‏,‏ ولذلك لا يوجد أي ذكر لأي معبد آخر في منطقة الشاطبي غير معبد واحد وهو معبد الإلهة إيزيس لوخياس ومن المنطقي أن يكون هذا البرج هو جزءا من ذلك المعبد الذي تؤكد المصادر القديمة أن قصر وقبر كليوباترا كان قريبا منه‏.‏
أما الجزء الأثري الآخر والمهم جدا فهو العثور أسفل المياه علي عتب عريض من كتلة واحدة من الجرانيت وبه آثار فجوات مملوءة بالنحاس والرصاص‏,‏ ويبلغ عرض الكتلة‏3.30‏ متر وتزن حوالي خمسة عشر طنا‏,‏ وقد عثر عليها في نفس المكان الذي وجد به البرج وعلي بعد خمسين مترا منه‏,‏ مما يرجح معه كونه درفة باب صرح الملكة كليوباترا‏.‏ ويعتقد المؤرخون أن هذا هو المكان الصحيح الذي مات فيه مارك أنتوني‏,‏ وذلك بعد هزيمته من أوكتافيوس بمعركة أكتيوم البحرية‏,‏ وهو المكان الذي شهد انتحار أميرة الحب كليوباترا‏,‏ وإن لم يكن لدينا دليل أثري واحد أنها دفنت في القبر الذي أعد لها كما سبق وذكرنا‏.‏
وقد كتب العديد من المؤرخين القدماء أمثال بلوتارخ وديون وكاسيوس وسترابو عن هذا البرج والصرح‏,‏ وكذلك عتبة البوابة من خلال خرائط توضح أماكن وجود ضريح كليوباترا ومعبد الإلهة إيزيس لوخياس وهذه الخرائط منها خريطة محمود باشا الفلكي عام‏1872,‏ ونيروتسوس عام‏1888,‏ وخريطة يوتي عام‏1888,‏ وخريطة زوجيت عام‏1909,‏ وأخيرا خريطة برنشا عام‏1914,‏ وقد ثبت صحة كلام المؤرخين القدماء من خلال دراسة هذه الخريطة‏.‏
وهنا نستطيع أن نقول إن هذا الكشف الذي خرج من المياه يؤكد لنا أهمية المنطقة من الناحية الدينية والتاريخية‏,‏ بل وتعيد لنا تاريح مدينة الاسكندرية عاصمة العالم الهلينستي‏.‏
ويا لها من لحظات رائعة جميلة في عالم الكشف عن الآثار فإن استخراج هذه القطعة الجديدة والتي تعتبر جزءا مهما من معبد الإلهة إيزيس التي تشبهت بها الملكة كليوباترا نظرا لشهرة إيزيس في العالم الهلينستي‏.‏
وسوف نشاهد هذا الأثر الضخم قريبا داخل متحف الآثار الغارقة‏,‏ وهو المتحف الذي يضم كل الآثار التي خرجت من المياه‏.‏ وهو متحف يختلف عن المتحف المزمع بناؤه تحت الماء‏..‏ لكم كانت بالفعل مغامرة ممتعة في قاع البحر‏.‏
‏www.zahihawass.com‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.