ملامح التعديل الوزاري المرتقب .. آمال وتحديات    الحق اشتري.. انخفاض 110 ألف جنيه في سعر سيارة شهيرة    رئيس الإكوادور يعلن حالة الطوارئ بسبب أزمة انقطاع الكهرباء ويتخذ قرارا عاجلا    ترتيب هدافي الدوري الإيطالي قبل مباريات اليوم السبت 20- 4- 2024    ترتيب الدوري الإسباني قبل مباريات اليوم السبت 20- 4- 2024    عقوبة صارمة.. احذر التلاعب فى لوحات سيارتك    حبس المتهم بقتل سيدة لسرقتها بالبساتين    مشتت وفاصل ..نصائح لتحسين التركيز والانتباه في العمل    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام مانشستر سيتي بكأس الاتحاد    بايدن: إنتاج أول 90 كجم من اليورانيوم المخصب في الولايات المتحدة    عيار 21 يسجل الآن رقمًا جديدًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم السبت بعد الارتفاع بالصاغة    7 أيام في مايو مدفوعة الأجر.. هل عيد القيامة المجيد 2024 إجازة رسمية للموظفين في مصر؟    فودة وجمعة يهنئان أسقف جنوب سيناء بسلامة الوصول بعد رحلة علاج بالخارج    الإفتاء: التجار الذين يحتكرون السلع و يبيعونها بأكثر من سعرها آثمون شرعًا    شعبة المخابز: مقترح بيع الخبز بالكيلو يحل أزمة نقص الوزن    بيان عاجل من الجيش الأمريكي بشأن قصف قاعدة عسكرية في العراق    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق اليوم السبت 20 أبريل 2024    اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في بلدة بيت فوريك شرق نابلس    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    الوزيرة فايزة أبوالنجا    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    نشرة منتصف الليل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة.. وهذه ملامح حركة المحافظين المرتقبة    بركات: مازيمبي لديه ثقة مبالغ فيها قبل مواجهة الأهلي وعلى لاعبي الأحمر القيام بهذه الخطوة    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    كرة يد.. تعليمات فنية مطولة للاعبي الزمالك قبل مواجهه الترجي التونسي    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    خالد منتصر: ولادة التيار الإسلامي لحظة مؤلمة كلفت البلاد الكثير    "شقهُ نصُين".. تشييع جثة طفل لقي مصرعه على يد جاره بشبرا الخيمة (صور)    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    ضبط نصف طن لحوم فاسدة قبل استعمالها بأحد المطاعم فى دمياط    9 مصابين في انقلاب سيارة ربع نقل في بني سويف    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    حدث بالفن| وفاة صلاح السعدني وبكاء غادة عبد الرازق وعمرو دياب يشعل زفاف نجل فؤاد    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    انفجار في قاعدة كالسوم في بابل العراقية تسبب في قتل شخص وإصابة آخرين    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا نحب الصحابة ؟‏!‏

أسباب كثيرة تدفعنا لأن نكتب عنهم‏,‏ ونستحضر سطورا لا نظنها كافية ولا شافية من ملاحم حياتهم‏,‏ وأسرار عظمتهم‏,‏ ومبادئ حكمهم‏,‏ وقصص جهادهم‏,‏ بل وأسباب الفتنة التي نشبت بينهم‏.‏ نفعل ذلك لأنهم أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم‏,‏ الذين رافقوه واتبعوه‏,‏ وتعلموا منه الإسلام‏,‏ وحفظوه لنا ولأجيال قبلنا‏,‏ قرآنا كريما وسنة مطهرة‏,‏ نقلوها إلي كل مسلم‏,‏ بأمانة واقتدار‏...‏ ولكنهم لم ينالوا لدينا قدرهم‏,‏ فأين نحن من الاقتداء بهم؟ وأين قلوبنا من حبهم؟ وأين مبادئنا من قيمهم ؟ وأين إتباعنا لسنة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم من إتباعهم ؟
لعل صفحة‏'‏ الفكر الديني‏'‏ تكون بداية لنكمل كل ما ينقصنا تجاههم‏.‏
لماذا نحب الصحابة ؟
الكل يعرف فضل الأنبياء وقدرهم‏,‏ ولكن هناك من يجهل فعلا قدر صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم‏,‏أو يتساءل لماذا يجب أن نحبهم‏,‏ونعظم شأنهم ؟
الدكتور محمد واصل عضو مجمع البحوث الإسلامية يجيب عن سؤالنا في نقاط محددة‏:‏
‏'‏ وضعهم القرآن الكريم في مرتبة عالية من العدالة والمكانة السامية‏:'‏ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه‏'‏ وبعد كلام رب العالمين‏,‏ وإعلانه الرضا عنهم‏,‏ ورضاهم عن دين ربهم‏,‏ فلا كلام لأحد‏.‏
‏'‏ هم الذين رأوا النبي صلي الله عليه وسلم وآمنوا به وبرسالته‏,‏ وصدقوه وآزروه‏,‏ وآووه ونصروه‏,‏ وهم الذين عظموا أمره وتفانوا في طاعته‏,‏ وهم الذين أحبهم النبي ورضي عنهم وزكاهم‏,‏ وأوصي بهم ودعا لهم بالرحمة والمغفرة‏,‏ وبشرهم بالجنة‏,‏ وهم معلمو أمة محمدصلي الله عليه وسلم تعاليمه ورسالته‏.‏
‏'‏ أعلن الرسول صلي الله عليه وسلم أنهم خير قرون الزمان‏:(‏ خير أمتي قرني‏,‏ ثم الذين يلونهم‏,‏ ثم الذين يلونهم‏),‏ وأفضل خلق الله‏-‏ تعالي‏,‏ وأن حبهم علامة علي كمال الإيمان‏,‏ و بغضهم علامة علي النفاق حيث قال‏:(‏ الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق‏).‏
‏'‏ حملوا الوحي الإلهي‏-‏ كتابا وسنة‏-‏ إلي من بعدهم من الأجيال والقرون التالية‏,‏ فهم شهود الدين الذين شهدوا الوحي ينزل علي رسول الله وصحبوه وتلقوا عنه مباشرة‏,‏ فانتقل الإسلام‏-‏ عبرهم‏-‏ إلي من بعدهم‏,‏ لقد تلقي جبريل عن ربه‏-‏ سبحانه‏-,‏ وتلقي الرسول عن جبريل‏,‏ وتلقي الصحابة عن رسول الله‏,‏ فلم تشهد القرون التي بعدهم الوحي ولم تعاصر رسول الله‏,‏ فما وصل الإسلام إليهم إلا عن طريق الصحابة‏.‏
‏'‏ هم الذين ضحوا بالنفس والنفيس في سبيل إقامة الدين‏,‏ وتأسيس الدولة التي حرست الدين‏,‏ وهم الذين وضعوا أسس المدنية والحضارة التي أنارت الدنيا‏,‏ وجعلت المسلمين العالم الأول لأكثر من عشرة قرون‏,‏ وهم الذين حرروا الشرق من الاستعمار الذي دام عشرة قرون‏;‏ وذلك عندما فتحوا‏_‏ فتح تحرير‏_‏ في ثمانين عاما أوسع مما فتح الرومان في ثمانية قرون‏,‏ ثم تركوا الناس وما يدينون حتي دخلوا في دين الله أفواجا فخرج الناس‏_‏ بجهادهم‏_‏ من الظلمات إلي النور‏.‏
ناقلون للوحي‏..‏ حافظون للسنة
الصحابة هم الأساس في حفظ السنة‏,‏ ونقل الوحي‏,‏ وعلوم الدين إلي من بعدهم‏;‏ فهم الصلة بين عهد الوحي وبين العهود التي جاءت بعد ذلك‏,‏ واتصال السند إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يتم إلا بهم‏.‏فهم الذين صانوا سنته وحفظوها في الصدور‏,‏ كما كتبها بعضهم كتابة خاصة بإذن خاص من رسول الله‏,‏ الذي كان قد نهي عن التدوين والكتابة مخافة أن يلتبس القرآن بالحديث‏,‏ مزيد من التوضيح للعلاقة الوثيقة بين الصحابة وبين السنة النبوية يأتينا علي لسان الدكتور أحمد عمر هاشم عضو مجمع البحوث الإسلامية‏,‏ يقول‏:‏ للصحابة‏-‏ رضوان الله تعالي عليهم أجمعين‏-‏ الفضل في نقل كل ما يتصل برسول الله‏,‏ من قول‏,‏ أو فعل‏,‏ أو تقرير‏,‏ أو صفة‏,‏ وكل ما يتعلق بسائر أحواله في اليقظة وعند النوم‏,‏ وفي الحرب والسلم‏,‏ وفي الحل والترحال‏,‏ وما كان يقوله عند أكله وعند خروجه من بيته‏:‏ حتي ما كان يفعله بعيدا عن الناس‏,‏ وبدون أن يراه أحد‏,‏ مثل كيفية قضاء الحاجة‏,‏ وكيفية الاغتسال‏,‏ وأنه كان يبدأ بشقه الأيمن‏,‏ إلي غير ذلك من الأمور‏,‏ فقد نقل الصحابة حياة رسول الله بكل تفصيلاتها‏,‏ وكلياتها‏,‏ وجزئياتها‏,‏ وما هو معلن‏,‏ وما هو خفي‏,‏ فليس في حياته وأقواله وأفعاله أسرار‏;;‏ لأنه رسول يقتدي به‏,‏ وهو ما جعلهم يتبعون أدق طرق النقل التي لا تعرف الدنيا لها مثيلا‏,‏ فكانوا يستشهدون علي أقوالهم‏,‏ وربما يستحلفون البعض‏,‏ لأن نقلهم لما يتصل برسول الله إنما هو دين‏,‏ وعليهم أن ينظروا عمن يأخذون عنه دينهم‏.,‏ وكان أحدهم ربما يرحل مسافة شهر علي جمل من أجل الاستيثاق من حديث واحد‏;‏ كما فعل سيدنا جابر بن عبد الله الأنصاري الذي رحل إلي عبد الله بن أنيس بالشام مسيرة شهر علي جمل لينقل حديثا بلغه عنه لم يعلم أحدا أخذه عن رسول الله إلا هو‏,‏ و قال له‏:‏ خشيت أن تموت أنت أو أموت أنا دون أن نكتبه‏,‏ كماكان لهم الفضل بطرق نقلهم واستيثاقهم في نشأة أعظم علم لتوثيق الأخبار والأحاديث‏,‏ وهو علم أصول الحديث النبوي‏,‏ أو علم مصطلح الحديث‏,‏ الذي وزنوا به كل ما جاءهم عن رسول الله بميزان النقد العلمي النزيه الذي لم تعرف الدنيا له مثيلا‏,‏ فلم يسبقهم إلي مثله أحد في القديم‏,‏ ولم يلحقهم إليه أحد في الحديث‏;‏ بل تفردوا بهذا العلم‏;‏ بل بهذه العلوم‏;‏ لأنه يطلق عليه اسم‏'‏ علوم الحديث‏',‏ وهو علم يعرف به الإسناد‏,‏ والمتن‏,‏ والصحيح‏,‏ والحسن‏,‏ والضعيف‏,‏ والتعديل‏,‏ والتجريح‏,‏ وطرق الرواية الصحيحة‏,‏ وما يشترط في صحة الحديث من اتصال السند وعدالة الراوي‏,‏ والضبط‏,‏ وعدم الشذوذ‏,‏ وعدم العلة‏,‏ وكان لهم الفضل الأول في منهج توثيق الأخبار حتي أن المنهج الأوروبي التاريخي الحديث يدين لهم في هذا العلم بالسبق‏,‏ وسار الصحابة في حرصهم علي حضور مجالس الرسول إلي جانب ما يقومون به من أمور المعاش‏,‏وإذا تعذر علي بعضهم الحضور يتناوب مع غيره كما كان يفعل عمر‏,‏ قال‏:'‏ كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية‏,‏ نتناوب النزول علي رسول الله ينزل يوما وأنزل يوما‏,‏ فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره‏,‏ وإذا نزل فعل مثل ذلك‏',‏ كما كانت القبائل البعيدة تبعث إلي النبي صلي الله عليه وسلم من يتعلم أحكام الدين منه ثم يعود إليهم ليرشدهم ويعلمهم‏,‏ وإذا التبس عليهم أمر من الأمور رجعوا إليه يسألونه فيجيبهم‏,‏ ويفتيهم‏;‏ كما كان صلي الله عليه وسلم يعلم النساء أمور الدين ويخصص وقتا يجلس لهن فيه وكانت أمهات المؤمنين علي درجة سامية من العلم‏;‏ لذا وجد النساء عندهن الإجابة علي أمورهن وأحوالهن التي يمنعهن الحياء من التصريح بها أمام الرسول
‏(‏ الفتنة‏)..‏ سياسية وليست دينية
بعض صحابة رسول الله اختلفوا‏,‏ بل واقتتلوا فيما سمي‏:'‏ بالفتنة الكبري‏'‏ أواخر عهد عثمان بن عفان‏,‏ وعلي عهد علي بن أبي طالب‏-‏ كرم الله وجهه‏,‏ وحتي عام الجماعة الذي عادت فيه وحدة الأمة بعد أن تمت البيعة لمعاوية بن أبي سفيان‏.‏هذه الحقيقة لاينكرها أحد‏,‏ ولكن يتبعها شرح وتوضيح من الدكتور محمد عمارة عضو مجمع البحوث الإسلامية يؤكد فيه أن هذا الاختلاف وذلك الاقتتال إنما حدث في السياسة التي هي من الفروع والفقهيات‏,‏ ولم يحدث يوما أن اختلف الصحابة أو المسلمون في عقائد الدين‏,‏ ولا في أركان الإسلام‏,‏ أو الإيمان‏,‏ أو الإحسان‏,‏ كما أن إختلافهم واقتتالهم كان نوعا من الاجتهاد الذي قد يكون صوابا فيستحق صاحبه أجران‏,‏ أويكون خطأ‏,‏ لصاحبه أجر واحد‏.‏
ولأن هذا الاجتهاد بعيدعن العقائد والأركان وثوابت الدين فإنه لم يكن‏_‏ ولن يكون‏_‏ مخرجا لأي من فرقائه من الملة والدين والإيمان‏.‏ ولقد حسم القرآن الكريم هذه القضية حسما لا لبس فيه ولا تأويل‏;‏ وذلك عندما حكم بأن الاقتتال في الفروع والفقهيات والسياسات لا يخرج أحدا من أطرافه‏_‏ بمن فيهم‏'‏ البغاة‏'_‏ من إطار الإيمان بالدين‏'‏ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما علي الأخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفئ إلي أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا‏..'‏ ولقد فقه الإمام علي بن أبي طالب‏_‏ وهو قائد أحد فرقاء هذا الاختلاف والاقتتال في‏'‏ الفتنة الكبري‏'‏ هذه الحقيقة التي عبر عنها القرآن الكريم‏,‏ وأعلن إعلانا صريحا في ذروة هذا الصراع بينه‏_‏ ومعه أهل العراق‏_‏ وبين معاوية بن أبي سفيان‏_‏ ومعه أهل الشام‏-‏ أثناء موقعة‏'‏ صفين‏'-‏ عن الطبيعة السياسية‏,‏ وليست العقدية الدينية لهذا الصراع‏,‏ فقال في مواجهة‏'‏ الغلو الخوارجي‏'‏ الذي حكم بالكفر علي أطراف هذا الصراع‏:(‏ والله لقد التقينا وربنا واحد‏,‏ ونبينا واحد‏,‏ ودعوتنا في الإسلام واحدة‏,‏ ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله‏,‏ ولا يستزيدوننا‏,‏ والأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان‏,‏ ونحن منه براء‏..)‏ وعندما سئل الإمام علي عن‏'‏ آخرة‏'‏ قتلي الفريقين‏,‏ قال‏:'‏ إني أرجو ألا يقتل أحد نقي قلبه‏,‏ منا ومنهم‏,‏ إلا أدخله الله الجنة‏'‏ أي إنه دعا لمن قتلوا‏-‏ وهم يقاتلونه‏-‏ بالجنة‏,‏ إذا كان قتالهم له عن اجتهاد حتي ولو كان اجتهادا خاطئا‏.‏ وعندما سئل عن الذين قاتلوه في موقعة‏'‏ الجمل‏'-‏ أمشركون هم؟‏.‏ قال‏:‏ من الشرك فروا‏.‏ فسئل‏:‏ أمنافقون هم؟ فقال‏:‏ إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا‏.‏ فسئل‏:‏ فما هم؟ فقال‏:‏ إخواننا بغوا علينا‏,‏ وعندما سمع‏_‏ كرم الله وجهه‏_‏ بعض أصحابه‏_‏ في وقعة‏'‏ صفين‏'_‏ يسب أهل الشام‏_‏ معاوية وأصحابه‏_‏ قال‏:‏ إني أكره أن تكونوا سبابين‏.‏ويوضح الدكتور عمارة أن هذا الفقه كان منطلق علماء أهل السنة والجماعة إزاء الصحابة‏,‏ حيث حكموا بعدالتهم فيما نقلوا للأمة من الدين‏;‏ فهم الذين رووا سنة رسول الله‏,‏ ودونوا القرآن الكريم وجمعوه‏,‏ و كان كل من‏:‏ علي بن أبي طالب‏,‏ ومعاوية بن أبي سفيان من كتاب الوحي
صحابته‏..‏ أطفال وكبار
صحابة وصحابيات‏..‏ اشتهرت شخصياتهم بيننا وقصصهم‏,‏ ولكن ذلك لا يمنع أن هناك الكثيرين غيرهم‏,‏ فموسوعات العلماء‏(‏ الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني والإستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر‏)‏ تذكر لنا حوالي ثمانية آلاف من أعلام الصحابة والصحابيات‏,‏ مما يدعونا لسؤال الدكتور محمد رشيد قباني مفتي الجمهورية اللبنانية وعضو مجمع البحوث الإسلامية حول تعريف الصحابي؟
يقول‏:‏ ذكر علماء الحديث تعاريف عدة للصحابي‏,:‏ منها أن‏:'‏ الصحابي من لقي النبي صلي الله عليه وسلم مؤمنا به‏,‏ ومات علي الإسلام‏'..‏ فيدخل‏'‏ فيمن لقيه‏':‏ من طالت مجالسته للنبي صلي الله عليه وسلم‏,‏ أو قصرت‏,‏ ومن روي عنه‏,‏ أو لم يرو عنه‏,‏ ومن غزا معه أو لم يغز‏,‏ويدخل في قول‏:'‏ مؤمنا به‏':‏ كل مكلف من الجن والإنس‏;‏ويدخل في قول‏:'‏ ومات علي الإسلام‏':‏ من ارتد ثم عاد إلي الإسلام قبل أن يموت‏.‏كما يخرج بقول‏:'‏ مؤمنا به‏':‏ من لقيه كافرا به‏,‏ ولو أسلم بعد ذلك‏,‏ إذا لم يجتمع بالنبي مرة ثانية وهو مؤمن‏;‏ وكذا يخرج من كان مؤمنا بغيره‏,‏ ويخرج بقول‏:'‏ ومات علي الإسلام‏':‏ من لقيه مؤمنا به ثم ارتد ومات علي ردته‏-‏ والعياذ بالله تعالي‏-..‏ وإن كان هؤلاء قلة‏:‏ كعبد الله بن خطل‏,‏ وربيعة بن أمية بن خلف‏,‏ ورجل من الأنصار كان يكتب الوحي ثم ارتد‏,‏ فمات فلفظته الأرض‏,‏ وحديثه في البخاري‏.‏
وقال ابن الجوزي‏:‏ أن الصحبة إذا أطلقت فهي في المتعارف تنقسم إلي قسمين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن يكون الصاحب معاشرا مخالطا كثير الصحبة‏,‏ فيقال‏:‏ هذا صاحب فلان‏,‏ والثاني‏:‏ أن يكون صاحبا في مجالسة‏,‏ أو مماشاة‏,‏ ولو ساعة‏,‏ فحقيقة الصحبة موجودة في حقه‏,‏ وإن لم يشتهر بها‏'.‏ثم ذكر أن عموم العلماء علي القول الثاني‏,‏ وأنهم عدوا في الصحابة من لم يغز معه‏,‏ ومن توفي عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو صغير السن‏,‏ ومن وفد عليه‏,‏ ولو مرة‏..‏ وهكذا‏.‏ومما يستفاد منه في معرفتهم‏:‏أنهم كانوا لا يؤمرون في المغازي إلا الصحابة‏,‏ فمن تتبع الأخبار الواردة في الردة والفتوح وجد من ذلك شيئا كثيرا‏,‏ كما كانوا لا يولد لأحد مولود إلا أتي به النبي فدعا له‏,‏ وهذا يؤخذ منه شيء كثير جدا أيضا‏.‏لم يبق بمكة والطائف أحد سنه عشر إلا أسلم‏,‏ وشهد حجة الوداع‏.‏
ويوضح أن العلماء قسمواالصحابة لطبقات‏,‏ الأولي‏:‏ قدماء المسلمين‏,‏ الذين أسلموا بمكة‏,‏ كالخلفاء الراشدين وغيرهم‏,‏ الثانية‏:‏ أصحاب دار الندوة‏,‏ الثالثة‏:‏ المهاجرة إلي الحبشة‏,‏الرابعة‏:‏ أصحاب بيعة العقبة الأولي‏,‏ الخامسة‏:‏ أصحاب بيعة العقبة الثانية وأكثرهم من الأنصار‏,‏السادسة‏:‏ أول المهاجرين‏,‏ الذين وصلوا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو بقباء قبل أن يدخل المدينة‏,‏ ويبني مسجده‏,‏السابعة‏:‏ أهل بدر‏,‏الثامنة‏:‏ الذين هاجروا إلي المدينة بين بدر والحديبية‏,‏التاسعة‏:‏ أهل بيعة الرضوان في الحديبية‏,‏العاشرة‏:‏ المهاجرة بين الحديبية وفتح مكة‏:‏ منهم خالد بن الوليد‏,‏ وعمرو بن العاص‏,‏ وأبو هريرة‏,‏الحادية عشرة‏:‏ مسلمة الفتح‏,‏ الذين أسلموا يوم فتح مكة وهم جماعة من قريش‏,‏الثانية عشرة‏:‏ صبيان وأطفال رأوا رسول الله يوم الفتح‏,‏ وفي حجة الوداع وغيرهما‏,‏ وعدادهم في الصحابة‏.‏
أما أفضل الصحابة‏-‏ علي الإطلاق‏-:‏ فأبو بكر الصديق‏,‏ ثم عمر بن الخطاب‏-‏ رضي الله عنهما‏-‏ بإجماع أهل السنة‏,‏ ثم عثمان بن عفان‏,‏ ثم علي بن أبي طالب‏,‏ وهذا قول جمهور أهل السنة‏,‏ ثم تتمة العشرة المبشرين بالجنة‏,‏ ثم أهل بدر‏,‏ ثم أهل أحد‏,‏ ثم أهل بيعة الرضوان يوم الحديبية‏;‏ وهكذا‏-‏ رضي الله عنهم أجمعين‏-..‏ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار أفضل ممن جاء بعدهم‏.‏
أحباء وأصهارلآل البيت
استقرت لآل البيت النبوي في نفوس المؤمنين مكانة رفيعة‏,‏ لقربهم من النبي صلي الله عليه وسلم‏,‏ واتصالهم بنسبه‏,‏ ولنصرتهم له في أشد الأزمات منذ بدء الدعوة‏,‏ هذه المكانة كان طبيعيا أن تنتقل لقلوب الصحابة‏,‏ يحدثنا الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية وعضو مجمع البحوث عن ملامح العلاقة بين آل البيت والصحابة‏.‏
يقول‏:‏ كان من وصية الرسول‏..‏ أذكركم الله في أهل بيتي‏,‏ أذكركم الله في أهل بيتي‏,‏ أذكركم الله في أهل بيتي كما علم رسول الله أصحابه كيف يصلون عليه وعلي آل بيته الأطهار‏,‏ قال لهم‏:‏ قولوا اللهم صل علي محمد وأزواجه وذريته‏,‏ كما صليت علي آل إبراهيم‏,‏ وبارك علي محمد وأزواجه وذريته‏,‏ كما باركت علي آل إبراهيم‏,‏ إنك حميد مجيد ويعد ذلك تنبيها لهم بأن الصلاة علي النبي تشمل الصلاة علي آل بيته من أزواجه وذريته‏.‏
وعندماكتب الديوان‏,‏ رفض عمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين‏,‏ أن يجعلوا اسمه أول اسم في الديوان‏,‏ وقال‏:‏ ابدءوا بقرابة النبي صلي الله عليه وسلم الأقرب فالأقرب‏,‏ حتي تضعوا عمر حيث وضعه الله‏..‏
وتظهر المحبة بين آل البيت والصحابة في التسمي بأسماء بعضهما وحصول المصاهرات بينهما‏.‏ فقد سمي علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أبنائه باسم أبي بكر‏,‏ وباسم عمر‏:‏ عمر الأكبر وعمر الأصغر‏,‏ وباسم عثمان‏.‏
واستمرت العلاقة الطيبة بين الصحابة والآل رضوان الله عليهم حتي في أشد أزماتهم واختلافاتهم‏:‏ فهذا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عندما جاءه نعي علي بن أبي طالب‏,‏ يقول‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏ وجعل يبكي فقالت اخته‏:‏ أنت بالأمس تطعن عليه واليوم تبكي عليه ؟ فقال‏:‏ ويحك إنما أبكي لما فقد الناس من حلمه وعلمه وفضله وسوابقه وخيره‏.‏ وقال‏:‏ ذهب الفقه والعلم بموت علي بن أبي طالب‏.‏
حكمهم‏..‏ طاعة ورقابة
أدركوا عظم تولي المسئولية‏,‏ وخطورة قيادة الرعية‏,‏ واضعين أنفسهم دوما أمام ضمائرهم‏,‏ مترقبين لوقت لقاء خالقهم‏.‏ يحدثنا عن مبادئهم في الحكم فضيلة الشيخ علي عبد الباقي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية‏,‏ يقول‏:‏ أول ما حرص عليه الصحابة هووحدة الأمة‏,‏ ووحدة الكلمة‏,‏فمن مبادئ خطبة أبي بكر الصديق يوم سقيفة بني ساعدة‏,‏ قال‏:(‏ وإنه لا يحل أن يكون للمسلمين أميران‏,‏ فإنه مهما يكن ذلك يختلف أمرهم وأحكامهم‏,‏ وتتفرق جماعتهم ويتنازعوا فيما بينهم‏,‏ هنالك تترك السنة وتظهر البدعة‏,‏ وتعظم الفتنة‏,‏ وليس لأحد علي ذلك صلاح‏)‏ وعندما وقف أثناء بيعته رجلا من الانصاروقال له‏:‏ منا رجل ومنكم رجل‏,‏ فقال عمر بن الخطاب سيفان في غمد واحد؟‏!‏ إذا لا يصلحان‏.‏ وكان يقول‏:‏ إذا كانوا ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم‏.‏
وعن علي بن أبي طالب أنه قال‏:(‏ اقضوا كما كنتم تقضون‏,‏ فإني أكره الخلاف‏,‏ حتي يكون للناس جماعة‏,‏ أو أموت كما مات أصحابي‏)‏ كما طبقوامبادئ العدل والحرص علي الشفافية كالآتي‏:‏
شروط الحاكم
كان عمر بن الخطاب يحدد شروط من يتولي الإمارة قائلا‏:‏ رجل إذا كان أميرهم كان كأنه رجل منهم‏,‏ وإذا لم يكن أميرهم كان كأنه أميرهم‏.‏
طاعةالخلفاء
عن عمر قال‏:‏ إذا كانوا ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم عن عبد الله بن يزيد قال‏:‏ بعث رسول الله صلي الله عليه وسلم عمرو بن العاص في سرية فيهم أبو بكر الصديق وعمر فلما انتهوا إلي مكان الحرب أمرهم عمرو أن ينوروا نارا‏,‏ فغضب عمر وهم أن يأتيه‏,‏ فنهاه أبو بكر وأخبره أنه لم يستعمله رسول الله إلا لعلمه بالحرب‏,‏ فهدأ عمر‏.‏
الشجاعة في الحق
عن عروة قال‏:‏ أتيت عبد الله بن عمر بن الخطاب‏,‏ فقلت له‏:‏ إنا نجلس إلي أئمتنا هؤلاء‏,‏ فيتكلمون بالكلام نحن نعلم أن الحق غيره فنصدقهم ويقضون بالجور فنقويهم ونحسنه لهم‏.‏ فكيف تري في ذلك؟ فقال‏:‏ ياا بن أخي‏,‏ كنا مع رسول الله نعد هذا نفاقا‏,‏ فلا أدري كيف هو عندكم‏.‏ كما يروي أن عمر بن الخطاب رد علي أبي بن كعب قراءة آية‏,‏ فقال أبي‏:‏ لقد سمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنت يلهيك‏_‏ يا عمر‏_‏ الصفق‏-‏ البيع والشراء‏-‏ بالبقيع‏.‏ فقال عمر‏:‏ صدقت‏,‏ إنما أردت أن أجربكم هل منكم من يقول الحق؟ فلا خير في أمير لا يقال عنده الحق ولا يقوله
حقوق الرعية
كان عمر إذا قدم عليه الوفد سألهم عن أميرهم‏:‏ أيعود المريض؟ أيجيب العبد؟ كيف صنيعه؟ من يقوم علي بابه؟ فإن قالوا لخصلة منها‏:‏ لا‏,‏ عزله‏.‏وكان إذا استعمل عاملا فقدم إليه الوفد من تلك البلاد قال‏:‏ كيف أميركم؟ أيعود المملوك؟ أيتبع الجنازة؟ كيف بابه؟ أين هو؟ فإن قالوا‏:‏ بابه لين‏,‏ ويعود المملوك‏,‏ تركه‏,‏ وإلا بعث إليه ينزعه
تفقد الأحوال‏:‏
كان عمر بن الخطاب يتعاهد عجوزا كبيرة عمياء في حواشي المدينة من الليل‏,‏ فيستسقي لها ويقوم بأمرها‏,‏ وكان إذا جاءها وجد غيره قد سبقه إليها فأصلح ما أرادت‏,‏ فجاءها غير مرة فلا يسبق إليها‏,‏ فرصده عمر فإذا هو بأبي بكر الصديق الذي يأتيها وهو خليفة‏.‏ فقال عمر‏:‏ أنت لعمري‏.‏
الأخذ بظاهر الأعمال
عمر بن الخطاب يقول‏:‏ إن ناسا كانوا يؤخذون بالوحي‏-‏ يفضحهم الوحي حين ينزل كاشفا لهم‏-‏ في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم‏,‏ وإن الوحي قد انقطع‏,‏ وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم‏;‏ فمن أظهر لنا خيرا آمناه وقربناه‏,‏ وليس إلينا من سريرته شيء‏,‏ الله يحاسبه في سريرته‏,‏ ومن أظهر لنا شرا لم نأمنه ولم نصدقه‏,‏ وإن قال إن سريرته حسنة‏.‏
مسئولية المراقبة
قال عمر بن الخطاب‏:‏ أرأيتم أن استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمرته بالعدل‏,‏ أقضيت ما علي؟ قالوا‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ لا‏,‏ حتي أنظر في عمله‏:‏ أعمل بما أمرته أم لا ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.