البداية.. عندما نظمت لجنة التعليم بمجلس الشوري مؤتمرا بمشاركة مدارس دار حراء النموذجية بأسيوط لبحث ظاهرة مقاهي الإنترنت و هروب التلاميذ إليها خلال فترة اليوم الدراسي, وأوضحت وفاء مشهور عضو لجنة التعليم بمجلس الشوري أن فكرة المؤتمر بدأت عقب تلقي استغاثات كثيرة من الأمهات تطالبن فيها بإنقاذ أبنائهن من مقاهي الإنترنت التي باتت تهدد مستقبل الأبناء خاصة في مرحلة المراهقة.. و تعد استغاثات الأمهات من هروب التلاميذ من المدارس بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.. فقد أصبحت الأسرة مكتوفة الأيدي أمام التكنولوجيا الحديثة ورفض الأبناء نصائحهم, و إغلاق آذانهم أمام انبهارهم بالشات والفيس بوك والتويتر والبلاي استيشن بالإضافة إلي الألعاب التي تبث عبر الإنترنت بين الحين والأخر. و السؤال الآن: كيف نحارب هذة الظاهرة الخطيرة التي تهدد مصير أبنائنا! يجيب د. حمدي حافظ أستاذ الاجتماع بجامعة جنوبالوادي: مقاهي الإنترنت تفتح ذراعيها للأطفال والمراهقين الذين حصلوا علي قدر كبير من الحرية من آبائهم, و للأسف الحب المفرط والتدليل الزائد وتلبية جميع المطالب وغيرها من العوامل التربوية الخاطئة يعتاد عليها الأبناء ويشبوا عليها, وبمرور الوقت يفقد الآباء والأمهات سلطتهم علي الأبناء ولا يجدون آذانا صاغية لنصائحهم, ولذلك لابد أن ندرك أننا يمكن أن نمنح الحرية لأبنائنا مع التوجيه, حيث يحتاج الأطفال في نموهم للحرية لكنهم يحتاجون أيضا إلي الانضباط والنظام, وتعلم تحمل المسئولية, وهذا الأمر شاق وعسير, وبالتالي يحتاج إلي مران وخبرة, كما أن الطفل يحتاج إلي من يرشده ويعلمه كيف يسلك سلوك الراشدين, ونظرا لعدم نضجه وضعف ثقته بنفسه يحتاج إلي نصحنا الذي يرسم له بعض الحدود وبعض القرارات. ويحذر د.حمدي حافظ من التضييق في منح الحرية فهو من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الآباء, وهو ما يدفع بالأبناء خاصة في مرحلة المراهقة للهاوية, فتضييق الخناق لا يتيح الفرصة لنمو الطفل نموا صحيحا سويا, و تتولد لدي بعض الأبناء الرغبة في الخروج عن طاعة الوالدين, فيهرب الابن من المدرسة و يذهب إلي مقاهي الإنترنت ليجرب و يعيش مناخ الحرية الذي حرم منه. و يري د.عادل مدني أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر أن هناك عوامل عديدة لهروب التلاميذ من المدارس أثناء اليوم الدراسي, منها ضغط الأسرة علي الأبناء ودفعهم للمذاكرة طوال اليوم وحرمانهم مثلا من مشاهدة التليفزيون أو الجلوس أمام الكمبيوتر أوسماع الموسيقي ومراقبتهم أثناء الحديث في الموبايل وغيرها من الأمور التي تشعر الأبناء بالكبت, هذا بالإضافة إلي ثقل المناهج الدراسية وقسوة بعض المدرسين في التعامل. هذه العوامل مجتمعة مع عدم رغبة الطالب في التعليم تدفعه للهروب خصوصا عندما يعلم أنه قد يتعرض للضرب والإهانة في حالة عدم النجاح أو عدم الحصول علي الدرجات التي يأملها الآباء, فيجد الملاذ في مقاهي الإنترنت التي تفتح أبوابها من الصباح الباكر لاصطياد هذه الفئة! ويضيف: إن هناك خطوات أساسية لمواجهة هذه المشكلة يمكن تطبيقها, فمثلا لابد أن يكون هناك حوار متصل للآباء مع الأبناء, ويجب أن نعود الطفل علي الصراحة وعدم الخوف, وإذا كانت المشكلة تتعلق بعدم رغبة الطفل في التعليم مثلا هنا لابد من إيجاد حلقة وصل مع المدرسة والتحدث مع الاخصائي الاجتماعي وتفهم المشكلة والعمل علي تهيئته لحب المدرسة بتشجيع من الآباء والمدرسين معا. و الخطوة التالية: في البيت حيث يمكن تشجيع الطفل علي مزاولة أي هواية يرغب فيها مثل جمع الطوابع و تنسيقها في ألبوم, أو تشجيعه علي التصوير وشراء الصور التي يقوم بالتقاطها أو الرسم وغيرها من الأشياء, وهنا يشعر الطفل بالإشباع والاكتفاء الذاتي. و يشير د.عادل مدني إلي أن الآباء الأمهات قد يواجهون بتساؤلات من الأبناء وحول قيمة ما يدرسونه, وهنا يمكن أن نساعدهم بربط التعليم بنواحي النشاط المتعلقة بالحياة الواقعية, فمثلا نربط مادة الرياضة بكل ما يحتاج للحساب في حياتنا مثل مصروف البيت وغيره من الأمور, وبهذه الطرق و غيرها تستطيع الأسرة أن تساعد الأطفال علي بناء أسس تجعل لعمل المدرسة معني لهم, وبالتالي يديرون ظهورهم ل مقاهي الإنترنت.