في يوم واحد رحل صديقان عزيزان غاليان الأول أمين فخري عبد النور بعد أن كسر سن المئة لكنه مات شابا مرحا ودودا خفيف الظل يتذكر كل أصدقائه ويواصل الاتصال بهم, وكان من لوازمه إذا أحب شخصا وإمتلكته صداقته أن يشترط عليه أن يناديه بإسمه أمين مجردا من أي لقب, ولهذا لم يحدث أن ناداه إبناه رجل الأعمال فخري عبد النور والسياسي الدائم ووزير السياحة السابق منير عبد النور بغير كلمة أمين. الراحل العزيز الثاني الأستاذ منصور حسن الذي توفاه الله في الخامسة والسبعين وكان آخر اتصال لي معه قبل ثلاثة أسابيع وقال لي أنه سيحضر واجب عزاء في القاهرة ثم يعود إلي مقره الدائم في العين السخنة شتاء بسبب حالة الربو المزمنة التي كان يعاني منها. و هذه الحالة المزمنة من مرض منصور هي التي كانت في الواقع وراء انسحابه في اللحظات الأخيرة من ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية بعد أن أعلن في مارس الماضي خوضه هذه المعركة, لكن زوجته السيدة قسمت أعانها الله علي تحمل مصابها كانت مشفقة عليه رافضة أن يصبح رئيسا. وكان منصور حسن قد وجد تأييدا كبيرا من مختلف القوي الشعبية التي وجدت فيه وطنيا مخلصا صاحب عقلية منظمة برزت بصورة خاصة في رئاسته للمجلس الإستشاري الذي خفف كثيرا من درجة الاحتقان التي سادت بين الشعب والمجلس العسكري بسبب عدم تمرس الأخير بشئون السياسة. وكان علي منصور أن يختار بأمانة بين قدراته الصحية التي يعرفها وبين واجبات المنصب الذي يقبل عليه فقرر الإنسحاب. وهو الاختيار الصعب الثاني الذي واجهه منصور وكان الأول عندما أدرك الرئيس الراحل أنور السادات شخصية منصور السياسية الذكية صاحبة الرؤية, وراهن عليه ودفع به وزيرا للإعلام والثقافة وشئون رياسة الجمهورية مما جعل حسني مبارك في ذلك الوقت لاينام بسبب هذا الصاعد إلي القمة بسرعة, لكن منصور رغم كل المغريات والأضواء وحبه الشديد للسادات اختار ضميره الذي لم يتقبل قرارات إعتقالات سبتمبر81 التي أصدرها السادات, فترك السلطة والأضواء, وتغير تاريخ مصر. [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر