انتهي المصريون أمس من التصويت علي الدستور الجديد, وأيا كانت النتيجة التي نتوقع أن تكون نعم وبنسبة لن تقل في المرحلتين عن65% فإن هذا الدستور بكل ما جلبه لمصر من فوضي وإنقسام.وسالت بسببه الدماء الطاهرة من أبناء مصر من كلا الفريقين, يعد من وجهة نظري دستورا لمرحلة مؤقتة, وحالة ضرورة حتي ننقذ البلاد من الفوضي, ونمكن الحكومة من التركيز مجددا علي الإقتصاد, ووقف نزيف الخسائر, والخروج من الضبابية التي تهدد في حال استمرارها بضياع محقق, وخسارة فادحة لكل الاطراف. وأنا علي ثقة من صدق نية الرئيس محمد مرسي بأن يقوم البرلمان الجديد حال إنتخابه بمناقشة المواد الخلافية في الدستور وتنقيحها, ولكن لن يكون هذا حلا للخلاف, فهناك أغلبية حاكمة في المجلس قد لا تتفق مع رؤية الأقلية سواء كانت الأغلبية من التيار الإسلامي أو من التيار الليبرالي, فمما لا شك فيه أن مصر تحتاج وتستحق دستورا يتوافق علية الشعب المصري بنسبة لا تقل عن85%, وهذا صعب في المرحلة الحالية فلا بأس بأنصاف الحلول بأن يكون هذا الدستور بمثابة سفينة إنقاذ مؤقتة, تحمل كل الفرقاء حتي يعود الاقتصاد من جديد, وتنضج كافة الرؤي لكل الأطراف, ويتم البناء علي نقاط التوافق المتاحة مهما كانت قليلة, لوضع دستور جديد. الإقتصاد لن يعود في ظل الفوضي, أو بسيطرة تيار واحد علي مقاليد الأمور, أو بتغييب قسري لقوي وكوادر مهمة في المجتمع, ولكنه سيعود بالتسامح, والتوافق, وتنازلات من هنا وهناك, وفتح الأبواب أمام الحرية بكل صورها السياسية والإقتصادية, وذلك حتي يمكن أن نمهد الطريق لعودة الإستثمار والسياحة. عجز الموازنة سيصل إلي200 مليار جنيه, والموارد أقل من60% من النفقات, هذا يعني أننا في مرحلة شديدة الخطورة إقتصاديا, فالسفينة تغرق, والبحارة يتحاربون, فما ذنب باقي الركاب الذين يرغبون في الوصول للبر بأمان؟ إذا كان هذا غضب من الله, فلا مفر من التضرع والدعاء لكشف هذا الضر, وإذا كان نعمة في صورة نقمة, فلا مفر أيضا من الدعاء للخروج من هذه النقمة, فما نراه اليوم علي الساحة السياسية والإقتصادية والإجتماعية لا يعني سوي شئ واحد.. إنتحار جماعي, ولله الأمر من قبل ومن بعد.