الجائزة العالمية للمتاحف والتراث هي إحدي أرفع الجوائز الثقافية الدولية التي تمنح سنويا لأفضل المواقع التراثية والمتاحف, تم منحها هذا العام لمركز الطفل للحضارة والإبداع بالقاهرة كأفضل متحف يهتم بالطفل. وإذا قمت باصطحاب طفلك لهذا المركز والمعروف باسم متحف الطفل سوف تعرف أنه حقا يستحق هذا الاعتراف العالمي.. فأول ما سيقابل طفلك عند مدخل المتحف هو تصميمه المستوحي من الأهرامات وعلم الفلك الذي برع فيه قدماء المصريين ليمثل مزجا بين عراقة الماضي وآفاق المستقبل.. ثم تبدأ رحلته عندما يقابله مجري نهر النيل من المنبع والذي يمتد بطول مساحة حديقة المركز, وهو الفكرة الأساسية في تصميم المتحف لاستعراض حضارة مصر علي مر العصور منذ40 مليون سنة وحتي العصر الحالي.. ويتعرف الطفل علي بداية قصة حضارة مصر من منابع نهر النيل ببحيرة فيكتوريا, والدول الثلاث المطلة عليها وهي كينيا وأوغندا وتنزانيا, ويري بنفسه أشجار الغابات الاستوائية ونباتات السافانا كالتي تنمو في بلاد حوض النيل. وتستمر رحلة الطفل مع مسار نهر النيل حيث يشاهد خلالها نماذج الحيوانات التي تعيش في بلاد حوض النيل, كالأسد الإفريقي والزرافة والغزلان والتماسيح وفرس النهر, وجميع هذه النماذج صنعت من مواد صديقة للبيئة لا تسبب ضرر للأطفال. كما صممت اللوحات الإرشادية لمسار النيل علي الجانبين لتتماشي مع فكرة المتحف الأساسية وهي التعليم من خلال اللعب, فبعض اللوحات علي شكل لعبة بسيطة تمنح الطفل معلومات عن المنطقة التي يمر بها وأخري علي شكل كتاب مفتوح به قصص مصورة, وروعي في تصميم اللوحات أن تتحمل العوامل الجوية الخارجية كأشعة الشمس والأمطار. ثم يمر الطفل علي منطقة الحديقة الفرعونية, وفيها يتعرف علي النباتات التي كان يستخدمها قدماء المصريين في طرق العلاج المختلفة, وبعدها يتعرف علي منطقة الريف المصري التي تضم نماذج للبيوت الريفية وأبراج الحمام وأشهر زراعات الريف, وعلي الجهة الأخري يشاهد الطفل منطقة البيئة الصحراوية وأشهر النباتات والحيوانات التي تعيش هناك. ويمضي الطفل لمشاهدة بيت الفراشات ويتعرف علي أماكن تواجدهم المختلفة بمصر ثم بيت الطيور ليتعرف علي أنواعها, حيث يعيش في مصر487 نوعا من الطيور.. وتنتهي رحلة الطفل مع مسار نهر النيل الذي تبلغ مساحته13 فدانا( بطول حديقة المتحف) ليمر علي منطقة الدلتا والأسكندرية التي تضم نموذجا لمراكب الصيد وطيور البجع وبحيرة الأسماك. إلي هنا.. لا تنتهي رحلة الطفل داخل المركز.. حيث يتبقي أمامه أن يتجول داخل مبني المتحف الذي صمم ليعبر عن التاريخ المصري القديم والحديث بدءا من قياس الوقت بالظل في عصر الفراعنة ووصولا لعلم الفلك الحديث بمصر المعاصرة, فالدور الأرضي للمتحف يتحدث عن العلوم والحضارة الفرعونية من الفنون والبناء ونموذج لمقبرة توت عنخ آمون والطب عند الفراعنة ثم تنتهي بمنطقة تنقيب عن الآثار الغارقة بالأسكندرية, أما الدور الأول فيتعرف فيه الطفل علي الحياة اليومية للفراعنة وارتباطها بالنيل والمواسم الثلاثة المرتبطة بالزراعة, والمدرسة الفرعونية والسوق والاحتفالات المختلفة مثل وفاء النيل ويري محتويات البيت الفرعوني, وعندما يصعد الطفل إلي الدور الثاني يشاهد مصر اليوم.. حيث السد العالي ووادي الحيتان والصحراء, وعندما يصل إلي الدور الأخير بالمبني سوف يشاهد عرضا شيقا لكواكب المجموعة الشمسية والكرة الأرضية, ونموذجا لأول طائرة حلقت بسماء مصر عام1914 م, ومركبة الفضاء ويتعرف علي مكوناتها, ويخرج الطفل بعد هذه الجولة الطويلة الشيقة عن طريق سلم خارجي يشرح طريقة حساب القدماء المصريين للوقت بقياس طول او اتجاه الظل. ونعود للجائزة العالمية التي منحت للمركز هذا العام فيقول د. أسامة عبد اللطيف مدير المركز عنها أنها تمنح للمتاحف التي تقدم خدمات بشكل غير مباشر للجماهير, ولأن المركز يقدم خدمة تعليمية متميزة لذلك منح الجائزة, فهو مهيأ من حيث التصميم والعمارة والعرض ليخدم العملية التعليمية خاصة للأطفال, بالإضافة إلي سرد تعليمي مبسط لتاريخ مصر من القديم إلي الحديث بوسائل تعليمية مرئية ومسموعة ومعروضات مبنية علي فكرة التفاعل بين الطفل والمعروض, بالإضافة إلي ورش العمل المرتبطة بالزيارة والتي تشجع الطفل علي إبداعات أخري يكتشفها في نفسه.