يترقب المثقفون في مصر والعالم افتتاح المتحف المصري الكبير الذي يقام بالقرب من أهرامات الجيزة, لتودع الكثير من القطع الأثرية الفريدة مكانها القديم في المتحف المصري بميدان التحرير في قلب القاهرة, ولكن ماذا سيكون دور المتحف القديم الذي "استضاف هذه الآثار منذ عام 1902؟ تعود فكرة وجود متحف لعرض الآثار المصرية القديمة إلى عام 1835 عندما أقيم متحف بحديقة الأزبكية وكان يضم آنذاك عدداً كبيراً من الآثار المتنوعة، ثم نقل المتحف بمحتوياته إلى قاعة العرض الثانية بقلعة صلاح الدين الأيوبي، وعندما فكر عالم المصريات الفرنسي " ميريت " وكان يعمل بمتحف اللوفر ، في زيارة لمصر للحصول على بعض المخطوطات القبطية لضمها إلى مجموعة باريس فشل في هذه المهمة لرفض الكنيسة المصرية منحه تلك المخطوطات وإصدارها قراراً بتحريم بيع المخطوطات، لذلك قرر البقاء في القاهرة للقيام بالتنقيب عن الآثار في منطقة سقارة، وافتتح متحفاً يعرض فيه مجموعة من الآثار على شاطئ النيل عند بولاق ، وعندما تعرضت هذه الآثار لخطر الفيضان تم نقلها إلى ملحق خاص بقصر الخديوي إسماعيل بالجيزة ، ثم جاء عالم المصريات " جاسنون ماسبيرو " وافتتح عام 1902 في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني المبنى الجديد في موقعه الحالي في قلب القاهرة. وكان المهندس الفرنسي مارسيل دورجونون وضع تصميم المتحف عام 1896 ليظهر إلى النور عام 1902 والمتحف مكون من طابقين قاعاتها الداخلية فسيحة ذات جدران عالية. يضم المتحف المصري أكثر من 150 ألف قطعة أثرية من أهمها المجموعات الأثرية التي تم العثور عليها في مقابر الملوك والحاشية الملكية للأسرة الوسطى التي تم العثور عليها في دهشور عام 1894 ومقبرة الملك تحتمس الثالث وآثار من عهد امننحتب وحور محب وقناع توت عنخ آمون. 150 الف قطعة يضم المتحف الآن أعظم مجموعة أثرية في العالم تعبر عن كل مراحل التاريخ المصري القديم من الدولة القديمة ويضم تماثيل خوفو – منقرع – راجوثب – تمثال شيخ البلد ( كاعبر) الأثاث الجنائزي الذي وجد في مقبرة حتب حورس . ومن الدولة الوسطى يضم المتحف تماثيل عينتو حوتب الثاني ، ونماذج وجدت في مقبرة شح رع وتماثيل سنوسرت الثالث ، أمنمحات الثالث ، فضلاً عن الحلي الخاصة بأميرات الدولة الوسطى ( ميريث – ديست – هانور- ميفر ون- بتاح ). ومن الدولة الحديثة يضم المتحف مجموعات الحلي الخاصة بأحونت ، وتماثيل لحتشبسوت وأمنحوتب – إخناتون – نفرتارى – بويا – ثوبا ( والدة اخناتون وزوجة أمنمحوتب ) كما يخصص الجناح الشمالي بالدور العلوي من المتحف لعرض كنوز توت عنخ آمون التي تضم أكثر من 3500 قطعة يعرض المتحف منها 1700 قطعة منها فقط. ونظرا لضخامة عدد القطع الأثرية والمقتنيات الأثرية الثمينة في المتحف ، فقد بدأ إنشاء متحف جديد ، يليق بقيمة الآثار المصرية و عظمتها بالقرب من الأهرامات ، ويجري العمل فيه حاليا و يستكمل في عام 2011 . متحف تاريخ الفن ورغم أن المتحف الكبير سيفتتح عام 2009، لن ينتهي دور المتحف المصري القديم ولن تغلق ابوابه. وتقول د. وفاء صديق مدير المتحف المصري. إنه سيكون مخصصاً لتاريخ الفن المصري القديم وسيحتفظ بروائع الفن وبالقطع النادرة التي لا مثيل لها فى العالم، مثل لوحة نارمر الشهيرة التي توضح توحيد شطري البلاد الشمالي والجنوبي. وتمثال الملك زوسر باني الهرم المدرج بسقارة. وتمثال خفرع ورأس حتشبسوت . وبعض تماثيل الملك تحتمس الثالث وغيرها. واضافت مدير المتحف أن مشروع التطوير الذي يجري العمل به حاليا يعمل على الاستفادة من موقع المتحف المصري وبخاصة بعد نقل مجموعة توت عنخ آمون التي تستقطب معظم الزوار ومن ضمن الافكار ان يفتح المتحف أبوابه في الفترة المسائية للزوار من الفنادق المحيطة به والمصريين. كما أن المتحف سيلعب دوراً تعليمياً وسيكون هناك قاعات للمحاضرات وقاعة عرض سينما ثلاثية الابعاد ويجري العمل الآن في متحف للطفل يساعد الاطفال في معرفة التاريخ المصري وتنمية مهاراتهم الفنية. كما يقدم المتحف المصري الان برنامجا خاصا للمكفوفين. وتقوم مجموعة من الخبراء الايطاليين قامت من قبل بتطوير قاعات العرض في مختلف المتاحف العالمية في لندن وباريس بوضع خطة لتطوير المتحف وتدريب المرممين وامناء المتحف على الاساليب الحديثة في العرض والترميم. كما سيتم الاستفادة من قاعاته في المحاضرات والندوات التي تثري الحياة الفنية بمصر. المتحف المصري الكبير وعلى صعيد العمل في المتحف الكبير انتهت وزارة الثقافة من أعمال المرحلة الثانية للمشروع الذي تقيمه وزارة الثقافة بالقرب من طريق القاهرة-الإسكندرية الصحراوي والذي سيكون من أكبر متاحف الآثار في العالم. وتضم هذه المرحلة: المركز الدولي للترميم ووحدة ضخمة للإطفاء ومحطتي محولات لتوفير الطاقة الكهربائية اللازمة للمشروع. وقال فاروق حسني وزير الثقافة المصري إن المتحف الذي تقيمه الوزارة على مساحة 117 فدانا يعد أعظم مشروع حضاري وثقافي خلال القرن الجديد وهذا ما أكدته جريدة "التايمز "البريطانية عندما اختارته كثاني أهم 10 مشروعات ضخمة سيكون لها دور مهم على الحضارة الإنسانية خلال الفترة المقبلة. وتبلغ تكاليف المرحلة الثانية من المشروع والتي تشمل مركز ترميم الآثار والمخازن ومحطة الكهرباء ووحدة الإطفاء 300 مليون جنيه (الدولار يعادل 5.5 جنيه) ومقامة على مساحة 80 ألف متر مربع, بينما تبلغ تكلفة المشروع باكمله حوالى 550 مليون دولار منها 100 مليون تمويل ذاتي والباقي بواقع 300 مليون دولار قرض ياباني ميسر يسدد بعد فترة سماح 20 عاما وبفائدة بسيطة 1.5 %، إضافة إلى 150 مليون دولار من التبرعات والمساهمات المحلية والدولية حيث تم حتى الآن جمع حوالي 8 ملايين دولار، يقام المتحف الجديد علي سهل صحراوي ويري زائره أهرامات الجيزة وهي أحد أعظم الآثار في العالم. ويشير تصميم المشروع إلي طموح مصري كبير في إخراج تحفة معمارية جديدة بالقرب من أهرامات الجيزة حيث تغطي واجهة المتحف الجديد الألابستر ويتناغم سقفه مع الأهرام. وتقود البوابة المثلثة العملاقة في مدخل المتحف إلي باحته الرئيسية التي سيتصدرها تمثال ضخم للفرعون رمسيس الثاني يصل وزنه إلي 83 طنا والذي يوجد حاليا في قلب العاصمة بميدان رمسيس. وكان الرئيس حسني مبارك قام عام 2002 بوضع حجر الأساس للمشروع، وتم الإعلان عن المسابقة الدولية لمشروع تصميم المتحف والتي تقدم لها 1557 بحثاً من 83 دولة، حيث شارك في التصميم الفائز 14 مكتبا استشارياً من 5 دول مختلفة.. و تم التعاقد مع فريق التصميم لإعداد المرحلة الأولى والتصميمات التي انتهت في يونيو/ حزيران 2004 . و سيتم ربط مشروع المتحف مع هضبة الأهرامات لتكون وحدة واحدة عن طريق ممر بطول 2 كيلومتر بالإضافة إلى عمل أسوار حول موقع المتحف لفصله عن الازدحام المروري خارجه وتخصيص شبكة مواصلات داخلية وعربات كهربائية لنقل ضيوف المتحف إلى كافة إرجاء المتحف والمتنزهات والحدائق التي تحيط به . واجهة المتحف ستبلغ مساحتها 600 متر بطول 45 مترا تغطيها احجار الالاباستر الشفافة وارتفاعها يعادل 5 ادوار وذات حوائط شفافة ومضاءة ليلا لترى من كافة أنحاء القاهرة ، فيما روعي في ارتفاع الحوائط تناسقها مع قمة الهرم الأكبر بحيث إذا أقمنا خطا مستقيما من نهاية حوائط المتحف سيصل إلى أعلى قمة للهرم الأكبر بمنطقة الأهرامات. ما مركز الترميم فتبلغ مساحته 14 ألف متر ويستغرق بناءه 15 شهرا ويضم معامل متخصصة تحتوى على احدث أجهزة ترميم الأحجار والجلود والمعادن والخشب بالإضافة إلى المخازن الأثرية والتي ستقسم حسب نوع الآثار. وسيتم إنشاء منطقة ترويحية على مساحة 25 فداناً تتضمن أماكن الترفيه والخدمات والحدائق العامة المختلفة والمرافق ومناطق الترفيه والتي ستخدم الجمهور على مدار 24 ساعة وروعي في تصميمها ارتباطها بتطور الحضارة المصرية وتنوعها وتشمل حدائق ارض مصر، وحدائق التماثيل الخارجية المتصلة بصالات عرض المتحف ، وحدائق الكثبان الرملية بالإضافة إلى مجموعة من الحدائق العامة المتنوعة سيتم أيضا إنشاء متحف للأطفال يخاطب كافل المراحل العمرية لتربية الأجيال الجديدة اثريا وثقافيا بالإضافة إلى مركزا للمؤتمرات وقاعات للمحاضرات . ووصف ستيفن جرونبرج عضو فريق التصميم الخاص بالقاعات الداخلية للمشروع ، المتحف المصري الكبير بأنه أعظم مشروع ثقافي عالمي ينفذ خلال القرن الحالي وسيتفوق على متاحف العالم من حيث أهميتها كونه متحفا مصريا وعن الحضارة المصرية ويقام في مصر . وقال إن فريق التصميم الخاص بفلسفة العرض الداخلي للمتحف قام بجولات وزيارات لكافة المتاحف والمعابد والمواقع الأثرية في مصر وخرج بتصور عام للشكل الذي يمكن أن يكون عليه العرض الداخلي ومستمد من تقنيات العرض والعمارة عند المصري القديم مع وضع اللمسات الحديثة والمبتكرة بشكل عصري . وأضاف أن هذا التنوع يبدو جليا فى المداخل والسلالم والممرات الداخلية وطرق وضع التماثيل والقطع الأثرية إضافة إلى الاستعانة بنفس درجات الألوان التي كانت تميز الفن عند المصري القديم وهو ما يظهر على جدران المعابد والتماثيل والنقوش الأثرية عند المصري القديم . وسيتم إحياء اللغة المصرية القديمة عبر كتابة كافة الإرشادات واللافتات التي تصف أو تشرح الأثر باللغة العربية واللغة الانجليزية بالإضافة إلى اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) ليتثنى للزائر معرفة هذه اللغة والتعايش في أجواء الماضي العريقة التاريخية . كما سيقوم فريق التصميم بإقامة متاحف داخل المتحف الكبير ، حيث سيتم نقل متحف مراكب الشمس بمنطقة الأهرامات ونقلها إلى المتحف الكبير ، بالإضافة إلى عمل صورة طبق الأصل من مقبرة توت عنخ أمون وبالشكل الذي وجدت عليه عندما اكتشفت بالإضافة إلى الكنوز المختلفة للفرعون الذهبي الصغير ، مع وضع القناع الذهبي النادر في منتصف قاعة العرض الخاصة به ليتمكن جميع من بالقاعة التمتع بمشاهدته من مختلف الزوايا والاتجاهات.