ألاحظ من قراءاتي الكثير من رسائل بريد الجمعة انحسار فضيلة( الوفاء) بين بعض الأزواج والزوجات في مصر , والحقيقة أن فهم الإنسان معني( الوفاء) يحتاج إلي خلفية إيمانية وبالطبع فإنه ليس معناه الجدعنة أو المجدعة. ولقد لمست فضيلة الوفاء واضحة جدا بين الأزواج الذين اعتصموا بحبل الله وأسلموا له وزهدوا في الدنيا وأصبحت أحاسيسهم وتصرفاتهم وأجسادهم تعيش وتعمل لآخرتهم وهل هناك وفاء أفضل من وفاء زوجة سيدنا أيوب الذي كان نموذجا للصبر وكانت هي نموذجا للوفاء وللعطاء, وأقول لكل زوجة محجبة أو منتقبة إن حجابها وإن كان فريضة علي المسلمات فإن الوفاء أيضا فريضة لا تقل عنه كما أنه أعلي درجات الفضائل ويغيب عن فكر الفتي والفتاة أن ما يراه كل واحد في الآخر هو خلق ربنا سبحانه وتعالي وأن الجسد الذي يراه بعينه مهما يكن جميلا أو دميما هو نفسه الجسد الذي سجدت له الملائكة فكيف أجيء أنا الإنسان الذي سجدت الملائكة له وأفكر في أذاه أو تحقيره أو أن أبغض هذه الخلقة أو ألعن شكله وأنفر منه, وأغضب علي خلقة الله التي خلقها لأن فيه عيبا شكليا لا ذنب له فيه فربما يكون ضعيف البصر أو ضريرا أو ضعيف السمع أو أبكم أو كثيف الشعر أو أصلع أو قصير القامة أو فارع الطول أو ضعيفا, كل ذلك فيما يتعلق بالصفات الظاهرة كما أن هناك أيضا كثيرا من الإعاقات والعجز الجسدي ما لا يمكن كشفه إلا بعد الزواج أضف إلي ذلك أن من الإعاقات الخلقية أيضا ضعف القدرة علي الفهم والتخلف العقلي, والجدير بالذكر أن معظم الناس يتصورون أن كلمة التخلف العقلي تعني الجنون معتقدين أن الحالة العقلية للإنسان درجتان فقط إما عاقل وإما مجنون ولكن الواقع يقول إنها درجات كثيرة جدا بحيث لا يوجد خط واضح حاد فاصل بين الحالتين والأكثر من ذلك ان الذكاء المفرط هو حالة أيضا من حالات الجنون وكم من سيدة تزوجت من زوج في منتهي الذكاء ومتفوق علميا لتكتشف انه بمقاييسها مخبول وغريب الأطوار فتتسرع وتطلب الطلاق منه وكنت ألاحظ في الأجيال القديمة معني عظيما لكلمة الوفاء, فالزوجة تتزوج من رجل كفيف مثلا لتكسب فيه ثوابا وتفضله علي رجل بصير وتعيش معه وتبني معه أسرة ويتندر الناس بهما, وكذلك كان يحدث أن رجلا صحيحا يتزوج من كفيفة أو بكماء وخرساء ليكسب فيها ثوابا وكم من فتاة في منتهي الجمال تزوجت مجانا من رجل معاق كما أن هناك أمثلة كثيرة لمن يعانون من العقم من الرجال والنساء وكان في الماضي كل طرف يستحرم أن يغضب علي قسمة ربنا فيه ونصيبه من الدنيا فلا يتسرع بطلب الطلاق من الطرف الآخر بعد اكتشافه عيبا أو عيوبا جسدية أما الآن فقد أصبح الزواج من أصحاب الإعاقات ضربا من الخيال كما تزايدت حالات الطلاق بسبب العجز أو الضعف بعد إصابة أحد الطرفين بمرض أو التعرض لحادث ويحتاج لمساعدة الطرف الثاني.. أليس ذلك هو وقت الوفاء ولقد أرسل الله سبحانه وتعالي الغراب للإنسان ليعلمه كيف يواري سوأة أخيه ألم يرسل الله الي الانسان مخلوقا ليعلمه الوفاء وهو الكلب فهل عرفتم أصل الداء وكيف أن الوفاء قد انحسر بيننا بسرعة مخيفة لأن الإيمان قد انحسر بنفس المعدل برغم ازدياد مظاهر التدين وهكذا تزايدت الخسة والنذالة والخيانة والأنانية. ولكاتب هذا التعليق المهندس حسن شميس أقول: أصبت كبد الحقيقة يا سيدي, فلقد غاب في هذا الزمن العجيب الإيثار, وحلت محله الأثرة والأنانية.. وإذا كان هذا حالنا فمن الطبيعي أن تختفي كل الصفات الحميدة, ومنها الوفاء وأرجو أن نتعلم الدرس ونسعي إلي إعادة نشر بذور الإيثار والمحبة والوفاء والإخلاص, فربما نستعيد الزمن الجميل من جديد.