أدي المصريون واجبهم علي النحو الاكمل, وخرجوا الي صناديق الاستفتاء بكثافة عالية, وانتظروا في الطوابير التي تضم المؤيدين والمعارضين ساعات طويلة دون حدوث مشاحنات تعكر صفو هذا اليوم الذي يؤكد ان هذا الشعب المتحضر يزداد اصرارا علي حقه في الديمقراطية, وباستثناء حادث حريق صحيفة الوفد المحدود الذي تشير اصابع الاتهام الي ان جماعة حازمون هي التي ارتكبته, مضي اليوم الاول للاستفتاء آمنا رغم تصاعد الازمة علي امتداد الاسبوعين الماضيين, لكن شكاوي الناخبين التي لم تنقطع بلاغاتها طول النهار حفلت باتهامات عديدة, تنوعت ما بين تسويد البطاقات في بعض اللجان وتعطيل طوابير الناخبين عمدا في بعض المناطق, وتوزيع بطاقات تصويت غير مختومة في عدد من اللجان, اضافة الي عدد من الانتهاكات الاخري يصعب التثبيت منها الا بحكم قضائي. والواضح من سير عملية الاستفتاء ان نسبة غير صغيرة من المواطنين ذهبت الي صناديق الاستفتاء لكنها لم تتمكن من الادلاء بأصواتها بسبب الزحام رغم تمديد فترة التصويت ساعتين, وان نقص اعداد القضاة والموظفين اثر علي سلامة عملية الاستفتاء, وان النتائج التي تم اعلانها في اللجان الفرعية لن تسلم من طعون عديدة علي صحتها, فضلا عن آثارها المتوقعة علي استثناء السبت القادم, الذي يجري في باقي المحافظات ويشمل38 في المائة من جملة المقيدين في الجداول الانتخابية في ظل توقعات تؤكد الاحتمالات المتزايدة لمقاطعة القوي المدنية للمرحلة الثانية من الاستفتاء طعنا علي صحة المرحلة الاولي. وايا كانت نتائج الاستفتاء في مرحلته الاولي فثمة شكوك في انها لن تحظي بقبول نسبة غير قليلة من الناخبين خرجوا ليقولوا لا وربما لا تكون موضع اعتراف قوي المعارضة التي تصر علي تزوير النتائج في غيبة وجود قاض لكل صندوق, لكن أكثر ما يخشاه الانسان ان يعود التوتر مرة اخري وتزداد حدة الاستقطاب والعنف في ظل هذه المقاطعة المحفوفة بمخاطر التصعيد, خاصة اذا دخل في روع الحكم ان نتائج الاستفتاء تبرر له الاستمرار في خياراته الراهنة, بدلا من الالحاح علي ضرورات المصالحة الوطنية لضمان استقرار حقيقي ينشده غالبية. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد