تراجع الرئيس مرسي عن زيادات الأسعار المفاجئة التي دبرتها الحكومة بليل, وقبل ذلك تراجع عن الإعلان الدستوري الذي جري تدبيره أيضا بليل, ولم يبق إلا أن يتراجع عن الموعد الذي حدده للاستفتاء علي الدستور يوم السبت القادم. وإذا كان الرئيس قد وجد المبرر لوقف زيادات الأسعار لإجراء ما أسموه حوار جماعي مع أفراد الشعب, فإن الأولي بهذا الحوار الجماعي مع الشعب هو الدستور, أما الأسعار فالحوار المطلوب يكون مع الخبراء والمتخصصين. هناك كثيرون مازالوا موجودين من شهود غلطة حكومة ممدوح سالم عام1977 قبل35 سنة عندما كان الحديث وقتها عن الرخاء القادم بعد حرب أكتوبر, لكن المواطنين فوجئوا صباح يوم18 يناير بقائمة طويلة من السلع والخدمات التي زادت أسعارها, ومع أن الزيادة يومها كانت بالقروش فقد ثار الشعب للخديعة التي إرتكبتها الحكومة ضده وخرجت مظاهراته متفجرة بالغضب مما إضطر الرئيس السادات إلي إلغاء الزيادات فورا. كان الدرس الذي مازال أنه مهما ناورت الحكومة فإن زيادة سعر أي سلعة لن يدفعها أحد سوي الشعب, وبالتالي يجب ألا تباغت الحكومة الشعب بهذه الزيادة وألا توهمه بالرخاء في الوقت الذي تخطط للغلاء. والواقع أن زيادة الأسعار يعد فنا دقيقا في شئون الحكم من أسسه تحضير المواطنين لهذه الزيادة وإعدادهم لتحملها وفي الوقت نفسه عدم الإعلان عن الزيادات كتلة واحدة بالصورة التي تستفز الحليم! دارت السنين وإذا بالحكومة تكرر نفس سيناريو77 وتباغت المواطنين, وبعد أن أنكرت أي شروط لصندوق النقد لتقديم القرض المطلوب وقالت إن القرض شهادة علي قوة اقتصاد مصر, وفي ظروف سياسية ملتبسة بصورة غير مسبوقة وإنقسام حاد في صفوف المجتمع وصل إلي حد الصدام المادي, وهبوط في بورصة الرئاسة, جات قائمة الأسعار التي تبين أنها من طلبات الصندوق, وإضطر الرئيس مرسي إلي وقفها بعد ساعات قليلة. وتلخبطت كل الخطط وإنكشف المستور وانشرخت السوق التي كشفت فقر الحكم! [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر