كشف ممتاز السعيد وزير المالية في تصريح ل الأهرام عن اتفاق بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي علي تأجيل عرض الملف المصري. الخاص بطلب الحكومة المصرية الحصول علي قرض بقيمة4.8 مليار دولار علي مجلس إدارة الصندوق في اجتماعه المقرر19 ديسمبر الحالي. وقال الوزير انه شخصيا يرجح ان يتم عرض الملف علي الاجتماع بعد القادم لمجلس إدارة الصندوق والمقرر في يناير المقبل. وفي السياق ذاته أكد مصدر مسئول في صندوق النقد الدولي في اتصال هاتفي من واشنطن ان استمرار تصاعد الاحداث السياسية ألقت بظلالها علي الاوضاع الاقتصادية وان الاقتصاد المصري دخل مرحلة بالغة الصعوبة تستدعي سرعة الهدوء واستعادة الاستقرار. والمح الي ان تجميد قرار رفع أسعار الضريبة علي بعض السلع ربما يعكس التردد علي حسم الحكومة وقدرتها علي توفير الغطاء المجتمعي من خلال التوافق علي المضي قدما في تنفيذ برنامج الاصلاح لكبح جماع العجز المتفاقم في الموازنة العامة من خلال ترشيد وإعادة هيكلة الدعوم وزيادة الإيرادات العامة. قال مصدر مسئول في صندوق النقد الدولي ان تجميد الرئيس محمد مرسي لقرار رفع الضريبة علي اسعار بعض السلع واعادته الي الحكومة لاجراء حوار مجتمعي حوله انما يعكس الرغبة في الحصول علي الدعم والرضا المجتمعي الكافي لتطبيق هذه الإجراءات بشكل يضمن نجاحها في تحقيق اهدافها في زيادة الايرادات العامة لمواجهة عجز الموازنة العامة, وعبر في الوقت ذاته في تصريحات خاصة ل الاهرام عن خشيته من ان يعطي هذا الامر اشارة في اتجاه استمرار عدم الاستقرار بما ينعكس سلبيا في تنفيذ البرنامج الوطني الذي اعدته الحكومة للاصلاح الاقتصادي, خاصة مع دخول الوضع الاقتصادي في مرحلة بالغة الصعوبة, يتطلب الاسراع في معالجة عجز الموازنة العامة المتفاقم. وجدد المصدر رغبة الصندوق في مساندة الاقتصاد المصري للخروج من ازمته الحالية والتعافي, وهو ما يتطلب تحقيق الاستقرار, والحصول علي مساندة شرائح واسعة من المجتمع تؤيد تنفيذ الاصلاح الاقتصادي وعلي وعي بأهميته, ونبه الي تحديات قد تغذي الشكوك حول القدرة في المضي قدما لتنفيذ البرنامج وفي مقدمتها, عدم استكمال بناء مؤسسات الدولة, وحكومة تواجه عدم الاستقرار السياسي مما يؤثر علي قدراتها في اتخاذ الاجراءات الصعبة, وحذر من ان استمرار الوضع بهذا الشكل سيحمل مخاطر علي الاقتصاد, ويؤثر علي مؤشرات الاقتصاد التي تم الاتفاق علي خطاب النوايا مع بعثة الصندوق بشأنها, خاصة وان تقييم مجلس ادارة الصندوق لتقرير البعثة يوم الاحد المقبل سيأخذ في الاعتبار هذه التطورات ومدي قدرة الحكومة في تنفيذ برنامج الاصلاح لتعافي الاقتصاد والذي يستلزم اتخاذ اجراءات لزيادة الايرادات ورفع الدعم قد تتأثر بعدم الاستقرار السياسي الراهن اذا ما استمر. في هذا السياق يعبر الدكتور حازم الببلاوي نائب رئيس الوزراء ووزير المالية السابق عن تفهمه لاتجاه الحكومة رفع اسعار الضريبة علي السلع والذي صدر بقرار من رئيس الجمهورية قبل ان يتم تجميده, مشيرا إلي أن الاختيار حاليا بين بدائل اقلها مر, بسبب سوء الوضع المالي المتأزم الذي يتطلب تضحيات من القادرين لاستحالة استمراره بدون جراحة, ويستدرك: لكن الامر الذي ينبغي ان ان تتحمل تبعاته الحكومة هو عدم قيامها بواجبها الاساسي شديد الارتباط بنجاحها في تنفيذ هذه الاجراءات وهو الشرح والتعريف بأهمية هذه الاجراءات امام الرأي العام واقناع فئات المجتمع المختلفة بحتميتها مع استعراض كافة البدائل الاخري, واستعراض اعباء هذه الاجراءات واقتصار تحمل أعبائها علي القادرين وعدم تحمل تبعاتها علي محدودي الدخل. ويضيف الببلاوي لقد اخطأت الحكومة في حق نفسها بعدم الشرح وزيادة الوعي لدي المجتمع بهذه الاجراءات ومدي مراعاتها للعدالة الاجتماعية وكذلك في اختيار التوقيت المناسب في ظل التوتر بالشارع السياسي وإجراء الاستفتاء علي الدستور خلال أيام, وكانت النتيجة هي تجميد القرار بتنفيذها بعد صدوره بساعات, بما يعكس عدم وجود تنسيق بالقدر الكافي بين دوائر وأجهزة صنع واتخاذ القرارات المهمة في الدولة, وأيضا عدم توافر البيانات والمعلومات بشكل دقيق لدي متخذ القرار, خاصة ان هذه الاجراءات كان يفترض أن تخضع لدراسة ومناقشة وافية من جانب الحكومة لانها لم يتم اتخاذها بشكل مفاجئ لمواجهة مشكلة طارئة بل ان المشكلة معروفة وواضحة منذ أشهر وتتمثل في معالجة عجز الموازنة العامة, والمعني انهم تسرعوا في أمر مهم. ويصف نائب رئيس الوزراء ووزير المالية السابق تجميد القرار بالتردد بما يدعو للقلق علي اسلوب اتخاذ القرارات المهمة, خاصة انه تم اعداده من جانب السلطة التنفيذية وهي الحكومة والتي قدمته الي رئيس الدولة بصفته يمتلك الآن السلطة التشريعية مؤقتا لحين انتخاب البرلمان واصدره بصفته هذه مما كان يقتضي ان يخضع للتفحيص, ويترتب علي ذلك اعطاء رسالة بالشعور بعدم الثقة في اسلوب اتخاذ القرار. ويتوقع ان تلقي هذه الامور بظلالها علي مناقشة مجلس ادارة صندوق النقد للتوقيع مع مصر الاسبوع المقبل, لافتا الي انه يجب الاخذ في الاعتبار ان برنامج الاصلاح الاقتصادي بالفعل هو برنامج وطني اعدته الحكومة المصرية من واقع مسئوليتها ومراعاتها لمصالح المجتمع وسعيها لخروج الاقتصاد من ازمته الراهنة والتعافي, ليس هناك ما يثير في ان يطمئن صندوق النقد علي قدرة هذا البرنامج في النجاح لاستعادة الحيوية للاداء الاقتصادي, ومن المهم ان تبذل الحكومة جهدها في تعريف الناس باهمية تنفيذ هذا البرنامج والذي يتطلب تضحيات لابد منها لعبور الازمة, خاصة وأنه كلما تأخرنا تضاعفت التحديات وزادت اعباء الاصلاح.