وكيل "تعليم الفيوم" يتفقد المدارس لمتابعة انضباط العملية التعليمية    أسعار الذهب في مصر اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    بعد قفزته 800 جنيه.. كم سجل سعر الحديد والأسمنت اليوم الأحد 26-10-2025 صباحًا؟    المجلس الثوري لفتح: الحركة تقدر دور مصر في تعزيز الوحدة بين الفصائل الفلسطينية    أكسيوس: منشور ترامب رسالة لحماس وليس إنذارًا نهائيًا    ترامب يبدأ جولته الآسيوية بحركات راقصة في مطار ماليزيا    مسيرة إسرائيلية تقصف بصاروخ حفارة في جنوب لبنان    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة افتتاح المتحف المصري الكبير    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    نظر محاكمة 50 متهما بقضية الهيكل الإدارى للإخوان اليوم    بعد منح 1 نوفمبر إجازة رسمية| هل يتم تبكير صرف معاشات هذا الشهر؟    استقرار نسبي في أسعار الأسماك اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    وزير الصحة يتابع التجهيزات النهائية للمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية برعاية الرئيس السيسي    حالة الطقس اليوم.. الأرصاد تعلن عودة الأمطار وانخفاض الحرارة    أسعار الطماطم والبصل والفاكهة في أسواق الشرقية اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 26 كتوبر    اليوم، أولى جلسات طعن سعد الصغير على حكم حبسه 6 أشهر في قضية المخدرات    نجيب ساويرس ينفي شائعات انضمامه للجنة إعمار غزة.. ويعلق: نفسي قبل ما أموت أشوف دولة فلسطين    الأنبا كيرلس في مؤتمر مجلس الكنائس العالمي: وحدانية الكنيسة راسخة في قداستها وجامعيتها ورسوليتها منذ مجمع نيقية    ما الشهادات المتاحة حاليًا في بنك مصر؟.. أعلى شهادة في البنوك الآن    رسميًا.. مواعيد بدء امتحانات الترم الأول 2025-2026 وإجازة نصف العام لجميع المراحل الدراسية    القبض على المتهم بقتل سائق لخلافات عائلية فى الوراق    صابر الرباعي يحيي ذكرى محمد رحيم بأغنية «وحشني جدًا» في ختام مهرجان الموسيقى العربية    محسن صالح: لن نبدأ من الصفر في دعم المنتخبات وهذا الفارق مع المغرب    نائب رئيس حزب المؤتمر: احتفالية «مصر وطن السلام» أبرزت وجه مصر الإنساني ورسالتها الحضارية للعالم    محمد سلام يشوق جمهوره لمسلسله الجديد «كارثة طبيعية»    مصرع وإصابة 6 أشخاص في حادث تصادم بالمنيرة الغربية    هشام عباس وميريهان حسين وياسر إبراهيم يشاركون أحمد جمال وفرح الموجى فرحتهما    من «كارو» ل«قطار الإسكندرية».. مباحث شبرا الخيمة تعيد «محمد» لأسرته    ضبط صانعة محتوى لنشرها فيديوهات رقص خادشة للحياء    في قضايا نفقة طليقته.. إبراهيم سعيد يطعن على قرار منعه من السفر| غدًا    اشتباكات بين الجيش السوري و"قسد" شرق دير الزور    وسط غزل متبادل، منة شلبي تنشر أول صورة مع زوجها المنتج أحمد الجنايني    مواقيت الصلوات الخمس في مطروح اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    سلوت عن هدف محمد صلاح: لقد كان إنهاء رائعا من مو    ندوة بمطروح تناقش التقنيات الحديثة في الحشوات الضوئية للأسنان    وزير الرياضة: سنساعد الزمالك وفقا للوائح والقوانين.. وقد نمنحه قطعة بديلة لأرض أكتوبر    محمد عبد الجليل: يانيك فيريرا أقل من تدريب الزمالك.. وأنا أفضل من زيزو بمراحل    أشرف صبحي: هدفنا الوصول لنهائي كأس أمم إفريقيا    الانتخابات.. تحية للأغلبية وكشفٌ لواقع المعارضة    مدرب إيجل نوار: الأهلي كان قويا رغم الطرد    غادة عبد الرحيم تدعو وزارة التعليم لتبني حقيبة "سوبر مامي" لدعم أطفال فرط الحركة وتشتت الانتباه    أكثروا من الألياف.. نصائح فعالة لعلاج شراهة تناول الطعام    السر في فيتامين B12.. أبرز أسباب الإرهاق المستمر والخمول    محمد الغزاوى: أخدم الأهلى فى جميع المناصب ونمتلك أقوى لاعبى اسكواش بأفريقيا    بداية شهر من الصلابة.. حظ برج الدلو اليوم 26 أكتوبر    عضو إدارة بتروجت يكشف كواليس انتقال حامد حمدان للزمالك    صلاح يسجل أمام برينتفورد وليفربول يخسر للمرة الرابعة تواليا في الدوري الإنجليزي    ترامب يؤكد استعداده لخفض الرسوم الجمركية على البرازيل فى ظل الظروف المناسبة    رئيس جامعة المنيا يشارك الاحتفالية العالمية «مصر وطن السلام» بمدينة الفنون بالعاصمة الإدارية    عمرو أديب: مُهمة التدخل للبحث عن جثث الرهائن فى غزة تظهر قوة مصر وحكمتها    يوسف زيدان: قصة أبرهة الحبشي غير دقيقة.. واستخدام الفيل لهدم الكعبة تصور غير عملي    خالد الجندي: لو تدبرنا إعجاز القرآن لانشغلنا بالخير عن الخلاف    6 صور ترصد تفاصيل حفل وطن السلام بحضور الرئيس السيسي    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من دروس النهضة في مصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 12 - 2012

لما اكتست مسألة النهضة في مصر مؤخرا بغلالات من الخداع والتسويف والوعود الانتخابية الزائفة‏,‏ ويبقي دولاب الحكم علي ماكان عليه في نظام الحكم الذي قامت الثورة الشعبية العظيمة لإسقاطه وتبقي مصر بدون مشروع جاد للنهضة‏.‏ يجدر بنا العودة لتجارب النهضة التي قامت في مصر والوطن العربي لاستخلاص الدروس والعبرات بينما نحن نفكر في مشروع جديد للنهضة بتنا في مسيس الحاجة له. لقد تخللت التاريخ الحديث التعس للمنطقة العربية محاولتان للنهضة في مصر تخطتا الحدود القطرية القائمة وقتها, وكان لهما أفق عربي أوسع, وأجهضتا في النهاية, أساسا علي أيدي قوي الهيمنة الخارجية ولكن لعيوب ذاتية أيضا, بعضها مشترك. ولو كان قيض لإحدي هاتين المحاولتين, أو كليهما, النجاح والاستمرارية لربما أمكن لمصر وللأمة العربية أن ترقي إلي مصاف الأمم المتقدمة أو علي الأقل تتفادي بعض الكوارث التي حلت بها.
قاد محاولة النهضة الأولي, محمد علي باشا(1767-1849), والي مصر في ظل السلطنة العثمانية الذي تمرد علي سلطانه, الخليفة العثماني, وسعي لأن يبني إمبراطورية عصرية بمعايير عصره. وتزعم المحاولة الثانية, بقبول شعبي عارم من المحيط إلي الخليج, جمال عبد الناصر(1919-1970) زعيم القومية العربية المتفرد في العصر الحديث. وقد قاومت قوي الهيمنة العالمية المحاولتين بقوة, إلي حد شن الحروب الاجهاضية. وبينما قاد الزعيمان محاولات للتحديث علي النسق الغربي المتقدم مسيرة البشرية في عصريهما, تميز مشروع ناصر بأفق اجتماعي ينزع للعدالة في مصر, وبأبعاد تحررية في الوطن العربي وفي عموم العالم, من خلال حركة عدم الانحياز. ولكن كان مقتل المشروعين داخليا, هو في الاعتماد علي نخبة محدودة; في بعضها أجنبية في حالة محمد علي, ومن أهل الثقة في حالة جمال عبد الناصر, من دون بناء تنظيم سياسي مؤسسي, شعبي وديمقراطي, يمكن أن يتبني المشروع ويدافع عنه. وفوق ذلك بالغ محمد علي في الجباية لتمويل مشروعه التوسعي الذي قام علي إنشاء جيش ضخم وكفء وبحرية قادرة علي المنافسة في أعالي البحار, حتي أصبحت مؤسسته العسكرية قاطرة لنهضة متينة نازعت القوي العظمي في العالم وقتها. وعلي الرغم من تحقيق مشروع ناصر لإنجاز مشهود في تحسين مدي إشباع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لعامة المصريين الذين طال حرمانهم, شاب عهده انتهاكات لاتغتفر للحقوق المدنية والسياسية. ولعل غياب الديمقراطية, وتسلط النظام الناصري, إضافة إلي تآمر القوي الرجعية في المنطقة متحالفة مع قوي الهيمنة العالمية, كانت من أهم أسباب انهيار الوحدة بين مصر وسورية, في العصر الحديث, خلال سنوات قليلة, علي الرغم من الشعبية الطاغية للزعيم في سورية, كما في عموم الوطن العربي. كما أمكن الانقلاب علي الناصرية في عقر دارها بواسطة رفيق ناصر ونائبه المختار, لا أحد غيره, الذي خلفه في الرئاسة في سنوات قليلة, موظفا أدوات النظام ذاتها وغالبية كوادره البشرية نفسها.
بدأ محمد علي برنامجا ضخما للتحديث, علي النسق الأوروبي, في مصر, تمركز حول بناء جيش قوي, قاده ابنه إبراهيم باشا, القائد العسكري البارع والمظفر, وتوسع شرقا وجنوبا وشمالا. بعد غزو الحجاز ونجد(1818), غزت جيوش محمد علي السودان(1820), والشام(1833). وأوشكت أن تستولي علي عاصمة الخلافة العثمانية, الآستانة, مرتين(1833 و1839). ولم ينقذ السلطنة العثمانية من الانهيار تحت ضغوط جيوش مصر إلا تدخل روسيا وبريطانيا وفرنسا, القوي العظمي حينها, للحد من سطوة إمبراطورية محمد علي البازغة. فدمر أسطول محمد علي في موقعة نافارين, وأجبر لاحقا, في مؤتمر لندن(1840), علي الانسحاب إلي مصر علي أن تصبح ملكا وراثيا له ولنسله من بعده. وقاسي نظام عبد الناصر هوان الهزيمة الكاسحة واحتلال الأرض, علي أيدي إسرائيل, بمعونة ضخمة من الولايات المتحدة, في حرب الأيام الستة في منتصف العام.1967 وعلي الرغم من أن الزعيم كرس أيامه الأخيرة لقيادة حرب الاستنزاف ضد الاحتلال الإسرائيلي ولإعادة بناء القوات المسلحة المصرية وإعداد البلد لجولة تالية من الحرب, فلم يعش جمال عبد الناصر ليشهد الجيش الذي أعاد بناءه يباغت إسرائيل في حرب أكتوبر1973, محققا نصرا عسكريا مؤزرا, بالتعاون مع كثرة من البلدان العربية. بينما رفل خليفتاه في انتصار حرب أكتوبر, بالحق أو بالباطل. وحتي لا يتوهم أحد أن المقال يستهدف الترويج للناصرية عقيدة سياسية أو تجربة تاريخية لها مالها وعليها ما عليها, سنركز في باقي المقال علي تجربة محمد علي التي نقلت مصر فعلا إلي مصاف الدول الكبري في عصره وفي مدي زمني لا يتعدي أربعة عقود, قبل أن تتداعي. ومن حسن الطالع أن تجربة محمد علي بالغة الثراء وغنية بالدروس التي يمكن أن تستغل لبناء مشروع للنهضة حتي في العصر الحالي, ومرجعنا الأساس في ذلك هو المجلد القيم لعبد الرحمن الرافعي( عصر محمد علي, الطبعة الثالثة, مكتبة النهضة المصرية, القاهرة,1951)
وأبدأ بالإشارة إلي منطق الأسرة العلوية في النهضة العربية كما عبر عنه ابراهيم باشا بن محمد علي الأكبر وقائد جيوشه المظفر ثم خليفته لفترة قصيرة, الذي كان يجاهر علنا بأنه ينوي إحياء القومية العربية. انظر ما قال الرافعي في هذا: وفي الراجح الذي تعززه الحوادث أن مشروع محمد علي كان يتناول انشاء دولة عربية مستقلة في مصر تضم إليها البلاد العربية في إفريقيا وآسيا. وفي إفريقيا قد استقل بمصر وفتح السودان, وفي آسيا قد فتح معظم جزيرة العرب وبسط عليها نفوذ الحكومة المصرية, وبطموحه إلي سورية اراد أن يؤسس الدولة المصرية الكبيرة.
ويؤيد هذه الفكرة رجحانا بعض تصريحات فاه بها ابراهيم باشا, فقد ذكر المسيو كادلفين وبارو في كتابهما أنه بينما كان الحصار مضروبا علي( عكا) سئل ابراهيم باشاإلي أي مدي تصل فتوحاته إذا تم له الاستيلاء علي عكا فقال ما معناه إلي مدي ما اكلم الناس واتفاهم وإياهم باللسان العربي. وقد قابله البارون( بوالكونت) بالقرب من طرطوس بالأناضول سنة1823 بعد عودته من موقعة كوتاهيه وكان له معه حديث طويل, فذكر عنه أن ابراهيم باشا يجاهر علنا بأنه ينوي إحياء القومية العربية وإعطاء العرب حقوقهم وإسناد المناصب إليهم سواء في الإدارة أم في الجيش وأن يجعل منهم شعبا مستقلا ويشركهم في إدارة الشئون المالية, ويعودهم سلطة الحكم كما يحتملون تكاليفه. وتتجلي فكرته هذه في منشوراته ومخاطبته الجنود في الحرب الأخيرة بسورية, فإنه لا يفتأ يذكرهم بمفاخر الأمة العربية ومجدها التليد, ويتصل بهذا المعني مجاهرته بأن كل البلدان العربية يجب أن تنضم تحت لواء أبيه, وقد قال لي إن أباه يحكم مصر والسودان وسورية, ومن الواجب أن يضم العراق إلي حكمه وأن جزيرة العرب تابعة لأبيه الذي عمل الآن علي إتمام فتحها.
المزيد من مقالات د . نادر فرجانى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.