الكل يعرف أن المناصب زائلة, ولن يبقي سوي العمل الصالح والذكري الطيبة.. والكل يعرف أن المسئولية عمل مرهق في الغالب لن ترضي الناس عن القائم بها حتي لو أضاء أصابعه شمعا.. والكل يحكي ويكرر عن قصص لعلماء وحكام ومسئولين, ورؤساء وملوك عبر التاريخ تركوا مواقعهم القيادية بمحض رغبتهم حتي لايتحملوا حكم التاريخ القاسي لهم أو عليهم, أو لأنهم لم يتمكنوا من تحقيق وعودهم لرعاياهم. نعم الكل يعرف ذلك وأكثر, ومع ذلك نجد الصراع الساخن والمحموم علي الكراسي.. سواء كرسي المسئولية الأولي أو المصلحة الحكومية أو الشركة أو حتي رئاسة قسم صغير في مؤسسة أصغر بكثير. أقول ذلك بمناسبة المشاهد التي تجري أمام الجميع في بلادنا حتي إنني لم أعرف ماذا يريد الجميع من الجميع, وماذا يريد الحاكم من المحكوم, أو المحكوم من الحاكم!! الكل ثائر والكل رافض والكل ضد الكل حتي صرنا إلي مانحن فيه الآن!! الموقف الحالي يؤكد رفض فئة ليست بالقليلة للإعلان الدستوري الذي صدر مؤخرا, وترفض سيطرة فصيل علي البلد ككل, وترفض في الوقت نفسه الانقسام الحادث بين أبناء الأمة حتي صار الخلاف اللامعقول بين أبناء البيت الواحد, والفئة الأخري ترفض سماع وجهة نظر الأولي أو محاورتها بالعقل والحكمة, فصرنا ينطبق علينا حوار الطرشان الذي لايقدم, ولكن يؤخر حتي كاد يصل بنا إلي ماقبل الثورة حين كان يتحدث البعض إلي نفسه ولايأخذ في اعتباره الرأي الآخر. والحل ليس بالصعب ولكن يحتاج إلي إرادة الجميع.. وهو الحوار الهاديء والعاقل والمنطقي.. لابد أن يستمع الكل لكلمة الوطن, مستقبله وتنميته, نهضته التي ليست بالكلام إنما بالأفعال.. وعلي المتصارعين الآن نسيان كرسي المنصب الذي حين يكون هو الشغل الشاغل الأول والأخير, فلن تكون هناك دولة ولن تكون هناك آمال يمكن تحقيقها, ولن نكون خير أمة أخرجت للناس, بل ساعتها ستكون أسوأ أمة, فلم نأمر بالمعروف أو ننه عن المنكر بل فعلنا العكس, وساعتها لن ينجح أحد ولن يفوز بمصر سوي أعدائها. المزيد من أعمدة سعيد حلوي