ما أشبه اليوم بالبارحة فتلك هي ما كانت وعليه الآن أحوال مصرنا المحروسة لم يتغير ولم يتبدل فيها شيء.. ما بين نظام دكتاتوري فاسد أحكم قبضته ثلاثين عاما.. ونظام ارتضاه الشعب ولم يجد ما يتمناه.. لقد أصبحت مصر تعيش مأزقا لا يمكن لأحد التنبؤ بما سينتهي إليه الوضع السياسي في الفترة الحالية بعد حزمة المفاجآت التي فجرها رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي بإصداره إعلانا دستوريا جديدا يمنح بموجبه لنفسه اختصاصات ليس لأي جهة في الدولة حق المساس بها قولا أو فعلا. كانت الخلافات قد تدرجت حدتها بين الشركاء غير المتكافئين في نظام الحكم الجديد في مصر بعد الثورة بين القوي السياسية المتعددة والمختلفة الاتجاهات والتيارات الدينية والإسلامية صاحبة الأغلبية الحاكمة والتي تمثلت في حل مجلس الشعب قضائيا ومحاولة إعادته من جانب رئيس الجمهورية إداريا.. ثم استحواذه علي السلطة التشريعية بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل بعد إقصاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. وبالتوازي مع كل ذلك كان هناك ما يشبه صراع الديوك حول ما تضعه الجمعية التأسيسية من مواد ومبادئ وأحكام في الدستور الجديد لمصر ومواقف الخلاف فيها بين قوي التيار الديني الإسلامي والمسيحي والمدني وما ترتب عليها من انسحاب فردي لبعض الشخصيات ثم انسحاب جماعي لممثلي الطوائف والهيئات.. وجاءت في أعقابها مفاجأة الرئيس التي لم تعبأ بكل ما حدث وما ترتب عليه لتوجد انقساما شعبيا واضحا. ولعلنا نتذكر عمليات الاستقطاب للعناصر المعارضة بالترغيب تارة والترهيب أخري والتعديلات الدستورية والأنظمة الانتخابية وغيرها من الأمور التي كان يمارسها النظام السابق وصدرت أحكام قضائية ببطلانها.. وهو ما يدعو إلي التخوف من استمرار الوضع الذي كان سائدا في الماضي لفترة لا يعلم أحد مداها أو تتحول مصر إلي لبنان أخري تتقاسم الطوائف أجزاءها وتحكمها الميليشيات وتهدد الحرب الأهلية أبناء الوطن انتظارا للتقسيم.. وعندها فإن الشكر الذي قدمه الرئيس الأمريكي ووزيرة خارجيته عقب اتفاق التهدئة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية الذي حققه الرئيس محمد مرسي لن يكون شفيعا له في قبول المصريين لإعلانه الدستور الجديد وقراراته التي أثارت الفزع من استحواذه علي السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية حتي ولو كانت لفترة محدودة. يبقي أن نتساءل هل نحن في انتظار ثورة جديدة؟