قرأت مثل كثير من المصريين, الذين يتابعون جريدة الأهرام, ما ورد علي لسان د. عبد الواحد النبوي مدير هيئة دار الكتب والوثائق القومية في الحوار الذي أجرته الزميلة سهير عبد الحميد. وكنت, ومنذ خمس سنوات, قد تناولت موضوع الوثائق المصرية وأهميتها بالنسبة للأمن القومي المصري بل وقمت بطرح موضوع قانون الوثائق الجديد ولم يبال أحد وقتها من المسئولين بما تم طرحه, وتناولت مدي جدواه في ظل عدم توافر أي مقومات لدي دار الوثائق القومية لتقوم بدورها كأرشيف وطني, وأن المشكلة ليست في القانون الحالي بقدر ماتتمثل في وجود المسئولين غير المتخصصين في مجال الوثائق والذين يتولون مسئولية إدارتها. وتبع ذلك تناولي خطورة تسليم وثائق أمن الدولة لدار الوثائق القومية في ظل عدم توافر كثير من المتطلبات الضرورية سواء البشرية أو المادية, وهذا ما أكده الحوار مع د.النبوي, فمثلا يعلن الرجل عن أن عدد المتخصصين العاملين في مجال الوثائق بدار الوثائق القومية يبلغ ما يقرب من خمس العدد الكلي للعاملين, فكيف لأرشيف وطني أن يكون80% من العاملين فيه غير متخصصين وبرغم ذلك نطالب بضرورة تسليم جهات الدولة لوثائقها إلي دار الوثائق ليس ذلك فقط, بل والمطالبة بإجبار الجهات السيادية مثل الداخلية والمخابرات والدفاع بتسليم وثائقهم التي لا تخص جهاتهم فقط, بل تخص أمن مصر القومي في المقام الأول, ليتم التعامل معها من قبل موظفين غير متخصصين, فهل هذا معقول؟. ليس هذا فقط, فهناك ما يؤكد فشل العمليات الفنية بدار الوثائق القومية بسبب عدم اتباع القواعد الفنية السليمة للتعامل مع وثائق الدولة الموجودة في دار الوثائق, ويشاركني في هذه الملاحظة ما يثيره بعض العاملين في دار الوثائق القومية في العديد من الندوات واللقاءات بالإضافة إلي ماقاله أحد الباحثين والذي نشر بحثا بعنوان مشكلات حفظ وترتيب الوحدات الأرشيفية بدار الوثائق والذي يتناول فيه الأخطاء الفنية التي تؤدي إلي تفكك الوحدات الأرشيفية وفقدان الوثائق لترابطها الموضوعي, بالإضافة إلي التقارير الكثيرة عن المشكلات الموجودة في مشروع الميكنة والذي لم تتسلمه الدار حتي الآن, وتقوم بعمليات تصحيحية فيه من الممكن أن تمتد إلي خمس أو عشر سنوات ذلك في بحث آخر لنفس الباحث, وكان من العاملين في مشروع الميكنة تناول فيه الأخطاء الجسيمة بالمشروع وهي أخطاء فنية يتحمل مسئوليتها القائمون علي هذا المشروع, مما يستدعي الوقوف كثيرا عند رغبة البعض في اعتبار دار الوثائق القومية أرشيفا وطنيا فهي بما ورد في هذا البحث لاتتعدي أن تكون سوي مخزن وطني وليس أرشيفا وطنيا وربما كان ذلك بسبب أن المسئولين بدار الوثائق القومية غير متخصصين في مجال الوثائق أو في مجال حفظها وتأمينها, وقد كان ذلك مقبولا قبل الثورة, ولكن لماذا لا يتولي ادارة دار الوثائق القومية متخصصون في الأرشيف والوثائق, كما يحدث في كل دول العالم؟ ولكي نضمن فعلا حماية وثائقنا وأمننا القومي عن طريق المتخصصين الذين يتابعون كل جديد, مع أهمية تدريب العاملين عليه بشكل مستمر ومتجدد, فالمشكلة ليست في قانون جديد للوثائق ولكن المشكلة في التخصص العلمي لمن يطبق القانون الخاص بالوثائق. وهذه الملاحظات لاتهدف إلي مجرد النيل من المسئولين عن دار الكتب والوثائق القومية, فأنا أكن لهم كل احترام, وأثمن جهودهم, ولكن ونحن نريد أن نحمي وثائقنا وتراثنا من محاولات سرقته وتدميره أو علي الأقل المتاجرة فيه, لابد أن نعتمد علي المتخصصين في مجال الوثائق أو في مجال حفظها وتأمينها إذا كنا نريد حقيقة تطوير الدار وتأمين وحفظ ما بها من وثائق, وما نريد له أن ينضم إلي أرشيفها من كنوز. المزيد من مقالات د .إسماعيل إبراهيم