قرار مد فترة إنعقاد الجمعية التأسيسية شهرين إضافيين لتنتهي خلالهما من وضع الدستور الجديد مع تحصين الجمعية ومجلس الشوري ضد أي حكم قضائي لحلهما هو قرار صائب. كذلك فإن الإعلان بأن ضحايا ومصابي أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية وبورسعيد.. إلخ شهداء ومصابي ثورة يستحقون معاشات إستثنائية هو قرار تنشرح له الصدور ولكن تظل هناك نقطة سوداء في القرارات الجديدة نحذر من توابعها ألا وهي تلك المتعلقة بتحصين القرارات الصادرة عن الرئيس وكذلك إحياء العمل في الإعلان الدستوري الجديد بالمادة74 من دستور.71 (1) الحقيقة أن قرار التحصين ضد أي حكم قضائي بالحل كان يجب أن يصدر منذ فترة بخصوص مجلس الشعب, فقد ترتب علي حل هذا المجلس أننا فقدنا واحدا من أنزه المجالس النيابية انتخابيا التي عرفها التاريخ المصري, وبذلك أصبحنا بدون سلطة تشريعية, وفي هذا الموقف الحرج فإن حل الجمعية التاسيسية أيضا كان سيترتب عليه تأجيل وضع الدستور لأجل غير مسمي ثم إن حل مجلس الشوري كان سيوجه ضربة قاتلة لمسيرة البناء في البلاد, فكيف يمكن للبلد أن يعمل بدون مؤسسات نيابية منتخبة, وكيف يمكن للرئيس أن يمارس مهامه بدون برلمان يصدر التشريعات اللازمة له, ويشاوره ويقترح عليه ما يراه محققا لآمال الناس الذين إنتخبوه, إن السلطة في هذه الحالة تصبح كسيحة, وعلي ذلك فمن يحرصون علي المضي في خطة نسف وهدم الهيئات المنتخبة تباعا بحجة النزول علي أحكام القضاء لا يقصدون في النهاية إلا الإطاحة بحكم حزب الحرية والعدالة بأدوات قضائية بعيدة عن الوسائل السياسية المعروفة مثل صندوق الإنتخاب. (2) المفارقة المؤسفة في قرارات الرئيس مرسي الأخيرة إنه في المادة السادسة من الإعلان الدستوري الجديد يقول' لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد ثورة25 يناير وحياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها أن يتخذ الإجراءات والتدابير الواجبة لمواجهة هذا الخطر علي النحو الذي ينظمه القانون', هذه المادة بذاتها مع تعديلات طفيفة عليها هي ذات المادة رقم74 في دستور1971 التي إعتمد عليها الرئيس الراحل أنور السادات في إجراءات5 سبتمبر81 التي أدت إلي القبض علي أكثر من1500 شخص وأنتهت بإغتياله. تري هل نحن في بداية سلسلة إجراءات عنيفة ضد قيادات التيارات الديموقراطية والعلمانية تتعارض تماما مع أبسط مباديء أي ثورة؟ وهل ستتم هذه الإجراءات بحجة إنه عندما تنتهي كتابة الدستور والإستفتاء عليه سيتم التراجع عن كل الإجراءات التي أتخذت ضدهم؟ نرجو ألا يكون الأمر كذلك لأن هذه سابقة في عهد الثورة ترسي لمبدأ الإستبداد والديكتاتورية, وبهذا فنحن ننصح بأن يتم حذف هذه المادة السيئة السمعة في التاريخ المصري من الإعلان الدستوري الجديد الذي صدر الخميس الماضي وكذلك حذف المادة التي تحصن كل قرارات الرئيس التي أصدرها منذ توليه السلطة في أول يوليو, فمثل هذه الحصانة لا تعرفها الحياة السياسية في أي بلد. (3) الغالب من الظواهر المرئية أن شعبية تيارات الإسلام السياسي تتعرض حاليا في مصر لصدمة عنيفة, فالأوضاع الإقتصادية السيئة وتضخم أرقام البطالة وعجز الميزانية وإرتفاع الأسعار وتردي الدخول جعل المواطنين يضجون ويشعرون بخيبة الأمل في حكم الإسلام السياسي للبلاد. في هذه الظروف فإن تيارات الإسلام السياسي أصبحت تواجه مأزقا شديدا, فالمخرج منه لن يكون بإجراءات سياسية وإنما نؤكد علي أهمية العمل لإحياء وإنعاش الإقتصاد لإمتصاص البطالة وتوفير الدخول التي تحسن مستويات المعيشة. وبدون ذلك لن يشعر المواطن بأن هناك ميزة واحدة جناها من تولي تيار الإسلام السياسي الحكم في البلاد. المزيد من مقالات حازم عبدالرحمن