نحن المصريين في هذه الأيام نسمع كل يوم ونرى عجبًا في شوارعنا، الناس ما بين مؤيد للسيد الرئيس ومعارض، لكن الكل يتخيل أن الرئيس من الممكن أن يضغط على زر في الحال كي تنصلح الأمور، متجاهلين الفساد الذي عشش في شتى الأركان وأصبح منتشرًا كالسرطان في الأبدان. ونرى في هذه الظروف الراهنة التي تعيشها مصرنا الحبيبة أمورا غريبة تحدث من البعض، لا أساس لها من خُلُق ولا دِينٍ، إذ إننا نرى أناسًا يزعمون أنهم يقودون المظاهرات من أجل تصحيح المسار!! ولكنهم يرتكبون أشياء تنافي الخلق والدين وحتى المبادئ السياسية النزيهة، حيث نجد الاعتداء على مرافق عامة مثل مبنى وزارة الداخلية وغيره، وتلك المرافق هي ملك لمصر وأبناء مصر وليست مِلْكًا للرئيس المخلوع ولا لوزير داخليته الحبيس، فتحت أي مسمى تُرتكب مثل هذه الجرائم في حق بلادنا الغالية، إن اليد التي تحطم مِرْفقًا عامًّا أو تهدم مبنى أو تكسر زجاجًا أو بابًا يدٌ آثمة لا محالة. رسول السلام يوصي أصحابه لقد أوصى رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم سادتنا الصحابة رضي الله عنهم وهم ذاهبون لحرب الروم في غزوة مؤتة فيما رواه أنس رضي الله عنه قائلا: "انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ، لا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا، وَلا طِفْلاً صَغِيرًا، وَلا امْرَأَةً، وَلا تَغُلُّوا، وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا إنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"[رَوَاهُ أَبُو دَاوُد]. وقال الصديق أبو بكر رضي الله عنه يوصي المسلمين في جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما: "يا أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني، لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلا صغيرا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة، ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكله، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له" [جامع الأحاديث لجلال الدين السيوطي: 25/81]. وبفضل الله تعالى التزمت التيارات الإسلامية جميعها بهذا الخُلُق العالي عند خروجها لميدان التحرير يوم 29/7/2011، وفي جمعة تطبيق الشريعة وغيرها، معبرة عن آرائها، فلا بد إذن من التصدي لمن يقترفون مثل تلك الجرائم في حق بلادنا، فمن ينتمي لبلده لا يدمره ولا يخربه، ومن يفعل ذلك حتما مُستأجر ومغيَّب الفكر وعميل لأيدٍ أجنبية خارجية تريد أن تنال من وحد ة هذا البلد، وتسعى للوقيعة بين أبنائه، فحذارِ ثم حذارِ من السير وراء هذه الدعاوى المغرضة الآثمة. ومن هنا من فوق منبر الأهرام الغراء نناشد الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية أن يتصدى لمن يشوهون وجه مصر الجميل، بمزيد من الحزم والقرارات الصارمة؛ كي تسير الأمور في مسارها الصحيح، وألا يترك الأمر لبعض العملاء والدخلاء ومَنْ لا يُحسنون صُنْعًا كي يشتتوا شمل البلاد والعباد، فلا بد من وقف القضاة الذين انحرفوا عن مسيرة القضاء المصري وصاروا مبتذلين في الإعلام ليل نهار مخالفين بذلك أعراف القضاء، ولا بد من وقفة صارمة مع الإعلاميين الذين جعلوا قنواتهم لإشاعة الفوضى والتخريب في البلاد، فالمفسدون جزاؤهم أعلمنا به الله تعالى حيث قال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[المائدة: 33]. المزيد من مقالات جمال عبد الناصر