تقوم الأنتخابات التشريعية البريطانية علي نظام الاغلبية, وعلي أساس دورة انتخابية واحدة. اذ إن النائب الذي يحصد العدد الأكبر من الاصوات في دائرته يعتبر فائزا حتي ولو لم يحصل علي اكثر من نصف أصوات المقترعين. ويؤدي اعتماد هذا النظام الي ضمان تمثيل واسع للحزب الفائز بالغالبية من الاصوات, سواء كان حزب العمال او المحافظين, علي حساب الأحزاب الصغيرة التي تؤيد اعتماد تمثيل نسبي. وتجري الانتخابات التشريعية التي تسمي الانتخابات العامة, مبدئيا كل خمسة اعوام, غير ان رئيس الوزراء غالبا ما يقرر اجراء انتخابات مبكرة في السنة الرابعة. ومن المعروف ان الملكة تملك صلاحية حل البرلمان بطلب من رئيس الوزراء. وتنقسم بريطانيا الي659 دائرة انتخابية توازي المناطق الجغرافية, وتنتخب كل دائرة نائبها لتمثيلها في مجلس العموم في البرلمان, وتعين الاحزاب مرشحيها للانتخابات. وتندر الترشيحات المستقلة لان الناخبين البريطانيين يقترعون لصالح حزبهم اكثر مما يولون اهمية لشخص المرشح. وعلي الناخبين أن يكونوا قد بلغوا سن18 عاما, والاقتراع ليس الزاميا, ويسمح بالانتخاب عبر المراسلة أو عن طريق التكليف. وينص العرف الدستوري( بريطانيا لا دستور مكتوبا لها) علي ان يشكل الحزب الذي يملك غالبية المقاعد في مجلس العموم, الحكومة. وتعين الملكة رئيس الحزب الفائز رئيسا للوزراء, ثم يختار رئيس الوزراء اعضاء حكومته ويقدم لائحة بها الي الملكة. وتتقاسم الحكومة التي تضم بين18 و24 عضوا الحقائب الوزارية المهمة وتشكل الحرس المقرب من رئيس الوزراء. وتضم الحكومة الحالية22 عضوا كلهم نواب في مجلس العموم باستثناء وزير العدل وممثل الحكومة في مجلس اللوردات. ولكن هناك عدة أمور ينبغي معرفتها عن الانتخابات العامة البريطانية هذه المرة, فقد كانت التحولات في آراء الناخبين خلال المراحل الافتتاحية للحملة كبيرة, وبشكل عام إذا ظلت الأمور علي حالها, فإن حزب الديمقراطيين الأحرار الذي يأتي في المرتبة الثالثة بعد حزب العمال و المحافظين يتجه إلي تحقيق أفضل نتيجة له منذ عام1923. وإذا حدث ذلك, فإن انتخابات السادس من مايو ستعيد كتابة قواعد السياسة البريطانية. وإذا انتهت الحملة الانتخابية علي النحو الذي هي عليه الآن, فستؤدي الانتخابات إلي حدوث صدمتين سياسيتين. الصدمة المباشرة الأولي هي أنه في غياب فائز واضح, سيسفر عدد الأصوات إما عن حكومة أقلية وإما عن شكل من أشكال الائتلاف في مجلس الوزراء. واعتمادا علي طبيعة أية صفقة يتم إبرامها بين الأحزاب سواء تم إبرام معاهدة بين الأحرار والمحافظين, أو تم التوصل إلي تفاهم بين الأحرار والعمال ستكون هناك إمكانية حقيقية لإجراء انتخابات ثانية مبكرة. ففي1974, وهي آخر مرة لم يبرز فيها فائز صريح, جرت عمليتان انتخابيتان في تسعة أشهر. ولأن النظام السياسي مصمم ليستوعب حزبين, فإن نجاح الحزب الثالث يغير شكله إلي درجة كبيرة. وإذا تم تقاسم الأصوات في السادس من مايو كما تظهر آخر الاستطلاعات نحو32% للمحافظين,30% للديمقراطيين الأحرار, و28% للعمال وفي حال ترجمة تلك النسب المئوية الي مقاعد لكل من الأحزاب الثلاثة الرئيسية, سيصبح لبريطانيا برلمان معلق ويتأتي البرلمان المعلق عندما يعجز أي حزب في الحصول علي أغلبية في المجلس تتيح له الحكم واتخاذ القرار منفردا. ونظريا فإن الأغلبية تعني وجوب حصول حزب واحد علي أكثر من نصف عدد المقاعد في ما يسمي لأغلبية المطلقة لكن هذا ليس ضروريا علي أرض الواقع إذ تكفي أي نسبة فوق40% لتشكيل حكومة الأغلبية. وأسباب هذا الوضع كثيرة ومتشعبة. لكن, علي سبيل المثال, ثمة أعضاء في البرلمان لا يحق لهم التصويت أصلا مثل رئيس المجلس ونوابه, ومثل أعضاء حزب شين بين الأيرلندي الشمالي الذين فقدوا الحق بسبب رفضهم أداء قسم الولاء للملكة. ومنها ايضا أن العديد من مشاريع القوانين يكون مرضيا عنه من جانب عدد من أعضاء المعارضة. وفي حال ترجمة نتائج الاستطلاع الي مقاعد, يحق للمحافظين, إذا أرادوا, أن يشكلوا حكومة أقليةلا تشمل أيا من الآخرين معهم. لكن هذا الوضع يعني أنها ستصبح تحت رحمة اولئك الآخرين إذا أرادت المصادقة علي أي من مشاريعها وقراراتها. بعبارة أخري ستصبح حكومتهم مشلولة عندما يتعلق الأمر بإدارة شئون البلاد, وهو ما ينفي سبب وجودها في المقام الأول. شريف طه [email protected]