فتحت عيني علي فاجعة زهور مدرسة بني عدي في منفلوط.. قاومت دموعي فترة ثم لم أستطع.. سارة وأروي وآيات وطارق وإيمان وهنا وفرحة وعمر وعبد الرحمن وفارس وأشرف ومنة وأدهم ونور وأنور وغيرهم أكثر من 50 تلميذا وتلميذة صحبة كل يوم جديد.. كل صباح يشتركون معا في أتوبيس المدرسة وهو يغنون ويضحكون ويدسون السندوتشات التي حملوها من بيوتهم بين الكراريس ليخرجوها عند الجوع.. تأملت أسماءهم فوجدتها أسماء تعلن عن جيل ينتمي إلي عصره ويودع أسماء ست أبوها وعتريس وسيدة وعويس.. السنين تمر سريعا وإنشاء الله سيكبر طارق ويصبح طبيبا وفرحة ستكون كاتبة شهيرة, وعمر.. إوعي ياعمر لا تحقق أملنا فيك وتصبح الطبيب الذي يحلم أبوك أن تعالجه عندما يكبر.. كيف إختفت في لحظة كل هذه الآمال والأحلام والاسماء.. قلبي معك ياأم إيمان وآروي وفارس وكل أم وكل أب.. أهكذا الدنيا في لحظة تغدر بنا ؟ ولكن هل هي الدنيا ؟ معقول أن يتحول أتوبيس المدرسة بكل مافيه من براءة وضحكات إلي مقبرة بسبب غفلة عامل راحت عليه نومة نسي أن يغلق المزلقان أمام السيارات القادمة ويحول بينها وبين قطار أسوانالقاهرة القادم بسرعة ؟ معقول في هذا الزمان الذي وصل فيه العالم إلي قمة التكنولوجيا أن تبقي إشارات الموت والحياة في يد عامل يجري تنبيهه تليفونيا بقدوم القطار ليقوم هو بتنبيه عامل المزلقان التالي, وهكذا كل عامل يتناوب تنبيه عامل المزلقان الذي يليه إلي أن وقع المحظور الذي كان ضروريا أن يقع ويفاجأ قطار أسوان بسيارة الأتوبيس في مقدمته فيدفعها معه نحو كيلومتر.. ماذا حدث في هذه اللحظات؟ ومن المسؤل ؟ لا أستطيع أن أسمي شخصا بعينه ولكنها المظاهر التي سادت حياتنا أخيرا.. الإهمال وعدم المبالاة وعدم الإحساس بالمسؤلية.. إنني أبكي 70 ضحية منهم 50 طفلا كانوا يملأون بيوتهم بالأمل والفرحة والشقاوة.. لكنني أبكي أيضا خوفي وقلقي علي وطن يسألني فيه كل من ألقاه: مصر رايحة علي فين ؟ أخشي أن تكون في طريق مزلقان غفل حارسه ويدهسنا القطار! [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر