عادل شهبون : عندما بدأ الهجوم الإسرائيلي علي غزة بالصواريخ والطائرات في27 ديسمبر عام2008 فيما عرف باسم عملية الرصاص المصبوب ثم تبع ذلك عملية الاجتياح البري كانت إسرائيل تستعد للانتخابات العامة وحينئذ كانت استطلاعات الرأي تشير إلي أن حزب العمل بزعامة إيهود باراك سوف يحصل علي عشرة مقاعد فقط. بعد اسبوعين ونصف الأزسبوع عندما انتهت العمليات العسكرية ضد غزة تصاعد المؤشر ليصل عدد المقاعد إلي18 مقعدا أي بزيادة قدرها أربع مقاعد في الأسبوع وبعد ذلك بشهر وفي اختبار الانتخابات الحقيقي حصل حزب العمل علي13 مقعدا فقط وهي أسوأ نتيجة يحققها الحزب في تاريخه وكان ذلك لصالح زعيمة كاديما آنذاك تسيبي ليفني وحينها تبين أن الناخبين تركوا باراك وذهبوا وراء ليفني فهل يحدث هذا في انتخابات2013 التي ستجري في يناير المقبل ويخذل الناخبون نتانياهو, كما فعلوا مع باراك؟ يقول بوجي هيرتزوج مسئول الحملة الانتخابية لحزب العمل إنه حتي تشرشل العظيم خسر الانتخابات فور انتهاء الحرب العالمية الثانية والرابح اليوم قد يكون هو الخاسر غدا فهل ستكون شيلي يحيموفيتش زعيمة حزب العمل في انتخابات2013 مثل ليفني في انتخابات2009 ؟ هذا السؤال تجيب عنه الأيام المقبلة أما فيما يتعلق بالواقع علي الأرض فقد أجمع المحللون في إسرائيل علي أن ما يحدث لن يجلب الهدوء ولن يحقق الطمأنينة لمواطني إسرائيل ويقول المحلل السياسي أوري ميسجاف رغم ان حماس لم تكن مسئولة عن اطلاق النار علي الجنود الإسرائيليين ونفذته فصائل جهادية متطرفة حينما بادرت باطلاق الصاروخ المضاد للدبابات علي سيارة للجيش الاسرائيلي واطلاق الصواريخ علي بلدات النقب. وعلي حسب ما تقول المخابرات العسكرية الإسرائيلية فإن تلك المنظمات تهدف إلي تحدي حماس من ناحية وجر اسرائيل الي عملية واسعة في غزة تنهار علي أثرها سلطة حماس وتنتقل القيادة الي القاعدة ورغم ان هذا معلوم للجميع فقد اغتالت اسرائيل الجعبري القائد العسكري لحماس وآخرين ووجهت في المقابل ضربات جوية اخري الي البنية التحتية لغزة ويضيف أوري قائلا: ان المنطق الوحيد لهذه العملية سياسي لا استراتيجي. فأكثر من مرة كانت الحكومات الواقعة في ازمة قد اعتادت ان تستعمل عشية التوجه الي صناديق الاقتراع اقتصاد انتخابات, أما اليوم فالبديل عنه هو حرب انتخابات. ولا جدال في أن سكان الجنوب وسكان قطاع غزة ايضا, يعيشون في واقع لا يحتمل ان الحكومة التي تدير شئون إسرائيل لم تفعل شيئا طوال الفترة الماضية كانت العملية الاستراتيجية الوحيدة بين اسرائيل وغزة هي إعادة أسير الجيش الاسرائيلي جلعاد شاليط, وتم ذلك تحت ضغط الاحتجاج الاجتماعي الاقتصادي ومقابل الافراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني0 وكانت هناك عملية واحدة اخري ذات آثار استراتيجية وهي السيطرة بالقوة علي السفينة مرمرة التي أفسدت علاقة اسرائيل مع تركيا وورطت اسرائيل علي الصعيد الدولي, ولم يتم شيء سوي ذلك لا فيما يتعلق بالحصار البحري والبري الذي يخنق غزة ولا فيما يتعلق ببنية الأنفاق التحتية التي تتطور نتيجة الحصار. والآن قبل الانتخابات في اسرائيل بشهرين جاءت تصفية الجعبري التي تعني اعلان حرب ويجمع الخبراء في إسرائيل علي انه كان يفترض ان تتم الانتخابات المقبلة في الملعب الاقتصادي الاجتماعي وليس في ميدان الحرب0 اما القيادي اليساري يوسي ساريد فيري أن عملية اغتيال الجعبري أو أي عملية اغتيال لا تحقق الأمن أو الاستقرار ولا تصنع هدوءا ويقول لقد اغتلنا عباس موسوي زعيم حزب الله اللبناني وجاء بعده من هو أسوأ منه وهو حسن نصر الله0 أما الكاتب السياسي إيتان هابر فيري أن من يعتقد أنه في نهاية هذه الحملة التي يطلق عليها عامود السحاب سوف ينعم الإسرائيليون بالهدوء لسنوات فهو واهم فهذه الحملة العسكرية هي فصل آخر في الكتاب الدموي الذي لم يعد أحد يتذكر بدايته أما نهايته فلا يراها أحد فهذه حرب لا نهاية لها0