فى بداية الأسبوع الماضى أوضحت مصادر عسكرية إسرائيلية أنه على الرغم من إسراع حركة حماس بإعلان مسئوليتها فإنها لم تكن مسئولة عن بداية الأحداث فى قطاع غزة. فإطلاق صاروخ مضاد للدبابات على مركبة عسكرية إسرائيلية وإطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل، قامت به سرايا الجهاد الإسلامى المتطرفة، ووفقاً لتقديرات المخابرات الحربية الإسرائيلية فإن هذه السرايا تضع نصب أعينها هدفاً مزدوجاً ألا وهو تحدى حركة حماس من ناحية وجر إسرائيل إلى عملية موسعة فى غزة تنهار فى أعقابها سلطة حماس وتنتقل قيادة الشارع الغزاوى إلى منظمات أكثر تطرفاً بما فيها عناصر من القاعدة. ورغم أن هذا كله معروف للقاصى والدانى فإن إسرائيل أقدمت على تصفية أحمد الجعبرى، قائد كتائب عز الدين القسام التابعة لحماس، وبعض القادة الآخرين. وفى نفس الوقت، وجهت ضربات جوية إلى بنية التنظيم. وحقيقة الأمر أن هذه العملية يقف وراءها منطق سياسى وليس استراتيجيا. فهكذا دائماً تتصرف الحكومات الإسرائيلية عندما نجد نفسها فى مأزق قبل إجراء الانتخابات. يقول أورى مسجاف، الصحفى الإسرائيلى، فى مقال له بصحيفة هآرتس إنه ليس هناك من شك فى أن سكان الجنوب الإسرائيلى (وسكان قطاع غزة بالمناسبة) يعيشون واقعاً لا يحتمل. والعملية الاستراتيجية الوحيدة التى جرت بين إسرائيل وغزة تنحصر فى إعادة الجندى الإسرائيلى المختطف، جلعاد شاليط، ولم يتم ذلك إلا بفعل الاحتجاجات الاجتماعية - الاقتصادية، فى مقابل إطلاق سراح أكثر من ألف أسير فلسطينى، وبالتعارض التام مع الموقف الذى أعلن عنه رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو حتى اليوم المحدد لإطلاق سراح الأسرى وتسلم الأسير. وفى واقع الأمر كانت هناك عملية أخرى ذات تأثير استراتيجى وهى الاستيلاء بالقوة على السفينة التركية مرمرة، وهى العملية التى خربت العلاقات الإسرائيلية - التركية وورطت إسرائيل على المستوى الدولى. بخلاف ذلك لم يحدث شىء لا بالنسبة للحصار البحرى البرى الذى يخنق غزة ولا بالنسبة للأنفاق التى تزدهر من حيث التجارة والتهريب نتيجة لهذا الحصار، ولا بالنسبة لتزايد القوة العسكرية لسرايا الجهاد برعاية إيران، ولا بالنسبة لإمكانية إجراء حوار سياسى مع الفلسطينيين عامة ومع حكومة حماس بصفة خاصة. والآن، وقبل الانتخابات الإسرائيلية بشهرين تقدم إسرائيل على اغتيال أحمد الجعبرى وهو ما يعنى إعلان الحرب. لقد كان من المفترض أن تجرى الانتخابات الإسرائيلية القادمة على الساحة الاقتصادية - الاجتماعية، وهى الساحة التى وجدت الحكومة الحالية نفسها فى مأزق أمامها، والعجيب أن نجد رئيسة حزب العمل الإسرائيلى، شيلى يحيموفيتش وهى تعلن دعمها لرئيس الوزراء نتنياهو فيما يتعلق بالتوتر الحادث فى الجنوب، كما لو كانت هى شريكة كاملة فى حكومته المستقبلية وليست منافسة على قيادة الدولة.