كان الموقف المصري تجاه القصف الإسرائيلي علي قطاع غزة غير مسبوق بردة فعل ايجابية لم يعتدها لا الفلسطينيين ولا الجانب الإسرائيلي ولا حتي المجتمع الدولي, فعلي الصعيد الداخلي المصري كان الحراك بحجم الحدث ودعا الناشطون المصريون والنخب والكتل إلي مليونية مناصرة أهل غزة, وبقي عدد من النخبه يتحسس ردود الفعل فهو من ناحية يجد ثورته تعبر عن طموحاته في موقف غير معتاد, ومن ناحية اخري يتوجس ان يقود التصعيد المصري الي حرب قد تطيح بآمال المصريين في التغيير والبناء ويري ان التوقيت غير ملائم بالمرة لهذا التصعيد المصري الذي اتخذ دفعة واحدة. بينما علي الجانب الفلسطيني كانت الطموحات تفوق كثيرا ما يجري علي الأرض, فالمتحدثون والقياديون في حركة حماس شغلهم الموقف المصري عن التصعيد الإسرائيلي وطائرات ال إف16 التي تجوب سماء القطاع علي مدار الساعة وتتربص بحياة الكبار والصغار وتهديدات متوالية من الجانب الإسرائيلي بتطوير العمليات وصولا الي عامود السحاب وهو اسم توراتي حسب تفسيرات المواقع العبرية عن عملية الاجتياح البري لغزة, وجائت كل البيانات الرسمية من غزه تدين العدوان الاثم من جهه وتثمن الموقف المصري والدور البارز الذي اطلقه الرئيس محمد مرسي من جهة ثانية, ومقارنات تطفو علي السطح بين موقف مصر قبل الثورة من عملية الاجتياح الإسرائيلي التي تمت في نهاية2008 وبداية2009, والتي اطلقت عليها إسرائيل عملية الرصاص المصبوب وراح ضحيتها1500 فلسطيني من الأبرياء, وآلاف المصابين, وردة فعل مصر بعد الثورة والتي بدأت مع الشرارة الأولي للاعتداء الإسرائيلي يوم الأربعاء14 نوفمبر الجاري باغتيال أحمد الجعبري نائب القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام, الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس, وزاد الشارع الغزاوي بأن الجيش المصري في الطريق لتخليص غزه من الصهاينة الغزاه, وحتي اثناء تشيع جثامين الشهداء لم ينس المشيعين الهتاف لمصر والرئيس المصري والجيش المصري, وزادت الطموحات الي ان بعض الرؤي تري ان ردة فعل مصر تجاه العدوان عظيمه ولكنها لا تكفي!. وفي رام الله القيادة السياسية غارقة في خطوة التوجه إلي الأممالمتحدة لطرح دولة فلسطين علي الجمعية العامه للتصويت علي دولة غير عضو, وتفاعل سريع مع الأعتداء الإسرائيلي علي غزة وقطع الرئيس عباس جولته الخارجية, وثمن موقف القيادة المصرية في التعامل مع الحدث وعقب ابو مازن علي زيارة رئيس الوزراء المصري هشام قنديل لقطاع غزة, مشيرا علي ضرورة الإنحناء احتراما للسلطات المصرية في القاهرة علي دعمها لأبناء فلسطين, ولكن لم تستقبل بعض الآراء في السلطة زيارة الدكتورهشام قنديل للقطاع يوم الجمعه بإيجابية, وخرجت التسريبات الإعلامية بوصفها دعما للانقسام وتكريسا لفكر حماس بإقامة أماره إسلامية في غزه, وحديث عن ان قيادات حماس سوف تستقبل الزياره علي انها دعم للفكر الحمساوي الانقلابي ولن تتعامل معها في ضوء المستجدات الحاصلة, بما يجعلها تدير ظهرها أكثر لعملية المصالحة, وأحاديث مترادفه عن رفض زيارة رئيس الوزراء, ويأتي ذلك علي خلاف ردة الفعل الشعبي في مدن الضفة ومسيرات تندد بالاعتداء وتثمن الموقف المصري وترفع شعارات لمصر الثورة وللرئيس محمد مرسي, في رام الله وبيت لحم ونابلس وجنين. أما الموقف الدولي فقد صاغه قرار مجلس الأمن الذي خرج فجر الخميس علي لسان السفير الهندي هارديب سينغ بوري رئيس مجلس الأمن, بان الاجتماع المغلق استمر ل90 دقيقة وان أعضاء المجلس لم يتفقوا إلا علي اصدار بيانا ينص علي انه تم عقد اجتماع طاريء وتفاصيل إجرائية أخري لم يفصح عن طبيعتها, وظهر جليا ايضا في ما ذكره أوباما تليفونيا للرئيس محمد مرسي بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها, واعلنته الرئاسة المصرية في حينه, وذات الموقف بنفس المفردات رددته كاثرين أشتون الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي الي الرئيس مرسي عن حق إسرائيل في الرد علي صواريخ المقاومة الفلسطينية وحماية أطفالها ومواطنيها في الجنوب الأسرائيلي, وكل الأطراف الدولية تشاهد التصعيد الإسرائيلي وكأنها تترقب الموقف المصري, عدا الموقف الروسي الذي اشاد بالدور المصري في التعاطي مع الحدث بعد ان أجري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مكالمة هاتفية مع الرئيس المصري محمد مرسي ليناقش معه التصعيد الأخير في قطاع غزة, وشدد بوتين علي ضرورة وقف المواجهات المسلحة والأعمال العسكرية التي يذهب ضحيتها المدنيون المسالمون, وعبر عن تأييده للجهود التي تبذلها القاهرة لتطبيع الوضع. وكان بوتين قد دعا خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو إلي وقف التصعيد وإعادة الوضع حول قطاع غزة إلي طبيعته, وكشف المتحدث باسم بوتين, دميتري بيسكوف, عن قلق رئيس روسيا إزاء ما يحدث لقطاع غزة. 4 قرارات او4 خطوات اتخذتها الرئاسة المصرية في اليوم الأول للاعتداء وكأنها خرجت دفعة واحده من استدعاء السفير الإسرائيلي وتبليغه بخطاب حاد اللهجة بضرورة وقف العدوان, الي سحب السفير المصري من تل ابيب وتهديد بقطع العلاقات, إلي دعوة الجامعة العربية لبحث تداعيات العدوان وسبل التعامل معه, والخطوة الرابعة هي دعوة مجلس الأمن وخطابات مصرية للمنظمة الدولية تطالبها بسرعة التحرك تجاه ما يجري في غزة. فهل هذه القرارات خرجت دفعة واحده, لأن مصر لديها ما تصعد به أذا لم تلتزم إسرائيل وتوقف هجماتها الشرسة علي القطاع المنكوب؟, ام انها دفعة واحده لتمثل ردعا للجانب الإسرائيلي قد يجعله يوقف آلة الدمار التي تدور رحاها علي القطاع بكتائبه ومجاهديه وأطفاله وشيوخه؟, وماذا لو واصلت اسرائيل بعملية برية تتحدث عنها وسائل الأعلام الإسرائيلي ليل نهار خصوصا بعد ما قاله وزير الشئون الإستراتيجية الإسرائيلي موشي يعلون بإن الجيش الإسرائيلي علي أهبة الاستعداد لعملية برية في قطاع غزة في حال رفضت حركة حماس التعهد بهدنة طويلة الأمد لوقف إطلاق النار, ونقلت الإذاعة العبرية العامة ان إسرائيل بدأت فعليا بتجنيد61 ألف جندي في الجانب اللوجستي للقوات البرية, وكان الكنيست الإسرائيلي وافق الخميس علي تجنيد03 ألف جندي احتياط تمهيدا لتوسيع العملية العسكرية علي القطاع. وزاد الصخب السياسي في الجانب الإسرائيلي الي الحد الذي جعل صحيفة هآرتس تتهم اليمين الإسرائيلي بتفجير الموقف علي الجبهة الجنوبية لرصد رد الفعل المصري, وماذا سيكون الموقف المصري لو تمت عملية أجتياح بري للقطاع.. ووصفت الصحيفة القرار بالمغامرة غير محمودة العواقب والتي من الممكن ان تفتح كل الجبهات علي اسرائيل في وقت واحد, فبينما الجبهة السورية قابلة للانفجار في اي وقت, والجبهة الشمالية, وجنوب لبنان وحزب الله يتربص بالشمال الأسرائيلي, وشعلة غزه نار مشتعلة لا تحتاج الي النفخ, والملف الإيراني مازال متأججا ولا احد يستطيع ان يتكهن بما يمكن ان تصل اليه الأمور, فأذا بأقطاب التطرف يستدرجون دولة إسرائيل الي مواجهة مع مصر أقرب إلي المغامرة. كما انتقدت صحيفة يديعوت احرونوت سياسة الأغتيالات ووصفتها بسياسة تأجيج النيران وتسائلت الصحيفة ماذا جنينا من اغتيال الشيخ ياسين؟ وهل انتهي الإرهاب بأغتيال الرنتيسي او المبحوح؟ ومن ثم هل يعود الأمن لإسرائيل باغتيال الجعبري؟ ونشر المحلل السياسي لصحيفة هارتس يوسي سريد قائلا في الأيام الأخيرة, قبيل الانتخابات التمهيدية في الليكود بيتنا وقبيل التصويت في الأممالمتحدة, يتنافس القائمون بالانتخابات التمهيدية في الهجوم علي محمود عباس ومقابل هذا الهجوم سيكون في صناديق اقتراع الحركة الموحدة الجديدة, وهم مصممون علي القضاء عليه لأنه هيأ لنا باعتداله فرصة اخري للتحادث والتهدئة. لم يعد يوجد فرق بين بنيامين نيتانياهو وموشيه فايجلين, وبين افيجدور ليبرمان وجدعون ساعر, فالجميع ينقض في هياج وغضب علي عباس بشرط ألا يبلغوا الي المحكمة الدولية في لاهاي, يتبين اذا ان الاعتدال ايضا ليس صفة تتيح طول العمر. ويواصل الكاتب تحليله بأن عامود السحاب عملية سيري الشعب كله بعدها عامود السحاب عند باب الخيمة ويسجد كل واحد عند باب خيمته, وبعد العملية سنعلم مرة اخري ان البحر هو نفس البحر وان غزة هي نفس غزة وان العرب هم العرب أنفسهم وكذلك اليهود ايضا.