يبدو أن مجلس الشوري, المشكوك في شرعيته, والمهدد بالحل في أي لحظة, يصر علي أن يتحفنا- حتي الرمق الأخير- بنوادره التي تقنعنا فعلا بحتمية رحيله في أقرب فرصة! ففي الصفحة الأولي من الأهرام صباح أمس- الأربعاء11/14- جاء أن الدكتور أحمد فهمي, رئيس مجلس الشوري..طالب وزارة الداخلية بتعديل لوائحها بما يسمح لأفراد الشرطة بإطلاق لحاهم. وقال إن إطلاق اللحية حق من حقوق الإنسان, مشيرا إلي أن أمريكا(نفسها!) تحترم حقوق السيخ(!!) في ممارسة حرياتهم العقائدية. وأضاف فهمي, أن تطبيق السنة مقدم علي الأعراف, داعيا الداخلية إلي عدم مخالفة السنة النبوية.إنتهي الخبر, ولي أكثرمن تعليق عليه: أولا: أن الشوري بذلك يثير قضية تافهة, سبق أن حسمتها وزارة الداخلية, ووزير الداخلية, اللذان عليهما بالقطع مهام ومسئوليات جسام, أهم بكثير من لحية بعض أفراد الشرطة! ثانيا: لماذا هذا الإحراج السخيف لوزير الداخلية, المحترم و المنضبط, اللواء أحمد جمال الدين؟ وهل بهذه الطريقة نساعد الرجل علي تحسين وترقية أداء الشرطة؟ هل استمعنا إلي خطابه الأخير في أكاديمية الشرطة, الذي يحث فيه رجال الشرطة علي ضرورة الالتزام بقواعد الانضباط الشرطي, وعدم التهاون مع أي مظهر من مظاهر الخروج عن الشرعية, والقانون, ومقتضيات الواجب الوظيفي؟ ثالثا: أي أهمية لملايين المصريين,الذين تطحنهم كل يوم عشرات المشاكل, ياسيادة رئيس الشوري, في قضية أن يتاح لبضع عشرات من العاملين بالشرطة إطلاق لحاهم؟ رابعا: تحدث الشوري عن إطلاق اللحي كحق من حقوق الإنسان, ياسلام! ياللعظمة! وما رأيكم سيادة رئيس الشوري- في حق الصحفي, جمال عبد الرحيم- الذي قمتم بإقالته من منصبه, في انتهاك نادر لكل قيم وأعراف وقوانين الصحافة وحريتها في العودة إلي عمله؟ هل إطلاق لحية ضابط شرطة أهم عندكم من احترام وتنفيذ حكمين من القضاء الإداري, يتم تجاهلهما, والمماحكة في تنفيذهما؟ خامسا: ولكي يثبت لنا الشوري اطلاعه و ثقافته العميقة, يقول لنا إن أمريكانفسها!! تحترم حقوق السيخ في ممارسة حرياتهم العقائدية! ما حكاية السيخ هذه؟ هم طائفة هندية يحتم معتقدها الديني(غير السماوي, بالمناسبة) إطالة شعر الرأس واللحية وعدم حلقهما! ولكنك ياسيدي لست مضطرا للإشارة للسيخ بالذات, ف أمريكا نفسها! تحترم حق أي مواطن, في أي شيء, طالما هو يحترم القانون. وأخيرا, فإن أسخف-وأنا آسف لاستعمال هذا التعبير- ماجاء في مطالبة الشوري, هواصطناع مواجهة بين الأعراف و السنة النبوية! إن السنة مجال ومفهوم شديد الاتساع, وينطوي علي اجتهادات هائلة, فأي سنة هي المقصودة؟ وماهذا التخويف أو الإرهاب باسم السنة؟ إن الرسول الكريم(ص) لم يخرج في مظهره و ملبسه عن البيئة التي ظهر فيها, ومن المؤكد أن تلك البيئة تختلف كثيرا عن البيئة التي نعيش فيها الآن, والمراجع وفيرة في وصف مظهر و رداء الرسول( ص) لمن يريد أن يعرف و يستزيد, فإذا كان هناك من يبالغون في التمحك بتلك المظاهر باسم السنة النبوية فلن أجد في التعليق عليهم أبلغ ولا أوجز من الحديث الشريف:هلك المتنطعون! المزيد من أعمدة د.أسامة الغزالى حرب