من أخطر المشكلات التي تواجهها مصر هي مشكلة المياه مع عدد من دول حوض النيل, في الوقت الذي تعمل فيه مصر علي تأمين عناصر الأمن القومي والعمق الاستراتيجي المصري في إفريقيا . وارتباط ذلك بكل من مياه النيل والبحر الأحمر ودول الجوار مما يتطلب ذلك من إرساء قواعد مؤثرة للوجود المصري في أفريقيا تخدم أهداف تامين وتطوير الرصيد المصري حتي تكون الدعامة الأساسية التي تستند إليها العلاقات المصرية الأفريقية, ويعد دعم التبادل التجاري وتشجيع الاستثمار المصري في دول القارة وفتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية في إطار تطوير الآليات اللازمة لتعظيم المصالح التجارية والاقتصادية المصرية. ومن هنا ومع أهمية دور التعاونيات فلقد تبني الإتحاد المصري العام للتعاونيات إنشاء اتحاد تعاوني لدول حوض النيل يسهم في تعزيز وتدعيم العلاقات بين مصر ودول الحوض ولكن واجهه الكثير من الصعاب بعد أن اقتربت من التنفيذ. في البداية يقول الدكتور أحمد عبد الظاهر عثمان رئيس الإتحاد العام للتعاونيات إن ارتباط مصر بالقارة الأفريقية يعد ارتباطا حضاريا وتاريخيا وهو بذلك ارتباط قدر ومصير, وتعطي مصر أولوية فائقة للعمل في المجال الأفريقي باعتبار أنه أحد المجالات الرئيسية التي يدور حولها الأمن المصري بمعناه الواسع وتتبلور فيه المصلحة المصرية في جوانبها السياسية والاقتصادية والثقافية, وقد كانت التجمعات الأفريقية الكوميسا والنيباد ترجمة صحيحة لتحقيق كل هذه الأهداف ومن ثم فإن الدائرة الأفريقية تعد أهم الدوائر التي توليها مصر في قلب القارة الأفريقية. كما أن التطورات الأخيرة حول اتفاقية مياه النيل تتطلب بناء علاقات تعاون مشترك مع دول حوض النيل يسودها الثقة المتبادلة والحرص علي التعاون البناء وتقديم المنافع المشتركة ولابد لمنظمات المجتمع المدني غير الحكومية أن تؤدي دورا بالتوازي مع جهود الدول وفي المقدمة الجمعيات والمؤسسات الأهلية والنقابات المهنية والعمالية والأحزاب السياسية والتعاونيات ولهذا فلقد اقترح الاتحاد العام للتعاونيات تأسيس الاتحاد التعاوني لدول حوض النيل لأن دول الحوض العشر تضم منظمات تعاونية نشيطة خاصة في أثيوبيا وكينيا وأوغندا وتنزانيا والسودان والكونغو ومصر, ويبلغ عضوية التعاونيات في دول حوض النيل حوالي35 مليون عضو في إطار50 ألف منظمة تعاونية في مختلف الأنشطة, لذا فإن تأسيس الاتحاد التعاوني لدول حوض النيل ضرورة عاجلة لأن العلاقات التعاونية في هذه الدول قوية مع إسرائيل التي تتولي تدريب وإعداد الكوادر التعاونية من خلال منح دراسية ودورات تدريبية في المعهد التعاوني بتل أبيب. ويؤكد الدكتور أحمد عبد الظاهر أن الإتحاد التعاوني لدول حوض النيل والمزمع تأسيسه يهدف لدعم القيادات التعاونية في مختلف الأنشطة في المعاهد التعاونية المصرية الثلاثة ومراكز التدريب التعاونية وتخصيص منح سنوية للدراسة في مرحلة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في القضايا التعاونية المشتركة والتنسيق في المواقف في اجتماعات المنظمات الدولية كالحلف التعاوني الدولي ومنظمة العمل الدولية ومنظمة الأغذية والزراعة الدولية ( الفاو) والمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة والاتحاد الدولي للمنتجين الزراعيين لذا فلابد من مساندة الدولة ودعمها في إنشاء اتحاد تعاوني لدول حوض النيل حتي نحل مشكلة المياه. ومن جهته يؤكد الدكتور محمود منصور عضو مجلس إدارة الاتحاد العام المصري للتعاونيات أن الاتحاد يسعي لتأسيس الاتحاد التعاوني لدول حوض النيل حيث طلب من وزارة التخطيط و التعاون الدولي عام2010 اعتماد مبلغ مالي قدره5 ملايين جنيه لدعم الاتحاد و تغطية تكاليف الأنشطة المطلوبة لتأسيس الاتحاد التعاوني لدول حوض النيل بعقد مؤتمر دولي يحضره ممثلي الحركات التعاونية في دول حوض النيل وتأسيس الإتحاد وشراء مقر له وتجهيزه وتشغيله, وقد وافقت فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي آنذاك وأحالت الموضوع للصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا بوزارة الخارجية الذي رفض تخصيص الدعم المالي لعدم وجود فائض في ميزانية الصندوق, وظل الأمر متوقفا عند هذا الحد حتي تفاقمت الأمور مع أثيوبيا ورفضها تسليم الوثائق للجنة الفنية الثلاثية والتي شكلت لدراسة موضوع سد النهضة,ومن هنا وبعد التطورات الأخيرة التي دارت حول اتفاقية مياه النيل وما تطلبته تلك المرحلة من ضرورة العمل علي بناء علاقات تعاون مشتركة مع دول حوض النيل تسودها الثقة المتبادلة, والحرص علي التعاون البناء وتقديم المنافع المشتركة, بالإضافة إلي تلبية احتياجات هذه الدول من مشروعات الخدمات في الكهرباء والطاقة ومياه الشرب والري والزراعة ونقل الخبرات في شتي المجالات الأخري وذلك من خلال تأسيس الاتحاد التعاوني لدول حوض النيل والذي يهدف إلي دعم وإعداد القيادات التعاونية في مختلف الأنشطة في المعاهد التعاونية المصرية الثلاثة ومراكز التدريب التعاونية وتخصيص منح سنوية للدراسة في مرحلة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في القضايا التعاونية المشتركة. ومن جهته يؤكد محمد عبد السلام عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للتعاونيات أنه تم وضع مخطط زمني لتأسيس الاتحاد التعاوني لدول حوض النيل من خلال مراحل تبدأ بتشكيل وفد تعاوني من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد العام للتعاونيات وبعض الخبرات العلمية بالمعاهد التعاونية لزيارة المنظمات والاتحادات التعاونية بدول حوض النيل طبقا لجدول زمني بالتنسيق مع الصندوق الفني الإفريقي التابع لوزارة الخارجية ووزارة التعاون الدولي لشرح فكرة تأسيس الاتحاد وفي ذات الوقت تتم دعوة وفود من الاتحادات التعاونية المماثلة بدول حوض النيل لزيارة مصر والاطلاع علي إنجازات الحركة التعاونية المصرية بهدف تعميق العلاقات التعاونية, وقد حرصنا علي اطلاع كل من رئيس مجلس الوزراء ووزراء الخارجية والتعاون الدولي والزراعة والري علي مقترح تأسيس اتحاد تعاوني لدول حوض النيل واتخذنا قرارا في اجتماع مجلس إدارة الاتحاد العام للتعاونيات بهذا الشأن انطلاقا من حرصنا علي دعم جهود تعظيم العلاقات مع الدول العشر لحوض النيل وتعظيما للمصالح المشتركة معها مما يتطلب جهودا موازية من منظمات المجتمع المدني. وفي أوائل العام الحالي تلقينا خطابا من السفيرة مني عمر مساعدة وزير الخارجية للشئون الأفريقية تعرب فيه عن تقدير الخارجية للاقتراح الذي يأتي في إطار حرص مصر علي الاهتمام بنشاط المجتمع المدني بمؤسساته المختلفة, وقد أعاد الاتحاد في مايو الماضي مخاطبة رئيس مجلس الوزراء ووزراء الخارجية والتعاون الدولي والري من أجل توفير الدعم والمساندة لتنظيم ندوة تعاونية افريقية يدعي إليها ممثلو التعاونيات في دول حوض النيل والحلف التعاوني الدولي لتناقش قضايا التنمية في دول الحوض من خلال المنظمات التعاونية وفي ختامها يتم الإعلان عن إنشاء الاتحاد التعاوني. كما نري ضرورة إنشاء مكاتب إقليمية في كل من شمال وجنوب وشرق وغرب ووسط أفريقيا يعمل علي تحقيق إنشاء مثل هذه الاتحادات بهدف عمل تكامل بين هذه الأقاليم بعضها البعض حيث تم عقد اجتماع خلال الجمعية العمومية للحلف التعاوني الدولي لأفريقيا لتبادل الأفكار حول تكوين حلف تعاوني أو اتحاد تعاوني لدول حوض وادي النيل والذي سبق أن تقدم به الاتحاد العام لتعاونيات مصر بها من قبل دول حوض وادي النيل وما يترتب عليه من مصالح مشتركة بين كافة الأطراف, كما طالب أعضاء الجمعية العمومية مصر بضرورة الاهتمام بدول حوض وادي النيل خصوصا أن هذه الدول في احتياج شديد للطاقة الكهربائية والمعاونة الفنية نظرا لوجود حراك شديد حاليا من أجل التنمية وذكروا أن هناك دولا كثيرة من خارج القارة بدأت تبحث لها عن دور داخل القارة مثل الصين وكوريا الجنوبية والسعودية والإمارات, وأيد الأعضاء فكرة إنشاء اتحاد تعاوني لدول حوض النيل وطلبوا عرض الأمر علي رئيس الحلف التعاوني الأفريقي, لذا فلابد من دعوة رؤساء الاتحادات التعاونية لدول حوض النيل للقاهرة في ظل مساندة حكومية مصرية لتفعيل تأسيس الاتحاد التعاوني لدول حوض وادي النيل.