من نيجيريا في غرب إفريقيا إلي ميانمار في شرق آسيا مرورا بليبيا ومصر وسوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة, تتعرض حقوق الإنسان لانتهاكات تتفاوت درجاتها, وتختلف أسبابها. هذا دفع المنظمات المدافعة عنها لأن تصرخ بأعلي صوتها محذرة من أن ذلك يدفع الشباب إلي الارتماء في حضن الجماعات المتطرفة والإرهابية, مثل تنظيم القاعدة, وطالبان, وبوكوحرام, ويثير القلاقل.. ليس فقط في الدولة التي تحدث فيها, وإنما أيضا في الدول المجاورة التي عادة ما تكتوي بنيران التطرف, ومزاحمة الفارين من جحيم القتال في بلادهم لمواطنيها علي الموارد القليلة التي يعيشون عليها في مناطقهم علي الحدود المشتركة, ولا يقتصر الأمر علي ذلك, فكثير من الشباب الفارين من الجحيم في بلادهم يهربون إلي بعض البلاد البعيدة لينضموا إلي إخوانهم في الدين, ويحاربوا أنظمة الحكم التي يرون أنها متواطئة مع حكومات دولهم, وكانت من وجهة نظرهم أحد أسباب تعاستهم وأهليهم, مثال ذلك أولئك الذين تركوا الجزائر ومصر وليبيا واليمن والصومال ودول الخليج وانضموا إلي تنظيم القاعدة وحركة طالبان, ثم عاد بعضهم يحاولون قلب نظم الحكم في بلادهم, وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وفقا لتصورهم المتشدد. في نيجيريا وجهت منظمة العفو الدولية اتهامات للجيش بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال محاربته جماعة بوكوحرام التي تطالب بإقامة إمارة إسلامية في الشمال ذي الأغلبية المسلمة, من بينها قتل واغتصاب واحتجاز بلا محاكمة كل من يشتبه في انتمائه للجماعة, وإحراق البيوت, مما دفع المزيد من الشباب الذي يعاني أيضا البطالة والفقر, وتفشي الفساد في أجهزة الدولة, للانضمام إليها نكاية في الحكومة. ولم يختلف الأمر كثيرا في الجزائر التي تعاني إرهاب أعضاء الجماعة السلفية للدعوة والقتال منذ أوائل التسعينيات, والتي تحولت فيما بعد إلي النواة الأساسية لتنظيم القاعدة فرع المغرب الإسلامي. أما في ليبيا الخارجة لتوها من ثورة علي القذافي, فهناك نحو 1700 ميليشيا مسلحة انضم بعضها إلي الجيش, وبقي معظمها خارج السيطرة يقتلون ويحتجزون بلا محاكمة من يريدون, الأمر الذي يهدد بانتكاسة للثورة, وربما بحرب أهلية في مجتمع قبلي مثل المجتمع الليبي. وما يحدث في سوريا للمدنيين الأبرياء من فظائع علي أيدي القوات السورية, ومسلحي المعارضة ليس أقل خطورة, حيث يجري القتل العمد, والإعدام للأسري بلا محاكمة, مما قد يجري عمليات انتقامية واسعة بين الطوائف المختلفة قبل وبعد زوال حكم الأسد, وما يحدث للفلسطينيين في الأراضي التي تحتلها إسرائيل يعرفه الجميع طوال عقود, وإن كان السبب مختلفا في مصر, فإن النتيجة هي نفسها, فما يتعرض له بعض المواطنين من سوء معاملة الشرطة في كمائن الطرق, وداخل الأقسام سببه جهل بعض رجال الشرطة بقواعد وقوانين حقوق الإنسان, أو تغاضيهم عن التمسك بها, مما يدفع الضحايا للانتقام من الدولة, إما بالتخريب, أو الانضمام إلي جماعات متطرفة مثل القاعدة. ونصل إلي ذروة المأساة حاليا في ميانمار (بورما سابقا), حيث تتعرض الأقلية من مسلمي الروهينجا لتطهير عرقي علي أيدي الأغلبية البوذية منذ شهور, حيث تم قتل وتشريد مئات الآلاف, وإحراق وتدمير بيوتهم, فيما وصفته هيومان رايتس ووتش بالاعتداءات الوحشية, وأطلقت عليه المفوضية الأوروبية العنف الأحمق, وحذرت رابطة دول جنوب شرق آسيا من عواقبه المتمثلة في دفع الضحايا للتطرف, وتهديد أمن المنطقة ومضيق ملقا الممر العالمي الرئيسي للسفن التجارية بين المحيطين الهادي والهندي, فالروهينجا لا تعترف بهم دولتهم كمواطنين, وتعتبرهم بنغالا, لكن بنجلاديش تعترض علي ذلك وترفض استقبالهم, كل هذا ومنظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 دولة إسلامية, والجامعة العربية, التي تشمل 22 دولة عربية إسلامية, لم تحركا ساكنا, واكتفيتا بالشجب والإدانة برغم أن لديهما وسائل ضغط كثيرة علي ميانمار وشركائها في الدين مثل الصين واليابان, من بينها المقاطعة التجارية وقطع العلاقات الدبلوماسية, ووقف الاستثمارات, وإثارة القضية في الأممالمتحدة وكل المحافل الدولية. ونرجو ألا ينتهي اجتماع منظمة التعاون الإسلامي في جيبوتي بعد ثلاثة أيام كالجبل الذي تمخض فولد فأرا. المزيد من مقالات عطيه عيسوى