مصر يمكنها أن تفعل أفضل بكثير مما يحدث علي أرضها الآن, وبالتأكيد نحن في مواجهة لخطة استثنائية في تاريخنا نطرح السؤال القديم: من يصنع الأحداث المهمة, الظرف التاريخي أم الشخصية البطل؟! ومثلما يقول هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا الأسبق إن التاريخ يظهر أن الحسابات الاعتيادية الحصيفة يمكن قلبها بحكمة ودأب الشخصيات الفذة الاستثنائية وقد حسم لي كوان يو صانع معجزة سنغافورة الجدل لصالحه. فتري هل يستطيع الرئيس محمد مرسي أن يصارع الظروف المعاكسة ضده, وأن يترك بصمته علي التاريخ المصري الحديث. هذا سؤال متروك للزمن, إلا أن مصر بصراحة بحاجة لما هو أحسن مما يقدم حتي الآن. وأحسب أن حالة النشوة التي أحاطت بثورة25 يناير أصبحت ذكري, وبدلا من الأمل الكبير حلت خيبات أمل جراء محاولة أخونة الدولة عوضا عن الانفتاح علي القوي السياسية لاشراكها في عملية البناء. كما أن مشروع النهضة الذي يمكن أن يحتوي آمال أمة تحلم بأن تكون في مصاف الأمم الفاعلة, وأن تقدم تجربة نجاح للآخرين لايزال غامضا بل مشكوك في وجوده أصلا!. وبالرغم من أن الوقت الذي مر منذ الثورة قصير نسبيا, إلا أن الإدارة الجديدة في البلاد وعلي رئيسها مرسي تتم محاسبتها بقسوة. ورغم تراجع تفاؤل المصريين إلا أنهم يتساءلون: تري إلي أي مدي كان أداء الرئيس جيدا حتي الآن, وأهم3 مجالات للحكم هي: حالة الاقتصاد والأمن والسياسة الخارجية, ولا يمكن لا نصار مرسي الحديث عن تحسن أو قفزة نوعية في الامور الثلاثة, فالأوضاع لم ترجع إلي الاحوال السابقة للثورة فيما يخص الاقتصاد والأمن. أما بالنسبة للسياسة الخارجية فإن هموم الداخل فرضت نفسها علي أجندة الرئيس, ولم تتمكن مصر من استغلال حالة الاعجاب بالثورة المصرية لتنتزع مكاسب استثنائية مثلما فعلت جنوب أفريقيا في ظل مانديلا. ويبقي أن الظروف شديدة التعقيد إلا أن مرسي وحكومته وجماعته لديهم الفرصة لكتابة تاريخ الجمهورية الثانية, ولن يكون الفشل لهم وحدهم لاقدر الله بل لجميع المصريين, ولحظتها ستكون الديمقراطية في مهب الريح! ولذا فإن اللحظة دقيقة للغاية, وسيناء في خطر, واسرائيل تزمجر, والارهاب يتهدد الجميع وعلي رأسهم الرئيس, ولن يتسامح التاريخ مع من ضيع الفرصة, وأختار نفسه وهواه ولم يدرك أن مصر تستحق ما هو أحسن!. المزيد من أعمدة محمد صابرين