كتبت : دينا عمارة: عشرون عاما قضاها بين السياسة والقضاء, ظل فيها مهيمنا علي الحياة السياسية وكانت فترة حكمه من أطول الفترات التي شهدتها بلاده منذ الحرب العالمية الثانية.. إنه سيلفيو بيرلسكوني رئيس الوزراء الإيطالي السابق الذي إستطاع أن يعيش حياة سياسية حافلة شهدت إخفاقات ونجاحات وانتقادات من المعارضة ومن الإيطاليين, لكنه في كل مرة كان يعرف كيف يقنع الناخبين بأن الآخرين هم المشكلة وأن الحل يكمن بداخله. عشرون عاما من الفضائح المستمرة والفساد المالي والسياسي التي كانت تملأ صفحات الجرائد ووسائل الإعلام ولكنه في كل مرة كان يلقي باللوم علي المعارضة متهما إياها بتلفيق التهم ضده لزعزعة صورته, حتي بعد صدور حكم ضده من إحدي المحاكم الإيطالية بالحبس لمدة عام وتغريمه10 ملايين دولار في قضية التهريب الضريبي المعروفة إعلاميا بإسم ميدياست وحرمانه من تقلد المناصب الحكومية لخمسة أعوام, فكان أول تصريحاته الصادمة إيطاليا أصبحت همجية! وعلي الرغم من أنه من المستبعد أن يقبع بيرلسكوني في السجن يوما واحدا نظرا للإستئناف الذي سيتقدم به محامو رئيس الوزراء السابق, وإن لم يكن لذلك فعلي الأرجح بسبب سنه(76 عاما), إلا أن هذا الحكم يؤكد حسبما يري معارضوه أن دخول بيرلسكوني العمل السياسي كان مجرد ذريعة للتمتع بحصانة تمكنه من تفادي جميع المشاكل القضائية, ففي أكثر من ثلاثين محاكمة جنائية لم تتم إدانة رئيس الوزراء السابق مطلقا بعقوبة من الدرجة الثالثة, وأن أغلب القضايا التي كان متهما فيها إستطاع التملص منها إما بالتبرئة أو إسقاط التهم بالتقادم, وإن كانت لا تزال هناك قضيتان من المنتظر ان ينظر فيهما القضاء الإيطالي وهما قضية يونيبول التي تتعلق بالتنصت علي المكالمات الهاتفية لزعيم الحزب الديمقراطي السابق بييرو فاسينو ونشر محتواها في صحيفة يملكها, وقضية روبي المتهم فيها بإقامة علاقة غير شرعية مع قاصر واستغلال نفوذه لحمايتها من السجن بعد اعتقالها بتهمة السرقة. إذا التهرب الضريبي لم تكن أولي فضائح رجل الأعمال الإيطالي الذي بدأ حياته مقاولا ولن تكون أخرها, فذلك الرجل صاحب أكبر إمبراطورية إعلامية وناد كبير( إيه سي ميلان) مسلسل فضائح لا ينتهي, وإن كانت أخر فضائحه ما نشرته مجلة التايم الأمريكية والتي أكدت أن بيرلسكوني وراء نشر الصور العارية لدوقة كامبريدج كيت ميدلتون, زوجة الامير وليم نجل ولي عهد بريطانيا والتي تسببت في فضيحة كبيرة للعائلة المالكة البريطانية, فقد أشارت المجلة إلي أن السبب في ذلك يرجع إلي نية بيرلسكوني الترشح لمنصب رئاسة الوزراء مرة ثانية لذلك قامت ابنته بنشر صور كيت ميدلتون عارية في مجلة شي الإيطالية التي تمتلكها بحجة الدفاع عن قيم حرية الصحافة أمام الرأي العام الإيطالي إلا أن السبب بالطبع كان تحقيق أعلي نسبة مبيعات. أما أولي الفضائح فكانت الحفلات الصاخبة التي كان يطلق عليها بونجا بونجا وكان يقيمها في منزله, والتي دأب من خلالها علي جلب فتيات قاصرات ليقيم معهن علاقات غير شرعية مدفوعة الأجر, منهم الإيطالية باتريسيا داداريو, وهو الأمر الذي كلفه الكثير من شعبيته حتي أنه تعرض للاعتداء الجسدي حينما كان في منصبه أثناء زيارة له لميلان حيث قام شاب بكسر أنفه بتمثال مما أفقد بيرلسكوني عددا من أسنانه, هذا بجانب المشاكل العائلية التي مر بها من جراء فضائحه والتي جعلت زوجته فيرونيكا لاريو تطلب الطلاق بعد حضوره حفل عيد ميلاد فتاة إعلانات كان يعرفها, وفجرت الزوجة التي ضاقت ذرعا بتصرفات زوجها الصبيانية فضيحة صاعقة بقولها إن بيرلسكوني يتردد علي القاصرات وأنه ينوي ترشيح بعض صغار نجمات التليفزيون في الانتخابات الأوروبية, وتبدو الطرفة من الطريقة التي كان يري بها بيرلسكوني افعاله, فعندما نشرت الصحف صورا له مع نساء عاريات الصدر يستمتعن بحمام للشمس في الفيلا الخاصة به, رد رئيس الوزراء وقتها قائلا إنها صور بريئة, هل كنتم تتوقعون أن نرتدي سترات وربطات عنق ونحن نستحم في الجاكوزي داخل منزلي الخاص؟ ومثل تذبذب أفعاله كانت أيضا تصريحاته, فتارة يصرح بيرلسكوني أنه ينوي الترشح لمنصب رئيس الوزراء خلفا للحالي ماريو مونتي في أبريل المقبل, وتارة أخري يعزف عن ذلك مفضلا ترك الحياة السياسية, وأخيرا يهدد بإنسحاب حزبه شعب الحرية الذي يترأسه بزعم ان السياسات التي تتبعها الحكومة الحالية بقيادة مونتي تدفع البلاد نحو دوامة الركود وهو بإنسحابه هذا يكون قد عرض الحكومة للسقوط نظرا لحصول كتلته اليمينية علي الأغلبية في البرلمان وهو الأمر الذي قد يسفر عن إنتخابات مبكرة.