تقرير شريف جاب الله مطالبة بعض القري بالخروج من محافظاتها خلال الفترة الأخيرة بسبب سوء أو انعدام الخدمات والمرافق وتجاهل المسئولين لمطالبهم طرحت وبقوة أهمية مواجهة المشكلات الاقتصادية للقري علي مائدة البحث حيث كشف الخبراء عن ضرورة توفير موارد مالية لاستكمال المرافق ل4627 قرية, وأشاروا الي أن77% من طلاب المدارس يتلقون دروسا خصوصية تستنزف15 مليارا سنويا.. دعوة بعض القري الي الانفصال عن المحافظات وإن كانت تعبيرا عن عدم الرضا المواطنين من الخدمات التي تقدم لهم إلا أنها تثير تساؤلات حول دور المحافظات في تقرير حقوق المواطنين وعن مدي مسئولياتها عن تقديم الخدمات لهم ومدي تأثير ذلك علي انتمائهم لتلك المحافظات. غياب حقوق المواطن المحلي سمير عبد الوهاب خبير التنمية والأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية قام من خلال وحدة دعم اللامركزية بالكلية بدراسة الظاهرة حيث اتضح غياب حقوق المواطن المحلي في الكثير منها فقانون الادارة المحلية رقم43 لسنة1979 ينص علي الكثير من الحقوق التي يتمتع بها المواطن المحلي في مصر ومنها حقه في الحصول علي الخدمات العامة في نطاق منطقته الجغرافية وحقه في الغذاء باعتبار أن المحافظ مسئول عن كفالة الأمن الغذائي ورفع كفاءة الانتاج الزراعي والصناعي والنهوض به وللمواطن الحق في الأمن وحماية حياته الخاصة فالمحافظ مسئول عن الأمن والأخلاق والقيم العامة بالمحافظة ويعاونه في ذلك مدير الأمن في إطار السياسة التي يضعها وزير الداخلية. وعن حق التنمية أكد القانون أن المجالس الشعبية المحلية مسئولة عن تنمية المجتمعات المحلية تنمية شاملة اساسها مكونات وامكانيات المجتمع المحلي وعليها كشف الفرص الاستثمارية والتعرف علي المشكلات التي يعانيها المواطنون والتي توجد في المجتمع المحلي ولعل من أهم الحقوق السياسية والمدنية التي أعطاها القانون للمواطنين المحليين الحق في الانتخاب والترشح لعضوية المجالس الشعبية المحلية, فنص علي أن تشكل المجالس الشعبية المحلية بالانتخابات المباشرة من المواطنين وعلي أن حق الترشح والانتخاب للمجالس الشعبية المحلية مكفول لجميع المواطنين الذين تتوافر فيهم الشروط بدون التمييز بينهم علي أي أساس ديني أو عرقي.. وبالنسبة لحق المواطنين في المشاركة في الإدارة أجاز القانون للمجلس الشعبي المحلي للمحافظة بالاتفاق مع المحافظ أن يقرر تمثيل المنتفعين في الادارة والاشراف علي المشروعات والأجهزة والوحدات التي تقوم بإدارة وتسيير المشروعات في الخدمات العامة بالمحافظة. ويقول سمير عبد الوهاب انه علي الرغم من هذه الحقوق إلا أن الواقع يشير لأمر آخر وأولا هناك غياب للتوسعات المحلية اللازمة لممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية فإذا كانت المؤسسات أو المجالس الشعبية المحلية هي المؤسسات المحلية التي من خلالها يمارس المواطنون المحليون حقوقهم السياسية والمدنية فإن هذه المؤسسات لم تعد موجودة منذ قيام ثورة25 يناير خاصة عندما صدر في شهر سبتمبر2011 المرسوم بقانون رقم116 لسنة2011 بحل المجالس الشعبية المحلية بناء علي حكم القضاء الاداري الذي صدر من قبل واستجابة لمطالب القوي والتيارات السياسية كذلك فهناك عدم وضوح للجهة المسئولة عن حقوق المواطن المحلي فعلي الرغم من أن تقديم الخدمات العامة ينفذ محليا فمازالت الحكومة المركزية تحكم قبضتها وسيطرتها علي الأنظمة المالية والادارية التي يتم عن طريقها توفير الخدمات المحلية ومن هنا يتبين أن حقوق المواطن المحلي حقوق لدي الحكومة المركزية أكثر من كونها حقوقا لدي الادارة المحلية, ويؤ كد ذلك أن مديريات الخدمات وفروعها تتولي تقديم الخدمات المختلفة كممثلة للوزارة القطاعية ولعل أقرب مثال علي ذلك ماحدث مؤخرا عندما قامت مدرسة بإحدي المدارس الابتدائية بمحافظة الأقصر بقص شعر تلميذتين لاترتديان الحجاب فقام كل من وزير التربية والتعليم والمحافظ بتوقيع العقاب عليها. كذلك تتولي مجموعة من الهيئات العامة الأنشطة الرئيسية للسلطات المركزية مثل هيئة الأبنية التعليمية التي تعتبر الجهة المسئولة عن بناء المدارس بالمحافظات والاشراف عليها كذلك صدور قرارات جمهورية بنقل الخدمات من المحافظات الي الوزارات ففي عام2004 صدر القرار الجمهوري رقم135 لسنة2004 بإنشاء الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف وتخضع لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم203 لسنة1991 ولائحته التنفيذية وبإنشاء الشركة القابضة أصبح دور الادارة المحلية يقتصر علي مجرد تقديم المقترحات وابداء الاراء ومنح شركة المياه تصاريح الحفر لأعمال الإحلال والتجديد لشبكات المياه وتقديم الخطط المستقبلية للسنوات المقبلة لمواجهة ضعف المياه وزيادة السكان والطلب علي المياه وتقديم الجدول الزمني للأعمال الخارجية. ويشير المراقبون لنقطة أخري تتعلق بعدم توافر الآليات التي تمكن المواطن من التعبير عن رأيه ولم يوضح القرار بقانون رقم43 لسنة1979 وسيلة محددة للمواطنين ليعبروا من خلالها عن آرائهم في القضايا المحلية المهمة فعلي الرغم من دور اللامركزية في تحقيق الانسجام الاجتماعي والشعور بالانتماء ومن ثم حق المواطنين في تحديد هويتهم وانتمائهم لمجتمع معين الا أننا نلاحظ أن المواطنين في محافظات القاهرةوالجيزة وقنا لم يتم أخذ رأيهم عند إنشاء محافظات جديدة وهي حلوان و6 أكتوبر والأقصر في عام2008 حيث وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها تابعين لمحافظة أخري لم يكونوا يعلمون عنها شيئا ولم يكن لهم رأي فيها قبل إنشائها كما لم يتم أخذ رأيهم عند إلغاء محافظتي6 أكتوبر وحلوان مرة أخري.. وهو ما أدي إلي نوع من الاحتجاجات من جانب المواطنين عقب إنشاء هذه المحافظات خاصة في محافظتي الجيزة وحلوان. ويثير الخبراء نقطة أخري تتعلق بعدم المساواة فعلي الرغم من أن القانون أكد المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق السياسية الا أننا نلاحظ انخفاض تمثيل المرأة في المجالس الشعبية المحلية حيث تراوحت بين1.2% في عام1997 و4.4% في عام2008 وبالاضافة لما سبق شهدت الفترة السابقة علي الثورة خفض تمثيل الأحزاب السياسية المعارضة في المجالس الشعبية المحلية ففي انتخابات المحليات عام2008 لم يتجاوز نصيب أحزاب المعارضة والمستقلين نسبة1.5% بينما فاز الحزب الوطني بأكثر من98% من اجمالي مقاعد المجالس الشعبية المحلية البالغ عددها53 ألف مقعد والي جانب التعاون في التمثيل في المجالس الشعبية المحلية تشير تقارير التنمية البشرية الي التفاوت في مؤشر التنمية البشرية بين المحافظات وبعضها البعض. وتكشف الوقائع الحالية عن عدم توافر الخدمات لقطاع كبير من المواطنين وانخفاض جودتها فعلي سبيل المثال مشكلة ادارة المخلفات الصلبة حيث يعد جمع المخلفات الصلبة البلدية مشكلة كبيرة حيث تنتشر في الشوارع وعلي الأرصفة والساحات الفضاء والمناطق العامة كذلك مشكلة مياه الشرب النقية فمن أهم الملامح المتعلقة بانتهاك الحق في الحصول علي مياه شرب مأمونة في مصر أولا نقص مياه الشرب حيث انتشرت مشكلة ندرة المياه في مصر وأصبحت هذه المشكلة موجودة في محافظات مصر وثانيا تلوث مياه الشرب والأمراض الناتجة عنها كذلك خدمات الصرف الصحي والتي تركز معظمها غالبا علي المدن والمناطق الحضرية في حين تعاني المناطق الريفية من حرمان ونقص شديد من توافر هذه الخدمة مقارنة بالمدن فتشير الاقتصادات الي أن عدد القري التي لم تتم تغطيتها بخدمات الصرف الصحي يصل لنحو4627 قرية و30 ألف تابع وفيما يتعلق بالخدمات الصحية يمكننا أن نضع مؤشرات متعددة علي عدم توافر الخدمات الصحية بالشكل المطلوب مثل عدم شمول نظام التأمين الصحي الشامل لجميع المواطنين في مصر حتي الآن وانتشار الاصابة بالالتهاب الكبدي بي وسي والفشل الكلوي والسرطان ويلعب تلوث المياه والغذاء دورا رئيسيا ذلك فضلا عن تدني نسبة الانفاق الحكومي علي قطاع الصحة الي أقل من4% من جملة الانفاق الحكومي وبالنسبة للتعليم يواجه التعليم في مصر مشكلات عدة أهمها ارتفاع كثافة التلاميذ بالفصول مع قلة اعداد المدارس وتعدد الفترات الدراسية والاعتماد علي طرق التدريس التقليدية ومشكلة الدروس الخصوصية التي تستنزف15 مليار جنيه من دخل الأسر وأن مابين16 77% من طلاب المدارس في السنوات الدراسية المختلفة يحصلون علي دروس خصوصية. تفعيل دور المحافظات في تحقيق المواطنة المحلية. ويشير المراقبون الي ضرورة تفعيل دور المحافظات في تحقيق المواطنة المحلية من خلال النص الصريح والواضح علي اللامركزية وحقوق المواطن في الدستور الجديد وذلك لجميع الخدمات خاصة الفئات الضعيفة ومنها التعليم والصحة والسكن وخدمات البنية الأساسية مثل مياه الشرب الصالحة والصرف الصحي والغذاء والأمن كذلك ضرورة التحديد الدقيق والواضح للجهات المسئولة عن حقوق المواطنين فيجب أن يكون هناك تحديد واضح لاختصاصات وسلطات الوحدات المحلية بحيث يكون معروفا مالذي ينبغي أن تؤديه وماالذي ينبغي ألا تؤديه ومايدخل في نطاق اختصاص المؤسسات المركزية وفي ضوء ذلك سوف تسهل عملية مساءلة وتقييم القيادات المحلية ويتم القضاء علي ضياع وتشتت المسئولية والحد من تدخل الحكومة المركزية ويمكن ان يقتصر دور الوزارات أو السلطة التنفيذية علي الجوانب الفنية بينما تترك الجوانب الإدارية والتنفيذية للوحدات المحلية. ومن ناحية أخري فإنه يجب أن يكون لكل مستوي محلي اختصاصاته الواضحة التي لايجوز لمستوي آخر كالمحافظة مثلا أن يتدخل فيها ويمكن أن تتمثل اختصاصات المحافظة في كل مايهم جميع ابناء المحافظة والتي تكون اقدر علي تأديتها كمستوي أكبر من المستوي الثاني( المدينة الحي القرية). ايضا التأكيد علي دور المجالس الشعبية المحلية في حماية حقوق المواطن المحلي حيث يستطيع المجلس الشعبي المحلي أن يؤكد حقوق المواطن في صنع القرار في المجالس والسياسات المختلفة مثل التعليم والصحة والنقل العام والزراعة والضمان الاجتماعي ولذلك تمثل اللجان الاطار التنظيمي الذي من خلاله تتم دراسة المقترحات والتقارير التي تنطوي بالتأكيد علي حقوق المواطن ويقدم الخبراء مجموعة من الحلول لمواجهة المشكلة السابقة عند تطبيق اللامركزية وتشمل ضمان المساواة والعدالة في التمثيل في المجالس الشعبية المحلية بحيث يتم تشجيع المواطنين علي الترشح للانتخابات المحلية والتمثيل في هذه المجالس لجميع الفئات من الأحزاب السياسية والشباب والمرأة والاقباط. أيضا تشكيل مجالس محلية بالانتخاب في المدن الجديدة أسوة بالمدن العادية وغيرها من الوحدات المحلية.