الروح والملأ الملائك حوله للدين والدنيا به بشراء والعرش يزهو والحظيرة تزدهي والمنتهي والسدرة العصماء والآي تتري والخوارق جمة جبريل رواح بها غداء. العظيم علي خلق عظيم.. في كل ميزان عظمة.. عظيم في ميزان الدين.. عظيم في ميزان العلم, وعظيم في ميزان الشعور.. نبي عظيم وبطل عظيم وإنسان عظيم نقل البشرية من الإيمان بالأصنام إلي الإيمان بالله.. نقلهم من عبادة الحجر إلي عبادة الحق الأعلي.. عبادة خالق الكون الذي لا خالق سواه.. نقل العالم كله من ركود إلي حركة, ومن فوضي إلي نظام, ومن ضلال إلي نور, ومن شتات إلي ثبات.. ولم ينقله هذه النقلة قبله ولا بعده أحد من أصحاب الدعوات.. محمد.. أحب خلق الله إلي الله.. من كتب اسمه علي عرش الرحمن وأخذ الله الميثاق لنصرته علي الأنبياء والمرسلين, وجاء وصفه في التوراة, وأودعت صفاته الإنجيل.. سيد أهل الأرض إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.. محمد.. الذي قال عنه ربه يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون. عندما أخذ النبي سبيله لردع الأغنياء الذين تمردوا علي الزكاة ولتأديب الذين يريدون تمزيق وحدة القبائل الإسلامية من جديد, بعد أن أعلن في كل أنحاء الجزيرة: يا أيها الناس أنتم أمة واحدة.. أقبلوا علي المدينة في ثياب خشنة, وجوههم يكسوها التزمت, والشعور مشعثة, وفي العيون طمع غامض, وقد نبذوا الثياب والعطر والزخرف والزينة التي ألفوها, عسي أن يقربهم هذا الزهد من قلب محمد, وينعم عليهم بالمناصب في الدولة الجديدة, فإذا به يلقاهم في بردة حسنة, طيب الرائحة, منسق الهندام, يفوح منه عطر هادئ.. باسما حانيا يصافح بنظراته كل القلوب.. فأعلنوا أمامه أنهم يدخلون في الإسلام.. وأخذوا يمدحونه, فطلب منهم ألا يمدحوه فما فسدت الدنيا من قبل إلا لأن التابعين كانوا يمدحون كل من يتخذونه إماما.. وبايعهم علي الإسلام.. فقالوا له: آمنا.. آمنا..! قال: بل قولوا أسلمنا, ولما يدخل الإيمان قلوبكم!.. إن ما يشغل أفئدتكم الآن هو التظاهر والمبالغة التي تبعد بكم في النهاية عن الحقيقة.. إن ما في قلوبكم ليس الإيمان, وإنما البحث عما يوفره الإيمان من مناصب وغني! ولكن الإيمان بذل لا نهب. وطلب محمد من أبي بكر الذهاب ليحج بالناس, فما يستطيع هو أن يبرح المدينة والوفود تقبل عليه بطوفان من المطامع والمفاهيم الخاطئة مما يهدد القيم الفاضلة التي جاء بها, وتلفت من حوله إلي شئون المدينة فلاحظ أن بعض المسلمين قد ازدادوا ثراء من التجارة, وأن بعضهم يحتكر تجارات بالذات فأعلنهم المحتكر ملعون.. وفي تلك الأيام التي سادتها الرغبة في المتاع بما كسب المسلمون من غنائم في الغزوات والحروب, شن محمد حملات قاسية علي الأثرياء, ومن أجل المساواة, حتي لقد رجع غاضبا من علي باب ابنته فاطمة حين رأي ستارا موشي علي الباب, وخاصمها حتي باعته وتصدقت بثمنه, وخاصمها مرة أخري لأنه شاهد في يديها سوارين من فضة وفي المدينة فقراء, فباعتهما بدرهمين ونصف وأرسلت الثمن إلي بعض ذوي الحاجة, وشن حملة المساواة نفسها علي الوفود التي أقبلت تجدد البيعة أمامه.. و..فجأة يقبل من بيت مارية رسول ينبئه بمرض ابنه الوحيد إبراهيم.. ويموت الابن علي ذراعيه.. وتسيل دموع أب مستسلم مذعن: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يغضب الرب, ولولا أن الموت وعد صادق وموعد جامع, فإن الآخر منا يتبع الأول, لوجدنا عليك يا إبراهيم وجدا شديدا.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. خرج الرجل الذي اضطلع بأعباء الدنيا ومن فيها وهو لا يضطلع بحمل قدميه.. خرج يتوكأ علي صديق عطوف إلي حيث يحمل الوليد لآخر مرة في حضنه الأبوي قبل أن يودعه حضن التراب, ويستقبل الجبل بوجهه قائلا: يا جبل, لو كان بك مثل ما بي لهدك.. ويمكث الأب المكلوم يبكي علي القبر في صمت فاجع فيقترب عبدالرحمن بن عوف منه مستنكرا: أولم تكن نهيت عن البكاء فيجيبه الحزن صوتا: ما عن الحزن نهيت, وإنما نهيت عن رفع الصوت بالبكاء, وإن ما ترون بي أثر ما في القلب من محبة ورحمة, ومن لم يبد الرحمة لم يبد غيره عليه الرحمة.. لقد نسي أقرب الناس إليه أن سيد الأنبياء من الآباء, بل أب أرحم من سائر الآباء.. ظنوا أن النبي لا يحزن, كما ظن قوم أن الشجاع لا يخاف, وأن الكريم لا يعرف قيمة المال,.. ولكن القلب الذي لا يعرف قيمة المال لا فضل له في الكرم, والقلب الذي لا يخاف لا فضل له في الشجاعة, والقلب الذي لا يحزن لا فضل له في الصبر.. لقد كان حزنه لموت إبراهيم بمقدار فرحه بمولده, وكان فرحه بمولده بمقدار أمله فيه واشتياقه إليه.. لقد قص الأب المتهلل شعر وليده وتصدق بزنته فضة, وبمقدار الفرح بيوم الاستقبال كان الحزن الوجيع يوم الوداع حيث بكي وأبكي الناس للمشهد الأليم, وفجأة علت الوجوه بهتة كما احتجبت السماء الصافية وبهتت الشمس, وتضاءل نورها, واعترت الطبيعة كلها رعدة ثلجية, كرعدة الحمي, فسارع الطير إلي أوكاره الليلية يحتمي بها صائحا جزعا, ثم انطفأت الأشعة الأخيرة التي لاتزال تضيء المكان بنور باهت, فأسدلت الظلمة ثوبها علي الأرض في وضح النهار بينما تلألأت نجوم مرتجفة في كبد السماء, وارتاع القوم اضطرابا انتظارا لوقوع الدمار الأعظم, إلا أن بعضهم أرجع غضبة الطبيعة إلي حزن نبي الله فقالوا: يا رسول الله إن عين الشمس قد غشيتها الدموع فاحتجبت تشاركك الأحزان.. فاعتدل الرسول من انحناءته متغلبا علي آلامه ليعلن بصوت ثابت: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله, فلا ينكسفان لموت أحد من عباده ولا لحياته. ويمضي الأب الثاكل إلي بيت مارية الأم الثكلي ليواسيها, علي أنه لم يعتزل الناس بل خرج إلي المسجد ليحادثهم عن الحياة والموت والعدل والإخاء, ثم يسكت قليلا ليمسح دمعة خضلت اللحية الكريمة.. ويعاوده من جديد الألم الذي عرفه منذ سم خيبر لكنه لا يستسلم لآلام الجسد ولا لأحزان الفؤاد, بل يري أن الناس في المدينةومكة وكل مضارب الخيام والأطراف البعيدة في حاجة لاجتماع ضخم يتلاقون فيه تحت راية واحدة.. ويعلن أنه سيخرج إلي الحج.. وتكون حجة الوداع. وتسيل الجبال والوديان بعشرات الآلاف يسوقون أمامهم الآلاف من الهدي للتضحية علي عرفات, ويلتقي الجمع في مكة, ويأخذ محمد معه جميع زوجاته ليشرع من خلال ما يأمر به زوجاته ما يجب علي المرأة الحاجة.. يدخل الرسول مكة في وضح النهار, وينيخ ناقته أمام باب السلام, ويتطلع للبيت الحرام قائلا: اللهم زد هذا البيت تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا والثابت أن الرسول اعتمر أربع عمر لا غير, وكلها في شهر ذي القعدة, وهي عمرة الحديبية في ذي القعدة سنة6 ه, وعمرة القضاء في ذي القعدة سنة7 ه, وعمرة الجعرانة في ذي القعدة سنة8 ه, وعمرته مع حجته أحرم بهما معا في ذي القعدة سنة12 ه, وما اعتمر في غير ذلك بعد هجرته, وفي حجة الوداع قال: من أحب أن يبدأ بعمرة قبل الحج فليفعل, وتسأله عائشة: ألا نبني لك بناء يظلك من الشمس, فقال لا إنما هو مناخ من سبق بمعني أنه لا مبان ثابتة في مني وإنما من يسبق إلي بقعة فليخيم بها حتي انتهاء الحج.. وعن عائشة في حجة الوداع أن الرسول طاف حول الكعبة علي بعيره يستلم الركن, كراهية أن يضرب عنه الناس, وفي ذلك جواز الطواف علي البعير والإيماء إلي الركن بالعصي.. وعن عائشة أن النبي قال لها: لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت البيت فزدت فيه ما نقص منه, ولو وضعته بالأرض وجعلت له بابين, باب يدخل منه, وباب يخرج منه حتي لا يكون زحام, وزدت فيها ستة أذرع من الحجر فإن قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة.. وفي أمر الهدي قالت عائشة إن الرسول صلي الله عليه وسلم قال لها: يا عائشة هلمي المدية, ثم قال: اشحذيها بحجر ففعلت, ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال: بسم الله, اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ثم ضحي به.. وعن الحسن البصري عن عائشة: لدغ رسول الله عقرب فأمر بقتلها وهو محرم.. وعن عائشة: أخر النبي طواف يوم النحر إلي الليل.. أي أنه رخص بطواف الإفاضة في تأخيره إلي الليل.. وعن عائشة: طيبت رسول الله بيدي هاتين حين أحرم, وكحلته حين أحل قبل أن يطوف وبسطت يديها.. وقولها رضي الله عنها: كنا نضمخ وجوهنا بالمسك المطيب قبل أن نحرم فنعرق فيسيل علي وجوهنا ونحن مع رسول الله فلا ينهانا, وقولها: دخل الرسول الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتي خرج منها إجلالا لله وتعظيما.. وقالت: طيبته بيدي قبل أن يفيض.. وأفاض رسول الله من آخر يومه حين صلي الظهر, ثم رجع فمكث بمني ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس, كل جمرة بسبع حصيات, يكبر مع كل حصاة, ويقف عند الأولي وعند الثانية فيطيل القيام ويتضرع, ثم يرمي الثالثة ولا يقف عندها.. وقولها: كنت أطيب رسول الله صلي الله عليه وسلم بعدما يذبح ويحلق قبل أن يزور البيت.. وعن أم الدرداء قالت سألت عائشة رضي الله عنها: ما كنت تزودينه إذا سافرت مع الرسول أو حججت أو غزوت معه, قالت: أزوده قارورة دهن, ومشطا, ومرآة, ومقصا, ومكحلة وسواكا.. في حجة الوداع بعدما توضأ الرسول بدأ بالحجر الأسود فقبله بينما فاضت عيناه بالدموع.. وفي اليوم الثامن من ذي الحجة قام إلي وادي مني فصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء, وفي اليوم التالي اعتلي ناقته القصواء وسار إلي جبل عرفات بعد صلاة الفجر, حيث احتشد أكثر من100 ألف حاج يرددون علي سفوح الجبل الصخرية لبيك اللهم لبيك.. لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك.. يقول فيقولون: إن لصوته رنة من السماء فيعاود القول: إنما أنا بشر مثلكم فيقولون: إن في وجهه نورا من الغيب, ويده تمس الصخر فينفجر منه الماء فينهي الناس أن يضيفوا إليه ما ليس له: إنما أنا بشر يحب الطيب والنساء وقرة عينه في الصلاة.. بشر جاء بمكارم الأخلاق, وإنه ليضحك ويبكي ويأكل الطعام, ويمشي في الأسواق, ويستشير لكيلا يخطئ, وينزل عند رأي الغالبية, بشر من لحم ودم وأعصاب يغضب ويرضي, ويرفض أن يقبل يده أحد.. بشر لا يفجر الماء ولا يضيء الظلمات, فلا تقولوا له سيدنا فإنه ليغضب منها وينهي عنها.. بشر كالآخرين, وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل... ويرفع محمد صوته لكنه لا يبلغ جميع الأسماع فيأمر أحد الذين بجواره ترديد قوله, وليردده ثالث, ورابع, وآخرون حتي يسمع الناس جميعا.. وتلتاع الأفئدة مما يقوله في مستهل خطابه: اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا.. وفي خطبته يوصي بالنساء خيرا, ويحذر من الشيطان, ويعدد الأشهر الأربعة الحرم, ويحرم الربا, ويؤاخي بين العبيد والسادة, وبين المساكين والملاك الكبار, ويجعل من الصدق والأمانة والوفاء دستورا للعلاقات بين الناس, ويضع كل بريق خاطف زائف تحت الأقدام.. ويؤكد دائما علي أنه بشر.. كالآخرين.. ويختم خطبة الوداع بقوله: فاعقلوا أيها الناس قولي, فإني قد بلغت, وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا: كتاب الله وسنة رسوله. أيها الناس تعلموا: إن كل مسلم أخ للمسلم, وأن المسلمين أخوة, فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه, فلا تظلمن أنفسكم.. وينادي النبي الكريم قومه: اللهم هل بلغت؟! فيجيبه المائة ألف حاج بصوت واحد يفيض إجلالا وإيمانا: اللهم نعم.. فقال الرسول: اللهم فاشهد.... وفي موضع آخر من عرفات يقال له الصخرات, ويتميز بألواح صخرية ضخمة نزل علي الرسول الوحي علي حين غرة, فكاد عضد ناقته يندق من ثقل الوحي الذي نفذ بالآيات البينات إلي قلب صاحبها, فوقعت علي ركبتيها, وها هي ذي كلمات العلي القدير التي نزلت ختاما لخطبة الرسول تعلن أن رسالة محمد قد انتهت: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا.. ويمضي الرسول إلي المدينة فيرسل جيشا قوامه من الشباب لمحاربة الروم علي رأسه أسامة بن زيد الذي لم يبلغ العشرين, وعندما تتعالي الأصوات بالاعتراض لترك المقاليد للشباب وحدهم يجيبهم نبي الله إن حربا مثل هذه لفي حاجة إلي شباب يندفعون بالحرص علي الاستشهاد يؤجج حماسهم حب الحرية.. و..يسقط محمد مريضا حتي لم يستطع الخروج إلي الصلاة, ويجر قدميه إلي بيت عائشة مستندآ إلي عمه العباس وابن عمه علي بن أبي طالب, فتلاقيه عائشة مريضة هي الأخري تعصب رأسها, فيغالب النبي ضعفه ليقول مبتسما: وما ضر لو مت قبلي فقمت عليك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك فتصيح عائشة عاتبة: ليكن ذلك حظ غيري والله لكأني بك لو فعلت ذلك قد رجعت إلي بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك فيضحك الرسول وتكون تلك أول مرة تعرف فيها البسمة طريقها إلي شفتيه منذ مات وحيده إبراهيم.. ويشتد المرض فيأمر أبا بكر بالصلاة بالناس.. وذات صباح يأنس في نفسه العافية فيطلب المساعدة كي يلقي الناس بالمسجد ليناشدهم ويوصيهم ويعلمهم ويحذرهم وينهاهم ويهيب بهم.. يحذرهم من أمراء يكونون من بعده: يكلمون ويكذبون فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم علي ظلمهم فليس مني ولا أنا منه. ينهاهم عن الرشوة: من شفع شفاعة لأحد فأهدي له هدية عليها فقبلها فقد أتي بابا عظيما من أبواب الكبائر.. يأمرهم بالعدل بأن يوم الوالي العادل أفضل من عبادة سبعين عاما. يهيب بهم: وكبرت خيانة عند الله أن تحدث أخاك حديثا هو لك مصدق وأنت له كاذب. يحثهم علي الرحمة: من لا يرحم الناس لا يرحمه الله, ومن رحم ولو ذبيحة رحمه الله يوم القيامة.. و..جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا وأنزل في الأرض جزءا واحدا, فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتي ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه.. يؤدبهم.. لا يستقيم إيمان عبد حتي يستقيم قلبه, ولا يستقيم قلبه حتي يستقيم لسانه.. و..من حسن إيمان المرء تركه ما لا يعنيه.. و..قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذي والله غني حليم.. و..إن من شر الناس عند الله تعالي منزلة يوم القيامة من تركه الناس إتقاء فحشه.. و..من ستر علي مؤمن عورة فكأنما أحيا موؤدة.. و..إياكم والحسد فإنه يأكل الحسنات كما تأكل الناس الحطب.. ينير أبصارهم بأن خير الأمور أوساطها.. وليس خيركم من ترك الدنيا للآخرة والآخرة للدنيا, ولكن خيركم من أخذ من هذه وهذه.. و..إن الله بعثني بالحنيفية السهلة, ولم يبعثني بالرهبانية المبتدعة, سنتي الصلاة والنوم والإفطار والصوم فمن رغب عن سنتي فليس مني.. وقالها الرسول ثلاثا: هلك المتنطعون.. هلك المتنطعون.. هلك المتنطعون وهم المتشددون في غير موضع التشدد.. وقد دخل الرسول المسجد فإذا حبل ممدود بين عمودين من سواري المسجد فسأل ما هذا الحبل؟ قالوا هذا حبل زينب فإذا فترت أي كسلت عن القيام في الصلاة تعلقت به, فقال: حلوه الحبل ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد, وعن عائشة رضي الله عنها عن الرسول صلي الله عليه وسلم أنه قال: إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتي يذهب عنه النوم, فإنه إذا صلي وهو ناعس لا يدري لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه, وعن أبي جابر: كنت أصلي مع النبي الصلوات فكانت صلاته قصدا بين الطول والقصر وخطبته قصدا, وعن الرسول عليه السلام صم وافطر, ونم وقم, فإن لجسدك عليك حقا, وإن لعينيك عليك حقا, وإن لزوجك عليك حقا, وإن لزورك عليك حقا, وحسبك أن تصوم في كل شهر ثلاثة أيام, فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها فإن ذلك صيام الدهر, ولما طلب أبو محمد بن عبدالله بن عمر بن العاص المزيد لما لديه من قوة قال له الرسول صم صيام نبي الله داود ولا تزد عليه, فيسأله ابن عمر ما كان صيام داود؟ قال الرسول: نصف الدهر.. يشرح لهم بأن الله يعز أهل العلم ويؤثرهم بكرامته وفضله يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إذا قعد علي كرسيه للفصل بين العباد: إني لم أجعل علمي وحلمي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم ما كان فيكم ولا أبالي.. ويقول النبي الكريم لأبي ذر: يا أبا ذر لأن تغدو فتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة, ولأن تغدو فتعلم بابا من العلم عمل به أو لم يعمل به خير لك من أن تصلي ألف ركعة.. و..من سلك طريقا التمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلي الجنة.. و..إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض, حتي النملة في جحرها وحتي الحوت في جوف البحر ليصلون علي معلم الناس الخير.. و..من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتي يرجع.. و..فضل العالم علي العابد كفضل القمر ليلة البدر علي سائر الكواكب.. و..العلماء ورثة الأنبياء.. وقل رب زدني علما ولا عبادة كتفكر وهل ينفع القرآن إلا بالعلم, ولا ينبغي للجاهل أن يسكت علي جهله, ولا للعالم أن يسكت علي علمه.. و..من علم علما فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار.. و..فضل العلم خير من فضل العبادة.. و..قالها الرسول صلي الله عليه وسلم ثلاثة: علموا ويسروا.. علموا ويسروا.. علموا ويسروا. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أوصني قال: إذا عملت سيئة فاتبعها حسنة تمحها قلت: يا رسول الله أمن الحسنات لا إله إلا الله؟ قال: هي أفضل الحسنات.. فلا إله إلا الله.. لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله.. [email protected] المزيد من مقالات سناء البيسى