تشهد أسعار اللحوم ارتفاعا جنونيا, ويزداد هذا الجنون مع اقتراب العيد, حيث يجد التجار الفرصة لتحريك الأسعار الملتهبة أصلا لتزداد اشتعالا, حتي وصل سعر كيلو الكندوز البلدي إلي70 جنيها. والضأن وصل إلي75 جنيها, بينما يباع البتلو بالمذبح بسعر من65 إلي85 جنيها. لم تبخل عليه حكومتنا الرشيدة فجاءت بسيل من التسهيلات في استيراد السلع, حيث فتحت باب الاستيراد للسلع الغذائية من بلدان العالم, ومنها اللحوم, دون الرجوع لتاريخ صلاحية هذه السلع, وهذا ما يؤكده قرار وزير الصناعة والتجارة الخارجية المهندس حاتم صالح رقم709 لسنة2012 الذي ألغي فيه المادة الثالثة من القرار الوزاري رقم285 لسنة2006 بشأن الالتزام بالمواصفات القياسية المصرية الخاصة( اقتراب صلاحية المواد الغذائية), وكان القرار285 للحكومة السابقة ينص علي السماح باستيراد السلع الغذائية الباقي في تاريخ صلاحيتها ثلاثة أشهر. وهذا القرار يفتح الباب علي مصراعيه أمام المستوردين لأن يجمعوا النفايات الغذائية من أي كان بالعالم مادامت فترة الصلاحية لهذه النفايات قد ألغيت, خاصة اللحوم التي يعاد تصنيعها وتمنح فترة صلاحية جديدة. أما الأمر الأغرب فهو ما أثاره تقرير الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية الصادر منذ أيام وأشار إلي تراجع كميات اللحوم في الأسواق, وارتفاع أسعارها, وذلك بفعل تضارب اشتراطات الاستيراد البيطرية بما يعوق الاستيراد محددا السماح بدخول صفقات اللحوم الهندية المصابة بطفيل الساركوسيست, ومطالبا بالوقف الفوري لتحليل مادة الدايوكسين المسرطنة في اللحوم المستوردة والإفراج الفوري عن شحنات اللحوم المستوردة والمتحفظ عليها. وأظهر الاجتماع الذي حدث يوم6 أكتوبر الحالي, حجم مافيا اللحوم بإصرارها علي دخول اللحوم المجمدة المصابة بالساركوسيست, مبررين ذلك بأن هذا الطفيل غير ضار بصحة الإنسان, وتزول آثاره من اللحوم عند التجميد, متناسين أن القانون رقم517 لسنة1986 يؤكد أنه طفيل ضار بصحة الإنسان, وأنه يتعين ضرورة إعدام الذبيحة بالكامل في حالة إصابتها بالساركوسيست, ولكن كان تضارب وزارة الصحة في هذا الأمر ما بين غلق الهند كمنشأ للحوم بسبب هذا المرض, وإعادة فتحها مرة أخري ودخول187 رسالة لحوم فاسدة ومصابة بهذا الطفيل, وللأسف مرت إلي الأسواق وتناولها المصريون, وحتي الآن برغم مرور أشهر لاتزال التحقيقات حولها. كما يطالب التقرير الصادر عن اجتماع الاتحاد العام للغرف التجارية بالإيقاف الفوري لإخضاع اللحوم المجمدة المستوردة لفحص مادة الدايوكسين المسرطنة, بل تعد من أخطر المواد المسرطنة بحجة أن هذا التحليل مكلف!! ولم يقتصر الأمر علي تلوث اللحوم الهندية بطفيل الساركوسيست, ولكن المشكلة الأكبر والأخطر تكمن في تلوث هذه اللحوم بالمبيدات المكورة مبيد( د. د. ت) المعروف بخطورته, والمحرم دوليا, حيث أرجع خبراء منظمة الصحة العالمية أن هذه الأضرار والإصابات ناتجة عن الاستخدام المفرط للمبيدات الحشرية التي تسربت في نهاية المطاف إلي التربة والمياه الجوفية, وتلوثت المحاصيل والحبوب التي تحتوي علي متبقيات سامة لهذه الملوثات, وكذلك لحوم الأبقار والجاموس التي تتناول تلك الأعلاف. وكما يقول دكتور بيطري محمود عبدالوهاب: إنه منذ أن تلاحظ زيادة وارتفاع أعداد الوفيات بالسرطان في منطقة مالو بولاية البنجاب, قام معهد البحث والتعليم الطبي بالمنطقة ببحث المشكلة, حيث كشفت الدراسة عن أن المياه أصبحت ضارة وملوثة للإنسان والحيوان, وتلوث الحبوب والأعلاف والمحاصيل الحقلية بمتبقيات المبيدات والأسمدة الكيميائية, كما كشف أن88% من عينات المياه الجوفية أظهرت مستويات مرعبة من الزئبق, و50% من مياه الصنبور ملوثة بالزرنيخ, وهي مواد مسرطنة, كذلك يتم اكتشاف نسب عالية من الرصاص والكادميوم في الحبوب, والمحاصيل الحقلية التي تتغذي عليها الحيوانات فتترسب في لحومها ويتناولها الإنسان بكل ما تحتويه من متبقيات مواد مسرطنة, ومن شواهد ذلك هو اكتشاف وزارة العلوم والتكنولوجيا العراقية في أبريل2011 وجود نسب تلوث عالية في اللحوم الهندية المصدرة إلي العراق بنسب مرتفعة لمتبقيات المبيدات المكلورة( د. د. تي) ونشرت علي موقعها الإلكتروني أن فحوصات جرت علي20 عينة من اللحم الهندي لمعرفة مستويات ال( د. د. تي) أظهرت أن16 عينة من العشرين ملوثة بالمبيد بنسب عالية ومسرطنة. ويقول د. فتحي النواوي استاذ بكلية طب بيطري ضاربا المثل بقطعان المواشي الأمريكية, وهي تربي في مراع مفتوحة, مما يجعل الحيوانات شرسة, لذلك يتم إخصاء هذه الحيوانات في سن مبكرة, بما يعني أن مصدر الهرمونات التي تعمل علي نمو هذه الحيوانات غير موجودة, لذلك يتم زرع كبسولة الهرمون لمساعدتها علي النمو, وللحفاظ علي صحة الإنسان الذي سيتناول لحوم هذه الحيوانات, فإنه عندما يصل الحيوان إلي الوزن المناسب في السن المرادة له, يتم إيقاف استخدام هذه الهرمونات, كذلك يعطي الحيوان علائق نظيفة لمدة لا تقل عن60 يوما قبل ذبحه, وسحب عينات من بول ودم وروث هذه الحيوانات للتأكد من مستوي نسبة هذه الهرمونات في هذه العينات في الحدود المسموحة, كذلك سحب عينات من لحومها وأحشائها للتأكد من خلوها من الهرمون, وعند الذبح أيضا يتم التخلص من الأذن أو المكان الذي يتم الحقن فيه بإعدامه, تأمينا للإنسان, حتي لا تصل إليه هذه الهرمونات. أما المسئولون بوزارة الزراعة فهم في ورطة بسبب سياسة التخبط التي يمارسونها, تماما مثلما عالجوا لحوم الساركوسيست, وأيضا عندما جلبوا الحيوانات من السودان وهي تحمل الحمي القلاعية, التي أتت علي نصف ثروة مصر الحيوانية, أما بالنسبة للحوم الأسترالية والبرازيلية, فالغلطة ليست غلطة الدول الموردة, إنما هي غلطة الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الزراعة.