لاشك أن صدمة عنيفة أصابت كل من لديه ذرة عقل عند سماع خبر القبض علي طفلين في التاسعة من عمرهما بتهمة ازدراء الأديان لتبولهما علي أوراق تحمل آيات قرآنية واحتجازهما في دار للأحداث علي ذمة التحقيق. لقد نسي شيوخنا أن مهمتهم الأساسية تعليم رعاياهم صحيح الدين الذي يحض علي حسن التعامل واحترام الآخر واحترام معتقداته, وللأسف شب أبناء هذا الجيل علي رفض الآخر بسبب ما يتلقونه, سواء من آبائهم أو من المشايخ والوعاظ في المساجد الذين هم أهم وأخطر معلمي هذا الزمان وأكثر تأثيرا في الرأي العام والأكثر احتراما لذا فإن دورهم أهم من دور الحكومة أحيانا. فعندما يرفض الطفل المسلم تحية زميله ورفيقه المسيحي في المدرسة لأنه لقن أن كل من ليس من دينه يكون كافرا فإننا نواجه مشكلة عظيمة ولابد من محاسبة من لقنه هذه الأفكار المغلوطة, وبالمثل عندما يكون رد فعل أي طفل مسيحي علي اساءة من مسلم بتدنيس كتابه المقدس لابد من محاسبة من ملأوا رأسه بهذا الأسلوب كرد فعل. ولو تابعنا مسلسل المسئولية فسنجدها تتصاعد الي جهات عليا في الدولة الا اننا سنبدأ بالبحث عن البيت والأب وسنجده في الغالب جاهلا لم يتلق تعليما معقولا إن لم يكن أميا أصلا, وسنجد أن هذا الأب الجاهل يستمد معلوماته الدينية من شيخ الجامع الذي هو اليوم معلم هذه الفئة في مجتمعنا. هذا يوصلنا الي ان اختيار هذا المستوي من الوعاظ هو مسئولية وزير الأوقاف الذي من المفترض وضع شروط ومعايير لمن سيخاطبون الناس وسيخطبون فيهم في المساجد والزوايا, ويعطون الدروس الدينية. وسنصل الي رئيس الوزراء الذي أساء اختيار وزرائه, وبهذا نكون قد وصلنا الي أعلي رأس في الدولة نتيجة سوء اختياره وسوء التخطيط الذي أوصلنا الي أنه حتي التعليم المجاني يظل أغلب الشعب فيه جاهلا ومفتقدا لثقافة الدينية الحقة. وقد تكون وثيقة المواطن وقدسية الأديان المقترحة من عدد من المفكرين المسلمين والمسيحيين لإصدارها من الأزهر الشريف والكنيسة القبطية خطوة أولي علي الطريق الصحيح, لكنها ستكون خطوة محدودة الأثر إن لم تكن مصحوبة بإعلام ذكي وشرح وتوضيح وتفسير للفئة المستهدفة والتي يجب ان تكون موجهة لهم وهي فئة أغلبها غير قادر علي فك الخط,, فمجرد اصدار وثيقة غير كاف, ولكن الأهم هو شرح ما يرد فيها الي المواطن المسلم والمسيحي بصورة مباشرة وسيكون ذلك أولي خطوات قطع الطريق علي من يعتمد علي جهل المواطن ويستحل هذا الجهل لمصالح تعد شديدة الدنو مقارنة بصالح الوطن ومصيره ومستقبله. وقبل ان نحاسب من يزدرينا ويزدري ديننا في الخارج أو في الداخل لابد من ان نبدأ بأنفسنا حتي نتمكن من مواجهته ومقاومته فكريا, لأن الكتب السماوية والرسل كلها تدعونا الي التوحيد والإيمان بالرسل والمقدسات واحترام الآخر. ومن ناحية ثانية, لابد ان تكون هناك وقفة حاسمة إزاء الفضائيات التي تتحدث باسم الدين, سواء أكانت تلك القنوات اسلامية أم مسيحية لأن الاثنين متهمان بدرجة عظيمة بزيادة الاحتقان بين الديانتين ومعتقنيهما, فالإعلام المرئي أصبح هو مصدر الثقافة والمعلومة الرئيسي لدي أغلب المواطنين وهو المصدر الوحيد بالنسبة للكثيرين, ولايجب التعلل أو التحجج بحرية الرأي والتعبير في مواجهة هذه القنوات المخربة لأنها أصبحت بالفعل خطرا يهدد وحدتنا, وسوابق اغلاق القنوات لأسباب أقل أهمية قريبة. وتكشف لنا معطيات كثيرة أن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه فإدانة المخطئ وحده غير كاف لو كان هناك من دفعه لارتكاب هذا الخطأ. علينا أن نعرف واجباتنا قبل ان نطالب بحقوقنا.