زرت وعملت في أكثر من أربعين دولة في أربع من قارات العالم علي مدي نصف قرن من الزمان, فلم أجد في أي منها, رغم ما بينهما من تفاوت في العادات واللغات والقوانين والأجناس والثقافات, مثل الفوضي التي تعمل بها منذ سنين المحال والدكاكين في مصرنا المحروسه, وهو أمر وأيم الله بعضه خطير والبعض الآخر منحرف ومرير. الخطير أولا, أن الغالبية من هذه المحال والدكاكين, خاصة في عدد من الأحياء المسماة بالراقية أو الجديدة في عاصمة دولتنا, ترفض عند إعلان كيانها والتعريف بنفسها استخدام اللغة العربية رسما أو اسما أو كليهما معا. وإذا كان من المفهوم والمعقول أن يسمح لفروع المؤسسات الاجنبية والتوكيلات الرسمية للمنتجات العالميه بإضافة اسمها باللغة الأجنبية علي يافطاتها وإعلانتها, فإن غير ذلك يعتبر تغريبا وتحقيرا وتشويها للغة العربية في عرينها وعقر دارها, وإضعافا لمكون من مكونات قوتنا الناعمة التي هي جزء أساسي من أمننا القومي. الخطير ثانيا, أن الغالبية العظمي من المحال والدكاكين في عموم البلاد لا تلتزم بشروط المساحة المسموح بها في تراخيصها, وتخرج لتحتل مساحات أخري أمامها علي الأرصفه والحوائط, وبعضها يضيف مساحات من الشارع أو كل الشارع حسب أصول تفتيح المخ والتساهيل. وأدي ذلك الي سير المارة في أنهار الشوارع بين حواف وعوادم السيارات وعربات الموتي المسماة بالميكروباصات. وبعد كل ذلك يتعجب المتعجبون من ازدياد الحوادث والاصابات والأمراض والاختناقات, الأمر الذي لا نملك معه إلا الصياح مع عميد مسرحنا يا للهول! الخطير أن كل أصحاب المحال والدكاكين, المستوردون منهم والمتاجرون يرفعون أسعار بضائعهم وخدماتهم وقتما يريدون وبأي نسبة يشاءون في إصرار مشبوه علي حرمان ذوي الدخول المحدودة من العيش الكريم وعلي الاحتفاظ بنسب أرباحهم بل وتعظيمها, فلا يوجد في الغالب من يدقق في تواريخ الصلاحية أو المواد الفاعلةاو المصنعة, وإن وجد بالصدفة وبالمشيئة, فأدلة التزوير موجودة ومكالمات المحمول لبعض ذوي النفوذ ميسورة ومضمونة. أما في الدول الرأسمالية التي شاهدتها أو عايشتها, فلا تجرؤ أي مؤسسة أو تجمع لشركات وبالأولي المحال أن ترفع أسعارها الا بنسبة ضئيلة للغاية, وبقرار من المؤسسات والجمعيات والغرف المهنية, ولسلع محددة وبعد دراسة الأسباب والتأثيرات علي المصالح العامة والخاصة ودونما مساس بأسعار ما تم بالفعل من إنتاج قبل صدور القرار سواء وزع علي المحال أم بقي في المخازن والمستودعات. أما المنحرف والمرير, فهي فوضي المحال والدكاكين في ساعات العمل بلا مواعيد والتي تؤثر بالسلب علي القاطنين من المرضي والسالمين, ولا تؤدي الي أي نفع للبائعين أو المشترين, حيث حجم المبيعات يحدده في الأساس مستوي الدخول. أما تحديد المواعيد بالتقليل فلا يؤدي كما يزعمون الي طرد العاملين الذين هم في محالهم ثابتون( اللهم إلا في بعض سلاسل محال محددة) والعكس هو الأكيد والمفيد للجميع; إذ يوفر الطاقة والعافية ويساعد في ترابط الأسرة وتنظيم المرور وإحكام الأمن والتأمين. وللتأكيد أذكر وأزيد, أن السكوت علي الأمور الخطيرة والسلوكيات المنحرفة والمريرة كما تعلمنا وعلمنا يولد أعرافا, خاطئة, تكتسب بمرور الوقت تجذرا وشعبية يصبح دون إقتلاعها خرط القتاد. كما أن تخريب أي بلد واحتلاله في التخطيط العلمي والاستراتيجي. إنما يبدأ بتغريب لغته ثم ثقافته, وبعدها تلقائيا هويته وانتمائه ولننظر حولنا.. أضف إلي ذلك أن الخطأ بين, والصواب بين, والمستفيد واضح والمضرورين أوضح والإمكانيات البشرية والمالية متوافرة أو بدأت الان تتوافر, ولا يبقي حاليا الا العزم المأمول والحزم المطلوب.