حين يبدأ الصغار أولي خطوطهم في محاولاتهم البدائية للإمساك بالأقلام و الألوان لتخرج الأشكال و التكوينات بما يعرف بأسم الشخبطة, لكنها ليست مجرد خطوط متداخلة لا تنتمي لعالم الواقع و أيضا ليست بفنون و رسوم مدروسة لممارسة الهوايات و وضع اللمسات المتأنقة, بل هي أعمق من كل ذلك. فقد بدأ جاليري و قاعات عرض درب1718 بإلتقاط ذلك الخيط و إعطائه مساحة متسعة للظهور, ليأتي تحت عنوان شخابيط المهرجان الأول والمخصص لإبداعات الطفل في أفرع الفنون التشكيلية, مستهدفا النشيء القادم و صانعي المستقبل, ليتاح أمام هذه الفئة العمرية الأهم بكافة المجتمعات الساعية للتقدم و التحضر أن يعبر بأعمالها الفنية عن مشاعره و تصوراته المتعانقة مع الخيال و السابحة بين سماء الطموحات و الأحلام, كما أنه قد يتمكن أن يعبر بفطرته عن أهم و أخطر القضايا و الأحداث التي تشهدها المجتمعات, بل و قد تكون رؤيته و تحليلاتهم هي الأصوب علي قدر بساطتها و قلة خبراتها, بالإضافة لكل هذا فيمكن من خلال تلك الإبداعات الكشف عن الخبايا الإدراكية و التكوينات العقلية و التأثيرات النفسية و الحياتية التي يمكن أن يتعرض لها منذ نعومة أظافره, فعالم الصغار بما فيه من فوضي قد تتفجر و بلا نهاية بملامح تفيض بالكثير من الإبداع و التجديد, فالصغير يجد ملاذه الحقيقي و سعادته الطفولية حين يبعثر تعبيراته اللونية و الخطية و الشكلية علي مساحات صغرت أو كبرت من الأسطح البيضاء تماما مثل نقائهم و براءتهم, لينطق دون قيود أو شروط, مكونا بصمته الخاصة و ممثلا لكيانه الخاص و ذاته دون محاكاة أو تقليد لأحد, لتقدم لنا تلك القاعة و المنتمية بموقعها لقلب جزء من تاريخ مصر العمراني و الأثري بحي مصر القديمة و أمام متحف الشمع و قد تأثر بالمحيط الثقافي و التراث من حوله لينشغل و يتعرض للعديد من مجالات الفنون و الإبداعات من فنون تشكيلية ومسرح وكتب و أشعار و قصص, اليوم في عرضه الأخير أراد تسليط الضوء علي عقول المستقبل, ليصبح بمثابة الباب الذي يفتح فتنطلق منه الآف الأفكار و الحكايات و الإبداعات و الموقعة بأيدي صغار اليوم ليصبحوا كبار الغد بإذن الله.