شكك كثيرون في رحلة يوليو69 التي سبق فيها الأمريكيون وسجلوا يومها هبوط أول إنسان فوق سطح القمر قام بوضع العلم الأمريكي هناك, ومن يدري ماذا يمكن أن يحدث في المستقبل عندما يصبح السفر إلي القمر لا يختلف عن السفر بالطائرات العادية, فقط بعد أن يؤدي المسافر التدريبات المطلوبة والضرورية للخروج من الجاذبية الأرضية. ولم تكن رحلة ابولو11 التي حملت أرمسترونج وزميليه إلي القمر, و التي تم التشكيك فيها, الرحلة الأولي والأخيرة, وإنما تبعتها ست رحلات أخري إلي القمر, حملت18 رائدا فضائيا وهبطت جميعها فوق سطح القمر بإستثناء رحلة واحدة كانت وللمفارقة رحلة أبوللو رقم13 التي دارت حول القمر ولكنها لم تتمكن من الهبوط نظرا لمتاعب حدثت في خزان الأكسيجين فصدر القرار إلي الرواد بالعودة وكأن ذلك تأكيدا للذين يتشائمون من رقم13! وفي يوم11 ديسمبر1972 قبل40 سنة كانت رحلة أبولو17 آخر رحلة يصل روادها إلي القمر. ولم يكن ممكنا التشكيك في رحلات القمر وهناك عيون الإتحاد السوفيتي التي كانت موجودة في الفضاء وتراقب تحركات الأمريكيين. كما لم يكن وصول السوفيت إلي القمر دلالة علي تخلفهم. فرغم وصول أمريكا القمر إلا أن السوفيت ظلوا يؤكدون أنهم الأسبق في علم الفضاء بدليل أنهم كانوا أصحاب أول رحلة حول الأرض قام بها إنسان وهو يوري جاجارين الذي دار حول الأرض دورة كاملة قطعها في108 دقائق. تلاحم فضائي بين أمريكا وروسيا والواقع أن دفعة الوصول إلي القمر قد تحققت بسبب التنافس الكبير بين القوتين الأعظم عندما إنتقلا من السيطرة علي الأرض إلي غزو الفضاء, وجاءت الهدنة بين القوتين عندما إتفقا علي عمل مشترك في الفضاء جري بالفعل يوم15 يوليو1975 عندما تم بنجاح التلاحم في الفضاء بين مركبة فضاء أمريكية( أبولو) ومركبة أخري سوفيتية( سويوز) وخلال التلاحم تبادل رواد المركبتين التزاور! ومن المركبات الفضائية التي تحمل الرواد إلي الفضاء إتجهت الدولتان( أمريكا والإتحاد السوفيتي) إلي إقامة مايسمي المحطات الفضائية وهي عبارة عن أماكن يستطيع أن يقيم فيها زوار الفضاء والعمل فترات طويلة. وتعتبرالمحطة ورشة ومصنع ومخزن وغيرها. وهذه المحطات منها الصغير الذي يتم بنائه كاملا وإطلاقه, بينما المحطات الكبيرة يجري تجميعها في الفضاء ولها منصات إلتحام لإستقبال المركبات الفضائية ومساعدتها وفي الوقت نفسه إجراء البحوث العلمية مثل دراسة النجوم والكواكب وتأثيرات الجاذبية مما مكن من الإقامة مددا طويلة في الفضاء. وأشهر المحطات الفضائية المحطة السوفيتية مير أي السلام بالروسية وهي مجمع متعدد المهام للبحوث العلمية وزنه124 طنا أطلقها الإتحاد السوفيتي في5 سبتمبر1989. وبعد نهاية الإتحاد السوفيتي ظلت مير تمارس عملها تحت إشراف روسيا عشر سنوات حتي26 أغسطس عام1999 قطعت خلالها3638 مليون كيلومتر وشهدت إقامة عدد من الرواد ومنهم الرائد الروسي فاليري بولياكوف الذي أمضي علي ظهر المحطة438 يوما وهو رقم قياسي من حيث الإقامة في الفضاء. محطة فضاء دولية وقد أحس علماء العالم بأهمية المحطة مير فإلتقي مسؤلو15 دولة في يناير1998 وإتفقوا علي عمل مشترك لإقامة محطة فضائية تحل محل المحطة مير التي إنتهي عمرها. وعلي الفور بدأ بناء المحطة التي تكلفت100 مليار يورو. وتقع علي إرتفاع400 كيلومتر وهي عبارة عن جسم ضخم وزنه450 طنا وطوله88 مترا وعرضه110 أمتار ومجهز بألواح شمسية تبلغ مساحتها إذا تم فردها1200 متر مربع. وقد إستقبلت هذه المحطة مركبات فضائية مختلفة وبعثت صورا عديدة. وهكذا بدأ السباق إلي الفضاء فرديا وأصبح اليوم جماعيا. ولكن يبقي للأمريكيين بحوثهم الخاصة إلي كواكب أخري أهمها المريخ الذي جرت أكثر من أربعين محاولة إرسال مركبات فضائية إليه من جانب الولاياتالمتحدة والإتحاد السوفيتي وأوروبا واليابان فشل معظمها. وحاليا يستضيف المريخ خمس مركبات فضائية ماتزال تعمل, ثلاث مركبات تدور حول الكوكب, ومركبتان علي سطح الكوكب. وإذا كانت المسافة إلي القمر نحو400 ألف كيلومترا يجري قطعها في ثلاثة أيام فإن المسافة إلي المريخ تبلغ55 مليونا و760 ألف كيلومتر يحتاج قطعها إلي نحو عشرة شهور. ولكن لماذا هذا كله ؟ كثيرون لا يعرفون أنه منذ غزو العلماء للفضاء كانت الثورة التي حدثت في الإتصالات وجعلت الجهاز الذي في جيبك في حجم علبة كبريت يتصل بأبعد مكان في العالم. ففي رحلة القمر جاء صوت الرواد وصورهم من مسافة400 ألف كم. ومنذ غزو الفضاء كان الكومبيوتر والإنترنت وآلاف الإختراعات التي دخلت حياتنا مستفيدة من النتائج والإكتشافات والنظريات العلمية والعملية التي تم إستخدامها. كما كانت الأقمار الصناعية التي أصبحت تقود العالم من الفضاء. وأصبحت الدول تحرص علي إمتلاك هذه الأقمار التي تعددت مهامها ووظائفها. وقد أطلق السوفيت أول قمر صناعي عام57 واليوم هناك آلاف الأقمار الصناعية الموجودة في الفضاء أطلقتها عشرات الدول لأهداف مختلفة أشهرها الإرسال التلفزيوني كما بالنسبة لأقمار نايل سات التي أطلقتها مصر بين عام98 وعام2000 وتحمل نحو700 قناة تلفزيونية.. ولكن هناك آلاف الأقمار الأخري لأهداف الإكتشاف ورصد الجو والإتصالات والإرشاد والتجسس والملاحة والطيران ومجالات لاحصر لها.. فلولا غزو الفضاء ماكانت هذه الأقمار التي أرشدت ملايين الرحلات الجوية ورحلات السفن, وماتمكن ملايين المشاهدين من مشاهدة المباريات التي تقام علي بعد آلاف الكيلومترات ولا الأحداث التي تقع في لحظتها والثورة التي حدثت في مجال الإتصالات وجعلت في مصر60 مليون تليفون موبايل بمعدل موبايل لكل قادر علي الكلام! [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر