«عباس محمود العقاد» عملاق الأدب العربي.. ولد فى 28 يونيو عام 1889، هو من برج السرطان وفى علم الأرقام رقم «28» يمنحه جاذبية وطموحا وروح تجديد، ويجعله منظما، مبتكرا، يعمل بروح محاربة وبفاعلية مذهلة. الرجل السرطان متمرد أيضا بطبعه، وعندما يشعر بعدم سيطرته على الوضع، يتمرد ولا يهدأ إلا عندما يسيطر. «العقاد» حصل على الشهادة الابتدائية، وعمل موظفا بهذه الشهادة، لكنه تمرد على الوظيفة وعلى الظروف التى منعته من استكماله دراسته فى الجامعة، واستطاع بما لديه من طموح أن يسيطر على أدوات اللغة والأدب ويتقن اللغة الإنجليزية ويتفوق حتى على من درسوا فى كبرى الجامعات، حتى كانت حصيلة نتاجه الأدبى مائة كتاب فى الشعر والأدب والنقد الأدبي. كما أن روحه المحاربة ورغبته فى تجديد الشعر كانا يدفعانه للدخول فى عدة معارك أدبية مع أمير الشعراء أحمد شوقى وطه حسين ولطفى المنفلوطي. مولود السرطان حساس وسهل الكسر، لكن لديه الكثير من الأسلحة التى يستطيع أن يكون بها أقوى وأهم شيء لديه أن يحمى نفسه.. التظاهر بالقسوة أول أسلحته ومثل سرطان البحر يغلف نفسه بقشرة خارجية صلبة ليحمى جسمه الضعيف والرخو من الداخل. سرطان البحر لديه أيضا العديد من الأذرع الممتدة وينتهى كل طرف من أطرافه بشيء يشبه «الكماشة» ليمسك أو يقرص بها... هو مسيطر ومحب للتملك. هناك العديد من الأبراج المسيطرة ولكل منهم أسبابه، لكن مولود السرطان يسيطر لأنه يخاف، هو يعيش دائما فى حالة شك وقلق من فقدان من يحب وما يملك، يخاف على نفسه من الكسر والرفض والشعور بالألم... لذا عليه أن يحمى نفسه. الغطاء الصلب والكماشة ليسا كل أسلحته، الحيلة أيضا هى سلاحه الشهير.. هو يبدو فى أغلب الأحيان هادئا ساكنا خجولا.. يوحى إليك أنه مسالم، فقط حاول أن تخترق حدوده فلن تستطيع أن تتصور مدى السرعة التى يتحرك بها سواء للهروب أو الهجوم. هذه الأسلحة تخفى طبيعة السرطان الحقيقية: هو عاشق عظيم لكن يخاف على نفسه من مشاعره ويخاف أن يتألم بسببها.. هذه الأسلحة كانت سببا فى شهرة «العقاد» فى مجال السياسة والأدب، لكنها كانت سببا لإخفاقه فى حياته العاطفية. إن قسوته وسرعة هجومه فى نقد القصر الملكى والنازية ونقد أمير الشعراء سلطت عليه الأضواء، لكنه لم يتزوج طيلة حياته رغم قصص الحب التى عاشها مع الأديبة «مى زيادة» والسيدة «سارة» والفنانة «مديحة يسري». كان يغار على «مي» من كثرة المحيطين بها من العظماء، وتعذب كثيرا من الشك والقلق فى حب «سارة»، وبسبب هذا القلق أحكم الخناق على «مديحة يسري» الفتاة الصغيرة حينذاك وحاصرها بمراقبة تحركاتها حتى اضطرت للهروب من سيطرة كماشته.. هكذا هو مخلوق السرطان يحمل بداخله كنزا من المشاعر، لكنه يصر أن يخفيها جيدا خلف قناعٍ من القوة.