رئيس الوزراء: مصر تؤكد التزامها الكامل بتعزيز التعاون مع منظمة الفاو ودعم الأمن الغذائي العالمي    مسئولو قطاع الإسكان يزورون محافظة البحيرة لتقديم الدعم الفني ومتابعة المشروعات    رئيسة وزراء بريطانيا تؤكد التزام بلادها بدعم أوكرانيا وتؤيد خطة السلام الأمريكية    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء الرئيس السيسي وحفتر اليوم    رئيس وزراء كمبوديا يدعو للوحدة وسط تصاعد التوتر مع تايلاند    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة مصر والأردن في كأس العرب    منتخب مصر يخوض تدريبًا صباحيًا بمركز المنتخبات الوطنية استعدادا لودية نيجيريا    متحدث "الوزراء": أسعار تذاكر حديقتي الحيوان والأورمان سيتم إعلانها لاحقا    نجاة 4 ركاب في انقلاب ميكروباص بالقرب من كوم أوشيم    «ولنا في الخيال حب» يتصدر المنافسة السينمائية... وعمرو يوسف يحتل المركز الثاني    وزير الثقافة بمهرجان منظمة التعاون الإسلامى: أسبوع باكو مساحة مهمة للحوار    شيرين دعيبس: كل فلسطيني له قصص عائلية تتعلق بالنكبة وهذا سبب تقديمي ل"اللي باقي منك"    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    الصحة تنفي وجود فيروسات جديدة وتؤكد انتظام الوضع الوبائي في مصر    الدعم السريع تستهدف محطة كهرباء الدمازين بطائرة مسيرة    سقوط مدوٍ والريال تائه.. صحف إسبانيا تتحدث عن هزيمة الملكي ضد سيلتا فيجو    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 8 ديسمبر بأسواق البحيرة    مع اشتعال الأزمة مع ليفربول .. سان دييجو الأمريكي ينافس الهلال السعودي على ضم محمد صلاح    منتخب مصر بالزي الأبيض أمام الأردن غدا    محافظ المنيا يستقبل وزير الصناعة لتفقد محطات ومسار القطار الكهربائي السريع (صور)    ملفات إيلون ماسك السوداء… "كتاب جديد" يكشف الوجه الخفي لأخطر رجل في وادي السيليكون    الأرصاد تحذر : أمطار قادمة على القاهرة والوجه البحرى    بعد ساعات من التوقف.. إعادة تشغيل الخط الساخن 123 لخدمة الإسعاف بالفيوم    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    شاهد مكان مقتل الفنان سعيد مختار خلال مشاجرة في أكتوبر.. صور    إنقاذ أسرة من الموت في حريق التهم منزلهم ببني سويف    وزارة التعليم: إجراء تحديث على رابط تسجيل استمارة الشهادة الإعدادية    تقرير "بروجيكت سينديكيت": الكهرباء هي الحاسم في سباق الذكاء الاصطناعي    خدمة اجتماعية بني سويف تحتفل باليوم العالمي للتطوع    القومي للإعاقة: الذكاء الاصطناعي أحد أدوات تعزيز الشمول والدمج المجتمعي    مهرجان الأوبرا العربية في دورته الأولى يكرم المايسترو عمر خيرت    جمهور نيللي كريم يترقب دراما رمضانية مشوقة مع "على قد الحب"    أعضاء المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" يزورون المتحف المصري الكبير    المصريون بالخارج يدلون بأصواتهم فى انتخابات 30 دائرة ملغاة بأحكام المحكمة الإدارية العليا    جيش الاحتلال يشن غارات جوية داخل مناطق انتشاره وراء الخط الأصفر في رفح الفلسطينية    "الصحة": الوضع الصحي في مصر مستقر رغم زيادة الإنفلونزا الموسمية    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    علاج 2.245 مواطنًا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    المجلس الأعلى للجامعات ينظم ورشة عمل لتقييم البرامج الأكاديمية    مشتريات الأجانب تصعد بمؤشرات البورصة فى بداية تعاملات اليوم    مدير جهاز تنمية البحيرات: عودة طيور الفلامنجو لبحيرة قارون بعد تحسين أوضاعها    كلوب يدعم صلاح: سفير ممتاز لمصر والمهاجم الأفضل في ليفربول    حسام أسامة: بيزيرا «بتاع لقطة».. وشيكو بانزا لم يُضِف للزمالك    غرفة عمليات الشعب الجمهوري تتابع تصويت المصريين بالخارج في الدوائر الملغاة    أسعار اليورانيوم تتفجر.. الطاقة النووية تشعل الأسواق العالمية    اعرف شروط الترقية لوظيفة كبير معلمين.. أبرزها قضاء 5 سنوات في ممارسة المهنة    وزير الرياضة: إقالة اتحاد السباحة ممكنة بعد القرارات النهائية للنيابة    عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين    الدفاع الروسية: إسقاط 67 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليلة الماضية    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    التريلر الرسمي للموسم الأخير من مسلسل "The Boys"    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    وزير الإسكان: سنوفر الحل البديل ل الزمالك بشأن أرضه خلال 3-4 شهور    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجتمع حديث أم دولة حديثة؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 06 - 2019

السنوات الماضية فى حياة مصر كانت غنية بإعداد الدساتير وتعديلها وإطلاق الإعلانات الدستورية، وفى كل مرة كانت هناك صفتان تحرص أغلبية المواطنين على ذكرها فى كل هذه الوثائق وهما صفتان تتعلقان بالدولة: مدنية وحديثة.
يمكن ببساطة أن نفهم من صفة المدنية أنها تتعلق بمبدأ المواطنة أى مساواة المواطنين باختلاف الجنس والعرق والدين واللغة أمام القانون.
ولكن إذا أردنا أن نوضح معنى المقصود لكلمة حديثة، لوجدنا الأمر أكثر تعقيدا. فالدولة ظاهرة قديمة موجودة لها مهام محددة منذ بدايات الاجتماع العمرانى، وحرصنا على استخدام تعبير دولة حديثة يعنى ضمنياً التمييز بين دولة قديمة وأخرى حديثة.
فإذا كان دور الدولة عبر العصور هو إدارة شئون البلاد وإعداد القوانين التى تحكم سلوك الأفراد، فما الجديد الذى طرأ لكى يتم التمييز بين دولة حديثة ودولة قديمة؟ أعتقد أن الفارق يكمن فى ملمح أساسى هو مشاركة المواطنين فى اتخاذ القرارات السياسية وهو الأمر الذى لم يتحقق فى التاريخ سوى فى تجربة محدودة فى مدينة أثينا ولفترة قصيرة فى القرن الخامس قبل الميلاد وربما أيضا لدى بعض القبائل البدائية الهامشية.
ولكن مشاركة المواطنين بصور شتى فى مختلف المجتمعات صارت ملمحا من ملامح عصرنا الحديث. وهذا يستدعى أن يتمتع الأفراد بحريات لم تكن لهم من قبل.
أما فيما يخص السؤال حول هل حاجة الحكم فى العصر الحديث إلى تأسيس الشرعية على رضا الجماهير وجاجته إلى مشاركتهم عبر ممثلين لهم فى اتخاذ قرارات سياسية هى التى دفعت إلى منحهم حريات مثل الحق فى الانتخاب والتعبير عن الرأى، أم أن العكس هو الذى حدث، فحصولهم على مزيد من الحريات بفضل نشاطهم التجارى والصناعى هو الذى فرض على أهل الحكم القبول بمشاركتهم؟ ويمكن هنا أن نقول إن العلاقة ارتباطية وجدلية، أى هناك تأثير متبادل بين الجانبين.
ويمكن أن نلاحظ أيضا أن انجلترا بدأت بالمشاركة السياسية، وقامت بعد ذلك المجالس المختلفة بوضع قوانين تكفل الحريات للأفراد فى حين أن الأمر فى فرنسا بدأ بالمطالبة بالحريات وتبع ذلك ترتيب شكل المشاركة السياسية للمواطنين.
حينما ننخرط فى حياتنا الاجتماعية اليومية ونقارن بين مجتمعنا ومجتمعات أخرى سمحت لنا الظروف بالسفر والتعرف عليها، فإننا فى العادة نتذمر من وجود العديد من مظاهر التخلف التى نتمنى أن تختفى من المجتمع. ألم يكن من الأحرى إذن أن نطالب بمجتمع حديث بدلاً من دولة حديثة؟ الواقع أن المجتمع يتحول من مجتمع تقليدى إلى حديث عبر مسار طويل ومركب، كما أن ذلك يحدث بطريقة تلقائية تكاد تكون غير مقصودة.
فإنشاء المصانع ومد خطوط المواصلات وفتح مؤسسات تعليمية، كل هذا يسهم فى تحول المجتمع إلى مجتمع حديث، ولكن المصانع والمواصلات والجامعات لم تنشأ لهذا الغرض، إنما لمساعدة الناس على تحقيق حاجاتهم المعيشية الضرورية. ويتميز المجتمع الحديث بغلبة استخدام التكنولوجيا فى العمل وترشيد الاقتصاد والديمقراطية فى الممارسة السياسية والعلمانية فى علاقة الدولة بأديان المواطنين وسيادة الثقافة العقلانية وتأسيس الأخلاق على النزعة الانسانية، وكلها أمور تحتاج إلى تراكم معرفى على مدى طويل.
أما الدولة الحديثة فهى أمر مختلف لأنها تكتسب صفة الحداثة من خلال نظام الحكم الذى تعمل وفقا له، أى دساتير وقوانين ومؤسسات، وكلها تخضع لإرادة أعضاء المجتمع، ويمكن تأسيسها بقرارات مقصودة أصلاً لهذا الغرض. ولهذا فالدولة الحديثة تتميز بنظام الحكم الديمقراطى وبمؤسسات تدار بلوائح وتخضع لمنطق فى الأداء يتجاوز رغبات الأفراد العاملين فيها، وقوانين يشرعها ممثلو الشعب قابلة للتعديل والتطوبر مع متطلبات الحياة وتنطبق على الجميع بلا تمييز.
هل هذه المواصفات للدولة الحديثة مطروحة أمامنا للاختيار، تختار منها ما نحب ونرفض ما نكره أو ما يخالف عاداتنا؟ الإجابة هى لا. هل هذه المواصفات إذن مفروضة علينا من قوى كبرى تريد أن تجبر دولتنا والدول المختلفة على هذا النظام تحقيقاً لمصلحتها؟ الإجابة أيضاً هى لا.
لا هذا ولا ذاك، أى أنها ليست إختياراً يتم وفق رغبتنا كما أنها ليست انصياعاً لقوى امبريالية مهيمنة. هى اقتضاء. ويعنى ذلك أنه أمر يفرضه التطور العام لتاريخ البشر.
ولاشك أن العاملين فى القطاعات المختلفة فى المجتمع مثل المستشفيات والبنوك والمؤسسات التعليمية يفهمون تماما معنى هذه الكلمة. ويعرفون أنهم لا يمكنهم العمل بكفاءة إذا أداروا ظهرهم للحداثة وليس أمامهم لتحقيق هذا الأمر ترف الاختيار. ربما يفهم البعض ان استخدامنا لمصطلح اقتضاء هنا قد يكون علامة مطمئنة على أننا سنصبح لا محالة دولة حديثة.توهذا فى الحقيقة وهم خادع.
فليس اقتضاء التاريخ لأمر ما ضماناً لتحققه، ويكفى أن ننظر للدول من حولنا لنتعرف على محاولات الالتفاف والتلكؤ لتعطيل هذا الاقتضاء. وتقدم لنا الدول العربية ودول أخرى غيرها أمثلة كثيرة على هذا الهروب من تحقيق الاقتضاء.
لمزيد من مقالات ◀ د. أنور مغيث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.