الحمد لله أن الدروس المريرة لحصاد السنوات العجاف دفعت معظم شعوب الأمة العربية إلى إعلان عدم رضاها عن الانفلات السياسى والأخلاقى والاجتماعى الذى أصبح عنوانا لصفحات التواصل الاجتماعى التى تحولت إلى منصات للأكاذيب والشائعات. الحمد لله أن الأغلبية الصامتة بدأت تنطق ما هو مكتوم فى الصدور لكى تعبر عن رفضها لكل أشكال الاستخدام السيىء والخبيث لصفحات التواصل الاجتماعى التى كان ينظر إليها على أنها ضرورة من ضرورات المجتمع المفتوح فإذا بها تمثل أكبر ضربة لأحلام الذهاب إلى مزيد من الحرية بل إنها باتت ذريعة إضافية لمن يكرهون المجتمع المفتوح ويتمنون العودة إلى عصور تكميم الأفواه وتطويع الأقلام. وفى اعتقادى أن مصر التى اقتحمت أبواب المجتمع المفتوح تحت رايات الإيمان بأن الحرية أفضل من الانغلاق لا يمكن أن تقبل بالعودة مرة أخرى إلى أجواء الانغلاق لأن هناك قناعة بأن المجتمع المفتوح مهما تكن مخاطره ومهما تكن سلبياته مجتمع أفضل بكثير من المجتمع المغلق الذى يدارى على الإهمال ويتعامى عن رؤية السلبيات، ولكن بشرط أن يتوافر الفهم العميق للمعنى الصحيح لحرية الرأى وحرية التعبير وفى ظل ضوابط يلتزم بها الجميع. إن المجتمع المفتوح الذى تحتاجه مصر ليس هو الفوضى ولا هو حرية إطلاق الاتهامات دون دليل، وإنما هو مجتمع المساءلة والمسئولية فى آن واحد، فالمجتمع المفتوح لا يعنى تحويل النقد والمساءلة إلى تطاول وتشهير وتشكيك، وإنما هو العنوان الصحيح للاستخدام الصحيح لحرية الرأى فى دعم خطوات البناء وتعزيز فرص المراجعة والتصحيح. وليس هناك ما يسيء للمجتمع المفتوح سوى غياب الخط الفاصل بين حق النقد والمساءلة وبين خطيئة التشكيك والمبالغة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بأمور وقضايا تتعلق بحاضر الوطن ومستقبله. إن المجتمع المفتوح ليس مجرد شعارات تتباهى بها الأوطان والأمم وإنما هو سلوك متحضر وممارسة رشيدة لا تسمح بأجواء التشكيك والتحامل والتربص وتضع المزيد من الخطوط الفاصلة بين حق الاجتهاد باسم حرية الرأى وبين خطيئة التشكيك بدوافع الرغبة فى الانتقام أو تصفية الحسابات. فلنقل جميعا نعم لوضع الضوابط القانونية والسياسية التى تحمى المجتمع المفتوح من شوائب الفهم الخاطئ للحرية حتى تتسع الساحة فى الفضاء الإلكترونى لمن يملكون القدرة على الاجتهاد وطرح الرؤى والأفكار التى توفر حلولا وبدائل لكل ما يطرح على ساحة العمل الوطنى من قضايا وتحديات وليس مجرد سيرك للمهرجين والمراهقين باسم السياسة!. خير الكلام: الانضباط ليس قيدا على الحرية.. ولكنه مجرد حارس للفضيلة! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله