لابد من توجيه الشكر والتقدير لكل من أسهم فى إصدار قانون تنظيم الصحافة والإعلام تنفيذا لاستحقاق دستورى ملزم ينظم الحقوق والواجبات فى ساحة إعلامية تزداد اتساعا يوما بعد يوم ولكن لابد أيضا من الإشارة إلى أن سابق تجاربنا مع مثل هذه القوانين لا توفر اطمئنانا كافيا للمجتمع وللعاملين فى مجال الإعلام، لأن المسألة أكبر وأعمق من نصوص ومواد وبنود قانونية، فالمهم هو المناخ العام الذى يعيد الطمأنينة للمجتمع بترسيخ أجواء الثقة بين كل أطراف المعادلة، بدءا من وسائل الإعلام ومرورا بأجهزة الدولة ووصولا إلى نبض الرأى العام. أريد أن أقول بوضوح: إن قانون تنظيم الصحافة والإعلام ليس مجرد نصوص مكتوبة نتباهى بها كتشريعات تم إنجازها، وإنما علينا أن نتكاتف جميعا لكى نثبت أن القانون حالة دائمة يحسها ويلمسها الناس وهو ما يتطلب سرعة الذهاب إلى استعادة القيم والتقاليد الصحفية العريقة التى تكاد تتراجع تختفى تحت وطأة الهبوب المتزايد لرياح الفوضى الإعلامية المدمرة التى تستهدف ما هو أكثر من ضرب الاستقرار بالمفهوم الأمنى والمفهوم السياسى فقط. ولا شك أن الاحتفاء الحقيقى بهذا القانون سيتحقق عندما نتكاتف جميعا من أجل استعادة المؤسسات الإعلامية لاحترامها وتمكينها من أداء دورها لحماية المجتمع من أى تجاوزات فى ظل إدراك بأن المحظور الوحيد فى التعاطى الإعلامى مع أى قضية هو سوء استخدام الحرية لأن أى عبث – باسم الحرية – مهما يكن المسمى أو المبرر يمثل عبثا بمقدرات الوطن بأكمله وحتى إذا كان البعض يرى أن هناك ملاحظات على القانون فإنه يمكن النظر فى هذه الملاحظات مستقبلا وعلى ضوء التجربة فى أرض الواقع! وما أحوجنا فى المرحلة المقبلة إلى تأكيد فهمنا الصحيح بأن حرية الإعلام هى الحرية التى تجيد استثمار ما تضمنه القانون لكفالة حرية الرأى والرأى الآخر وبذلك يتأكد جوهر حرية الإعلام كمنهج للتفكير والسلوك لنشر أضواء الاستنارة وطرح الحقائق الصحيحة فى سوق الرأى العام. خير الكلام: الصدق مسألة نسبية وللأسف فإن الكذب «أيضا» مسألة نسبية! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله