تحرير سيناء.. 42 حزبا سياسيا يوجهون التحية للقيادة السياسية لتنمية سيناء    تطرح مرحلتها الأولى اليوم للمستفيدين... مدينة رفح الجديدة" درة تاج التنمية" على حدود مصر الشرقية بشمال سيناء ( صور)    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    «المحامين» تعلن موعد جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد بجميع الفرعيات    ارتفاع هامشي بأسعار الذهب في مصر وعيار 21 يسجل 3100 جنيه    هتقدم ساعتك 60 دقيقة.. موعد بدء التوقيت الصيفي رسميا    بشرى للسيدات.. استحداث وثيقة تأمين على الطلاق يتحمل الزوج رسومها كاملة    جهاز تنمية المشروعات: 2.4 مليار جنيه قروض في ال10 سنوات الأخيرة لمشروعات أبناء سيناء ومدن القناة    محافظ القليوبية يتفقد أعمال النظافة بمدينتي الخصوص وأحياء شرق وغرب شبرا الخيمة    محافظ الفيوم يشهد فعاليات الجلسة الختامية لورشة مخرجات الخطة الاستراتيجية    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على الأدلة    "حماس": حال قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس سنضم جناحنا العسكري للجيش الوطني    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    كولر: جاهزون لمباراة العودة أمام مازيمبي    أنطوي: أطمح للفوز على الزمالك والتتويج بالكونفدرالية    انطلاق البطولة العربية العسكرية للفروسية بمدينة مصر للألعاب الأولمبية بالعاصمة الإدارية    برشلونة عن بقاء تشافي: الاستقرار عنوان النجاح    التحقيق مع المتهم بهتك عرض بابنته داخل شقته في حدائق أكتوبر    السيطرة على حريق نشب أمام ديوان عام محافظة بني سويف    مصرع شخص في ماكينة دراس قمح بمركز بلاط في الوادي الجديد    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    «الجيزة» تزيل تعديات وإشغالات الطريق العام بشوارع ربيع الجيزي والمحطة والميدان (صور)    بالصور .. بدء طباعة وتظريف امتحانات الترم الثاني 2024    «رحلة 404» ل منى زكي يفوز بجائزة الفيلم المصري بمهرجان أسوان    نجوم الفن يشاركون في تكريم اسم الفنان أشرف عبدالغفور بالمسرح القومي    10.5 مليون جنيه.. إجمالي إيرادات فيلم عالماشي في دور العرض    منة تيسير عن تأجير الأرحام: «ممكن أتبنى طفل»    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي للفصل الدراسي الثاني 2024 محافظة القاهرة    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    عقب سحب «تنظيم الجنازات».. «إمام»: أدعم العمل الصحفي بعيداً عن إجراءات قد تُفهم على أنها تقييد للحريات    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر والسيسي بالذكرى الثانية والأربعين لتحرير سيناء    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    رئيس المنصورة: أتمنى أن يحظى الفريق بدعم كبير.. ونأمل في الصعود للممتاز    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    انطلاق القافلة الطبية المجانية حياة كريمة بقرى الخير والنماء بمركز الفرافرة    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عَلَى دَربِ عِيدٍ بَعِيدْ

قريبًا من ذكريات حميمات يذوب طعمها فى الروح كلما زادت أيامُ العمر واشتعل الرأس شيبًا، وبعيدًا عن أى ضجيجٍ لمَدِينة، فى واقعنا الذى خبزَ التطور مُدُنَهُ، بأيادٍ قاسيات العَجّنِ والوَجَعْ، كان صباح كلُ عيدٍ، يحملنى رُفقة والدى الشيخ الجليل إلى القرية، لمْ تَكنِ الرحلة للوالد مجرد عَمَلٍ يؤديه لقاء ما تحملهُ له خزينة الأوقاف من جنيهات نظير الخُطبة، كما لم تكن بالنسبة لى مُجرَّدَ فُسحةٍ تبدأ بركوب (الأوتومبيل) العتيق من الموقف القديم بقلب مدينة (دمنهور)، وإن كان مجرد هذا الفعلِ فى حد ذاته يُمثِلُ حدَثًا يُروى فى أحاديث الفخر بين أقرانى من الأحداث (ركبنا أوتومبيل كان لونه بيبرق وواسع من جوه وسريع جدًا وقعدت جنب الشباك أو جنب السواق الذى عرفنى على كل شيء فى العربية).
مُنذ تفتح وعيى على الحياة، ولأيام الجُمَع والأعياد قداستها فى طقوس الوالد الشيخ أمد الله فى عمره، تجاوزت علاقته بالمنابر العقود الستة، غير أن طوارئ يوم الجمعة والأعياد لا تُضاهيها طوارئ، وطالما سألتُ نفسى (كيف لمن يعتلى المنبرَ كل أسبوعٍ أن يحمِلَ ذات التوتر الدورى معه؟، كيف لا تكسر رتابة الأداء توتر الإعداد؟)، ولم تقدنى الإجابات يومًا إلا إلى خانة المسئولية، إنها التى كانت تحملنا للمشى من (الموقف القديم) حيث لا عربات تتحرك بعد صلاة الفجر، وهو ما يعنى البحث عن عربة عند مدخل دمنهور من ناحية كوبرى (أبو الريش)، فى الطريق يُراجع الشيخ خطبته التى سطر عناصرها فى ورقة يحملها إلى جوار منديله القماش، فيما أُتابع الأشجار التى تتحرك فى طبقات ظلام ليل يرحل، ترسم لوحاتها فى فضاء الطريق، أُفَتِش بينها عن المئذنة الصفراء العتيقة لمسجد (السلانكلي) التى تُخبرنى بأننا على وشك الوصول، وعادةً ما تُسيرنا حسابات الشيخ لنصل المسجد مع ميقات صلاة العيد، هكذا علمنى (فى العيد يصل الإمام مع موعد الصلاة)، كُنَّا إذا ما يسرت المواصلات وصولنا قبل الموعد بقليل نتلكأ فى مسيرنا عبر المسافة الصغيرة بين المحطة والمسجد، وكان رجال القرية كلهم يقفون بجلابيبهم وطواقيهم على أبوابه فى انتظار الدخول خلف الشيخ، بينما أطفالها يستثمرون وقت الانتظار فى اللعب حول المسجد، كما كان يجلس حلاقو القرية يمارسون مهامهم لمن فاتته الحلاقة يوم وقفة العيد، وبمجرد دخول المسجد تختلط نسماتُ هواء العيد الطازجة مع أنواعٍ متعددة من (الكولونيا)، ويصطف الجميع خلف الشيخ فيما أُختصُ بالوقوف مع الكبار فى الصف الأول كونى ابن الشيخ، ومع تكبيرات الصلاة تعلو أصوات الحضور مرددة بنشاط وفرحة
تنتهى صلاة العيد فى القرية الصغيرة الملاصقة لقريتنا (شرنوب)، لتبدأ طقوس عيد خاصة، فبمجرد انتهاء الخطبة يخرج كل من فى المسجد ويصطفون فى طابور طويل، بينما يكون على الشيخ أن يخرج وخلفه كبار رجالات القرية ليُصافحوا أهلها مهنئين بالعيد، وبالطبع لكونى ابن الشيخ يُسمح لى بالسير معه ومصافحة الخلق، وعادة ما كانت المصافحة مقرونة بالتقبيل، كان للأيادى قلوب تحركها، وكان للمصافحة طرح ودٍ فى الكفوف. وتنتهى طقوس القرية فى عقب صلاة العيد، ورغم كلِ محاولات الأهالى دعوة الشيخ إلى الإفطار، إلا إنه كان يعتذر ليتمكن من استكمال طقوس صباح العيد فى قريتنا (شرنوب)، إذ نتوجه مباشرة إلى مقابرها، حيثُ عيدٌ آخر رغم كونهِ على المقابر، سريعًا يُصافح الوالد الشيخ من ودَع عزيزًا خلال العام المُنصرم.
مع عصر أول ايام العيد، كانت مُهمتنا فى قريتنا تنتهى لنبدأ التحرك صوب المحطة ليحملنا (أوتومبيل) إلى البيت، عادة ما كنت أركب سيارة العودة، حاملًا عددًا من أوراق مالية جديدة فئة خمسة وعشرة قروش، أتحسسها لأتأكد من كونها لم تسقط أثناء المرجحة على أرجوحة صنعت من حبل بين شجرتين، أو عندما رميت نفسى عن الحمار الذى أخافنى اندفاعه فى الركض، أو حين كنت مع أبناء عمومتى نلعب فى تلال التبن، أتحسس عيدياتى الجديدة، وبعض خدوشٍ تركها اللعب فى القرية على ركبتي، أقلق من رد فعل أمى بسببها، لكنى أعوِّل على كونه العيد وبالتأكيد لن يكون غضبها عليَّ شديدا، وهكذا أعود إلى مدينتنا الصغيرة تاركًا عيد قريتنا الذى انقضى على ساعاته القليلة، ناحتًا على جدران الروح ملامحَ إنسانٍ كان قادرًا على صناعة عيده وفرحته بين مسجد وقبر وجرنٍ ومندرة، وهكذا صار العبد لله كل عيد يُغمض عينيه لتحمله الذكرى إلى درب عيد باتَ بعيدًا رغم أن إنسانه واحد، ليبقى بعدها سؤال ما الذى تغير فى عيدنا هل العيد أم الإنسان أم الأوطان؟ إنه السؤال الذى ينبغى أن نفتش عن إجابته علها تصل بنا إلى طعمِ عيد تحن إليه أرواحنا ... فاللهم عيد.
لمزيد من مقالات ◀ عبد الجليل الشرنوبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.