أسعار طبق البيض اليوم الاحد 11-5-2025 في الدقهلية    صندوق الإسكان الاجتماعي يحصد 3 شهادات اعتماد «أيزو»    4 أرقام قياسية تنتظر صلاح أمام أرسنال    شكوك حول مشاركة حارس اتحاد جدة أمام الفيحاء    إلغاء براءة عصابة مخدرات بحوزتها مضبوطات ب 65 مليون جنيه والقضاء بالسجن المشدد 15 عاما لأفرادها    انكسار الموجة الحارة غدًا.. الأرصاد تُعلن موعد انخفاض درجات الحرارة وتحذر من الأتربة اليوم    نشرة مرور "الفجر".. تكدس بحركة المرور في شوارع القاهرة والجيزة    لرغبتها في استمراره في أوربا .. زوجة كوتيسا تعرقل صفقة انضمامه للزمالك    إحالة قانون العلاوة الدورية للعاملين إلى اللجنة المختصة بمجلس النواب    بينهم أربع فتيات ..بالأسماء .."نيابة الانقلاب " تحبس 38 مواطناً إثر ظهورهم للمرة الأولى    انطلاق ملتقي الفارما الثامن والمؤتمر الدولي التاسع للصيادلة العرب    الدفاع المدني: ثمانية شهداء بينهم أربعة أطفال في غارات إسرائيلية على غزة    بملابس هندية.. مصطفى حجاج يحيي حفل زفاف رامي عاشور    «هيبتا 2.. المناظرة الأخيرة» في دور العرض قريبًا بعد تصوير جميع مشاهده    "صحة الإسكندرية" تنظم حملة منع تسوس أسنان الأطفال وتطبيق الفلورايد    تضامن: "تكافل وكرامة" أكبر مظلة اجتماعية تستثمر في الإنسان المصري    أسعار الدواجن اليوم الأحد 11 مايو 2025    نجيب ساويروس عن تعديلات قانون الإيجار القديم: منصف بعد ظلم سنين للملاك    البورصة تصعد بمستهل تعاملات جلسة اليوم    «البترول» تقرر صرف تعويضات لأصحاب السيارات المتضررة من البنزين    روز اليوسف تنشر فصولًا من «دعاة عصر مبارك» ل«وائل لطفى» عبدالصبور شاهين مثقف تحول إلى تكفيرى من أجل المال "الحلقة 4"    انتشال جثة طالب من نهر النيل بسوهاج    هام من التعليم بشأن امتحانات الثانوية العامة هذا العام| الوزير يكشف    مقتل عنصر شديد الخطورة وضبط آخرين في دمياط    رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    اللواء عبدالعظيم عبدالحق: وهبت نفسى للوطن.. واستشهاد ابنتى سارة كان عنوانًا لمقتل الطفولة الفلسطينية "الحلقة 12"    إذاعة جيش الاحتلال: تجنيد لواءى احتياط بهدف توسيع العملية العسكرية فى غزة    مواقع أجنبية : المتحف المصرى الكبير صرح حضارى وثقافى عالمى ويمتاز بتقديم قطع أثرية نادرة    الوثائقية تطلق بروموهات فيلم (الزعيم.. رحلة عادل إمام).. قريباً    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "125"    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    هام من المركز الليبي بشأن زلزال المتوسط| تفاصيل    الصحة: افتتاح 14 قسمًا للعلاج الطبيعي بالوحدات الصحية والمستشفيات    نصائح لحماية طفلك للسلامة من موجات الحر    باكستان: إلغاء 150 رحلة جوية وسط حالة عدم اليقين بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع الهند    «يشترط 40 مليونا للبقاء».. شوبير يصدم جماهير الأهلي بشأن مدافع الفريق    أحمد شوبير: انتهاء علاقة حمزة علاء مع الأهلى بشكل نهائى    التشكيل المتوقع لمباراة ليفربول ضد أرسنال اليوم الأحد    استشهاد 10 فلسطينيين إثر قصف الاحتلال الإسرائيلى خيم النازحين بخان يونس    «التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة القاهرة    وزير الإعلام الباكستاني: لا انتهاكات لوقف إطلاق النار مع الهند حتى الآن    مسئول طبي بغزة: 1500 مواطن فقدوا البصر جراء حرب الإبادة.. و4000 آخرون مهددون بفقدانه    محطة كهرباء جديدة ب64 مليون جنيه في أبو الريش لضمان استمرار الرعاية الطبية للأطفال    دعاية السجون المصرية بين التجميل والتزييف.. ودور النخب بكشف الحقيقة    هل تصح طهارة وصلاة العامل في محطة البنزين؟.. دار الإفتاء تجيب    تشكيل ليفربول المتوقع ضد آرسنال اليوم.. موقف محمد صلاح    ترامب: أحرزنا تقدمًا في المحادثات مع الصين ونتجه نحو "إعادة ضبط شاملة" للعلاقات    صنع الله إبراهيم يمر بأزمة صحية.. والمثقفون يطالبون برعاية عاجلة    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    موعد مباراة برشلونة وريال مدريد في الدوري الإسباني    إخلاء عقار من 5 طوابق فى طوخ بعد ظهور شروخ وتصدعات    ورثة محمود عبد العزيز يصدرون بيانًا تفصيليًا بشأن النزاع القانوني مع بوسي شلبي    انطلاق النسخة الثانية من دوري الشركات بمشاركة 24 فريقًا باستاد القاهرة الدولي    محاكمة متهمين بقتل طالب داخل مشاجرة بالزيتون| اليوم    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي وطريقة استخراجها مستعجل من المنزل    محافظة سوهاج تكشف حقيقة تعيين سائق نائباً لرئيس مركز    ضع راحتك في المقدمة وابتعد عن العشوائية.. حظ برج الجدي اليوم 11 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عَلَى دَربِ عِيدٍ بَعِيدْ

قريبًا من ذكريات حميمات يذوب طعمها فى الروح كلما زادت أيامُ العمر واشتعل الرأس شيبًا، وبعيدًا عن أى ضجيجٍ لمَدِينة، فى واقعنا الذى خبزَ التطور مُدُنَهُ، بأيادٍ قاسيات العَجّنِ والوَجَعْ، كان صباح كلُ عيدٍ، يحملنى رُفقة والدى الشيخ الجليل إلى القرية، لمْ تَكنِ الرحلة للوالد مجرد عَمَلٍ يؤديه لقاء ما تحملهُ له خزينة الأوقاف من جنيهات نظير الخُطبة، كما لم تكن بالنسبة لى مُجرَّدَ فُسحةٍ تبدأ بركوب (الأوتومبيل) العتيق من الموقف القديم بقلب مدينة (دمنهور)، وإن كان مجرد هذا الفعلِ فى حد ذاته يُمثِلُ حدَثًا يُروى فى أحاديث الفخر بين أقرانى من الأحداث (ركبنا أوتومبيل كان لونه بيبرق وواسع من جوه وسريع جدًا وقعدت جنب الشباك أو جنب السواق الذى عرفنى على كل شيء فى العربية).
مُنذ تفتح وعيى على الحياة، ولأيام الجُمَع والأعياد قداستها فى طقوس الوالد الشيخ أمد الله فى عمره، تجاوزت علاقته بالمنابر العقود الستة، غير أن طوارئ يوم الجمعة والأعياد لا تُضاهيها طوارئ، وطالما سألتُ نفسى (كيف لمن يعتلى المنبرَ كل أسبوعٍ أن يحمِلَ ذات التوتر الدورى معه؟، كيف لا تكسر رتابة الأداء توتر الإعداد؟)، ولم تقدنى الإجابات يومًا إلا إلى خانة المسئولية، إنها التى كانت تحملنا للمشى من (الموقف القديم) حيث لا عربات تتحرك بعد صلاة الفجر، وهو ما يعنى البحث عن عربة عند مدخل دمنهور من ناحية كوبرى (أبو الريش)، فى الطريق يُراجع الشيخ خطبته التى سطر عناصرها فى ورقة يحملها إلى جوار منديله القماش، فيما أُتابع الأشجار التى تتحرك فى طبقات ظلام ليل يرحل، ترسم لوحاتها فى فضاء الطريق، أُفَتِش بينها عن المئذنة الصفراء العتيقة لمسجد (السلانكلي) التى تُخبرنى بأننا على وشك الوصول، وعادةً ما تُسيرنا حسابات الشيخ لنصل المسجد مع ميقات صلاة العيد، هكذا علمنى (فى العيد يصل الإمام مع موعد الصلاة)، كُنَّا إذا ما يسرت المواصلات وصولنا قبل الموعد بقليل نتلكأ فى مسيرنا عبر المسافة الصغيرة بين المحطة والمسجد، وكان رجال القرية كلهم يقفون بجلابيبهم وطواقيهم على أبوابه فى انتظار الدخول خلف الشيخ، بينما أطفالها يستثمرون وقت الانتظار فى اللعب حول المسجد، كما كان يجلس حلاقو القرية يمارسون مهامهم لمن فاتته الحلاقة يوم وقفة العيد، وبمجرد دخول المسجد تختلط نسماتُ هواء العيد الطازجة مع أنواعٍ متعددة من (الكولونيا)، ويصطف الجميع خلف الشيخ فيما أُختصُ بالوقوف مع الكبار فى الصف الأول كونى ابن الشيخ، ومع تكبيرات الصلاة تعلو أصوات الحضور مرددة بنشاط وفرحة
تنتهى صلاة العيد فى القرية الصغيرة الملاصقة لقريتنا (شرنوب)، لتبدأ طقوس عيد خاصة، فبمجرد انتهاء الخطبة يخرج كل من فى المسجد ويصطفون فى طابور طويل، بينما يكون على الشيخ أن يخرج وخلفه كبار رجالات القرية ليُصافحوا أهلها مهنئين بالعيد، وبالطبع لكونى ابن الشيخ يُسمح لى بالسير معه ومصافحة الخلق، وعادة ما كانت المصافحة مقرونة بالتقبيل، كان للأيادى قلوب تحركها، وكان للمصافحة طرح ودٍ فى الكفوف. وتنتهى طقوس القرية فى عقب صلاة العيد، ورغم كلِ محاولات الأهالى دعوة الشيخ إلى الإفطار، إلا إنه كان يعتذر ليتمكن من استكمال طقوس صباح العيد فى قريتنا (شرنوب)، إذ نتوجه مباشرة إلى مقابرها، حيثُ عيدٌ آخر رغم كونهِ على المقابر، سريعًا يُصافح الوالد الشيخ من ودَع عزيزًا خلال العام المُنصرم.
مع عصر أول ايام العيد، كانت مُهمتنا فى قريتنا تنتهى لنبدأ التحرك صوب المحطة ليحملنا (أوتومبيل) إلى البيت، عادة ما كنت أركب سيارة العودة، حاملًا عددًا من أوراق مالية جديدة فئة خمسة وعشرة قروش، أتحسسها لأتأكد من كونها لم تسقط أثناء المرجحة على أرجوحة صنعت من حبل بين شجرتين، أو عندما رميت نفسى عن الحمار الذى أخافنى اندفاعه فى الركض، أو حين كنت مع أبناء عمومتى نلعب فى تلال التبن، أتحسس عيدياتى الجديدة، وبعض خدوشٍ تركها اللعب فى القرية على ركبتي، أقلق من رد فعل أمى بسببها، لكنى أعوِّل على كونه العيد وبالتأكيد لن يكون غضبها عليَّ شديدا، وهكذا أعود إلى مدينتنا الصغيرة تاركًا عيد قريتنا الذى انقضى على ساعاته القليلة، ناحتًا على جدران الروح ملامحَ إنسانٍ كان قادرًا على صناعة عيده وفرحته بين مسجد وقبر وجرنٍ ومندرة، وهكذا صار العبد لله كل عيد يُغمض عينيه لتحمله الذكرى إلى درب عيد باتَ بعيدًا رغم أن إنسانه واحد، ليبقى بعدها سؤال ما الذى تغير فى عيدنا هل العيد أم الإنسان أم الأوطان؟ إنه السؤال الذى ينبغى أن نفتش عن إجابته علها تصل بنا إلى طعمِ عيد تحن إليه أرواحنا ... فاللهم عيد.
لمزيد من مقالات ◀ عبد الجليل الشرنوبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.