صلاة عيد الفطر المبارك لها وقع خاص، لاسيما فى الأرياف. فى السابق كنا نصلى العيدين فى مسجد القرية الكبير أو اليتيم على روايتين. لم نكن نسمع عن صلاة الخلاء. حتى صعد منبر الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المرحوم الشيخ حسين حجاج، وهو من علماء الأزهر الشريف، وكان معلما للغة العربية بمدارس التربية والتعليم. إضافة إلى ذلك خطيباً بالمكافأة للمسجد، وأشهد الله أنه كان خطيبا مفوها وقديرا. مفردات اللغة العربية كانت تنساب من بين شفتيه، وكان يختار الموضوعات التى تلامس مشاكل الناس وهمومهم، لقد كان الراحل الكريم نموذجا فى الأدب واحترام الآخرين، وكان محبا لطلاب الأزهر الشريف، وكان قريبا منهم. صعد شيخنا على المنبر ولأول مرة أسمع منه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يؤدى صلاة العيدين فى الخلاء، وهو مكان فسيح يقع خارج نطاق القرية، ولم يثبت أنه صلى بالناس فى المسجد إلا لعذر قهرى كمطر ونحوه. وأتذكر أنه قال أيضا: وكان النساء حتى الحيض منهن يشهدن الصلاة، وإن لم يؤدينها. المهم أنه عقب صلاة الجمعة انقسم الناس إلى فريقين الأول: يرى أن الناس من زمن الآباء والأجداد يصلون فى المسجد، أما الفريق الثانى وهم المثقفون فقد نزلوا عند رأى الشيخ، إلا أنه استطاع بحكمته إقناعالجميع، كان ذلك فى أواخر السبعينيات تقريبا. لم نكن نسمع أن هناك من صلى بالخلاء إلا قريتنا، ثم توسع الناس بعد ذلك فى كل القرى المحيطة وحتى اليوم، تحت إشراف وزارة الأوقاف التى رسمت خطوطا عريضة لصلاة العيدين، أهمها أن يكون الخطيب من الأئمة أو الخطباء المرخص لهم من الوزارة، وتحت إشرافالمديريات الإقليمية. المهم أن قريتنا كانت رائدة، ولها السبق فى إحياء السنة وأداء الصلاة فى الخلاء. لا يمكن أن أنسى المرة الأولى والناس يتوافدون على المصلى فرادى وجماعات، وبعد أن فرغ الناس من الصلاة تبادلوا التهانى والمصافحة. ثم انصرفوا لتقديم التهانى للأقارب والجيران والأصدقاء وكان من عادات أهل القرية زيارة المقابر عقب الصلاة مباشرة وإن اندثرت رويدا رويدا بعد ذلك. ستظل ذكريات يوم العيد الأول للخلاء فى القرية وما تبعها فى القرى المجاورة لا تنسى. رحم الله أستاذنا الشيخ حسين حجاج العالم والحكيم، فقد كان قائدا لا يشق له غبار، وكان حريصا على التلاقى مع الجميع خصوصاً الأزهريين.