تمكن الإرهابيون من توجيه لطمة قاسية وموجعة لمصر وقيادة القوات المسلحة يوم الأحد الدامي وقتلوا كل من به بوحشية وقسوة ولم ينج من القتل إلا من تظاهروا بالموت. وعقب المذبحة استولوا علي عربتين مدرعتين وحاولوا استخدامها في الهجوم علي موقع عسكري إسرائيلي بمنطقة كرم أبو سالم, ولكن الإسرائيليون كانوا بانتظارهم, وخلال لحظات من اجتيازهم خط الحدود تحولوا والمدرعتان إلي كتل متفحمة. وهذه العملية الإرهابية التي تمت خلال شهر رمضان الكريم, أثارت عاصفة من الغضب في نفوس ملايين المصريين, وأسكنت الحزن في قلوبهم, وتعالت أصواتهم للمطالبة أولا بمعرفة حقائق ما جري وتحديد المسئولين عن هذه الكارثة الإنسانية, وثانيا, بالثأر من الإرهابيين أفرادا كانوا أم جماعات, مصريين كانوا أم من جنسيات أخري وثالثا, بمواجهة حاسمة وحازمة مع هؤلاء الذين احتلوا سيناء وزرعوا أرضها بالرعب تمهيدا لتحويلها إلي إمارة إسلامية. وأمام هذه الكارثة فإن الأمر يتطلب إجراء تحقيق واسع النطاق لتحديد المسئولين عسكريا وسياسيا وأمنيا دون استثناء. وتحديدا يجب استدعاء كل من المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع السابق والفريق سامي عنان رئيس الأركان للمثول أمام المحققين. وإذا ما أثبتت التحقيقات مسئوليتهما عن التقصير في اتخاذ الإجراءات المطلوبة لتوفير الحماية للموقع العسكري المصري فليس هناك ما يمنع من تقديمهما للمحاكمة, ولا أعتقد أنهما أرفع شأنا من حسني مبارك, أو أكثر منعة. ومن الضروري أن يكشف لنا هذا التحقيق من الذين تورطوا في التنفيذ, ومن الذين ساعدوهم, ومن هي القيادات المسئولة والمتورطة.وكنا قد أشرنا في مقالنا السابق إلي الأسباب التي دفعت منظمة القاعدة وعناصر إرهابية أخري إلي اختيار سيناء كواحدة من نقاط الارتكاز الرئيسية لها في المنطقة العربية. وربما لم تنتبه السلطات بشكل جيد للمخطط بكل أبعاده, ولكن هناك قوي إقليمية ودولية تنبهت مبكرا وحذرت, وبدأت في العمل لحماية أمنها والأمن العالمي, وفي مقدمتها إسرائيل. وبصورة أوضح فإن إسرائيل أبدت إهتماما قويا بما يجري في سيناء وكذلك الولاياتالمتحدة, واتفقت عمليات التقييم في كلتا الدولتين علي أن ما يجري في سيناء هو أمر بالغ الخطورة, وبدأت عمليات التشكيك في قدرة مصر علي مواجهة هذا الخطر. فوجود تنظيمات سلفية جهادية قوية تتعاون مع حماس ويتوفر لها التسليح الجيد والكافي والعناصر البشرية, يشكل تهديدا للأمن الإسرائيلي, وفي الوقت نفسه تري فيه الولاياتالمتحدة تهديدا للأمن العالميوإذا ما أخذنا نموذج أفغانستان وباكستان واليمن, فإن الولاياتالمتحدة نفذت عمليات متواصلة لمواجهة هذا الخطر الإرهابي خاصة باستخدام طائرات بدون طيار. وتشير المعلومات إلي أن الدولتين قد عرضتا علي مصر التعاون في هذه المواجهة. وفعلا قبلت مصر التفاوض من أجل الحصول علي حزمة مساعدات. والقبول المصري بمثل هذا التعاون, جاء خطوة علي الطريق الصحيح لتجنب احتمالات أخري. ومن المعروف أن إسرائيل تضع حماية أمنها في المقدمة, ولاشك أنها درست وخططت واستعدت لمواجهة خطر هذه الجماعات المنتشرة في سيناء, والتي بدأت فعلا في العمل ضد إسرائيل ونفذت عدة عمليات أسفرت عن خسائر بشرية ومادية. وفي الوقت نفسه, هناك بالضرورة خطط أمريكية لمطاردة هذه التنظيمات في سيناء. واعتقد ان العمليات التي تتم الان لن تتوقف إلا إذا تمكنت من كسر العمود الفقري لهذه الجماعات بجانبذ التدمير الكامل لكل الأنفاق وبدون تحقيق هذين الهدفين, فإنه لا يمكن القول إن المواجهة قد حققت هدفها. وإذا ما تساءلنا عن العوامل التي ساعدت علي مثل هذا الانتشار السرطاني في سيناء, نتبين أن سماح السلطات بعودة أكثر من3 آلاف مقاتل جوال من الذين قاتلوا في أفغانستان والشيشان والبوسنة وكوسوفر وألبانيا, بالإضافة إلي الإفراج عن مجموعات من عناصر القيادات السياسية الإسلامية الذين كانوا يقضون فترات العقوبات بالسجون المصرية بجانب العناصر التي خرجت من السجون التي هوجمت ونقول ان الطريق لتجنب هذه الأخطار هو النجاح في مواجهة هذا الانتشار السرطاني في سيناء. المزيد من مقالات عبده مباشر