أحداث 11 سبتمبر مر عقد كامل على هجمات 11 سبتمبر 2001 على نيويوركوواشنطن, وسقط خلاله نظام طالبان فى أفغانستان وأطيح بنظام صدام حسين فى العراق باسم الحرب التى بدأتها الولايات المتحدة على الإرهاب. وبعد فترة قصيرة من الأحداث وجهت الولايات المتحدة أصابع الاتهام الى تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن وأعلنت حملتها العسكرية والاقتصادية والاعلامية المثيرة للجدل على الإرهاب. وحظت عملية غزو أفغانستان عام 2001 بدعم دولى كبير مقارنة بالتشتت فى الآراء الذى صاحب حملتها العسكرية الثانية على العراق فى عام 2003. عشر سنوات شهدت انفراط عقد التنظيم ومقتل المئات من قادته, لكن لم ينته الإرهاب الذى انفجر مدويا فى سلسلة من العواصم والمدن العربية. سالت الدماء مرات فى مصر بعاصمتها القاهرة ومنتجعاتها فى شرم الشيخ ودهب وطابا. ولم تسلم شوارع الرياض والقصيم والخبر والجوف في السعودية من لهيب كرات النار الإرهابية . وتلون نهرا دجلة والفرات في العراق بالأحمر القانى وآثار العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة التى تضرب دون هوادة المدنيين والعسكريين على السواء. ومزقت لحوم السياح فى الدار البيضاء بالمغرب العربى. وما زال اليمن يكافح لايقاف نزيف مدنه وتمدد نفوذ "جناح تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية". لا شك في أن قوة تنظيم القاعدة تراجعت خطوات الى الوراء على أرض الواقع ويلاحظ ذلك من حجم العمليات التى نفذت بعد أحداث سبتمبر وانتقال التنظيم من استهداف منشآت وأهداف كبرى الى تنفيذ عمليات فردية تتطلب شخصا فقط لديه الاستعداد لحمل مواد متفجرة مصنعة يدويا وتفجيرها فى مكان ما. ولا شك أيضا في أن التنظيم تأثر كثيرا من الناحية البنيوية وأصيبت استراتيجيته المالية فى مقتل بعد تعقب شبكاته التمويلية وفشله فى ايجاد مصادر مستقلة تدر عوائد ضخمة يستطيع بها مواصلة عملياته ذات الوزن الثقيل. كما جاء مقتل أيقونة التنظيم أسامة بن لادن فى عملية نفذتها قوة أمريكية خاصة بالقرب من العاصمة الباكستانية اسلام اباد ليوجه ضربة قوية أخرى للتنظيم. وعلى الرغم من أن الاجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة كرد فعل على هذه الهجمات قادت إلى كوارث كبرى وأدت إلى مقتل الآلاف من الناس أغلبهم من الأبرياء، وهذا كان واضحا في الحرب التي قادتها في كل من أفغانستان والعراق، فضلا عن الفاتورة الاقتصادية الهائلة التى دفعتها واشنطن, الا أن هذه الاجراءات أثرت بالسلب على بعض الدول وبالايجاب على دول أخرى فى الوطن العربى. ويعتقد مراقبون, آرائهم بمناسبة حلول الذكرى العاشرة للأحداث, أن التداعيات التى نجمت عن الحرب على الإرهاب وكذا الثورات العربية تستدعي من واشنطن أن تعيد النظر في سياستها الخارجية واحترام ارادة الشعوب والتعاون معها وليس مع الحكام الذين يخدمون مصالحها. ويرى هؤلاء أن الأحداث التى شهدتها المنطقة ولا زالت أثرت بشكل كبير على التعاون الأمنى وجهود مكافحة الإرهاب. ويخشى استغلال التنظيمات الارهابية للفراغ الأمنى فى مصر وتونس وليبيا بعد الاطاحة بالرئيسين السابقين حسني مبارك وزين العابدين بن علي والعقيد الليبي معمر القذافى لتجميع قوتها والعودة أكثر قوة من جديد. وتبدو أمام الولايات المتحدة فرصة تاريخية لأن تلعب دور الوسيط وتحول استراتيجيتها فى العلاقات الدولية من خانة الهيمنة والنفوذ الى المشاركة فى بناء عالم مختلف مبنى على الاحترام المتبادل, لا سيما أن الكيانات السياسية الجديدة الخارجة من رحم الثورات العربية تؤثر فيها جماعات محافظة قادمة من رحم جماعات الاسلام السياسى وأخرى مدنية تخشى أن تصنف كعميلة للولايات المتحدة. العراق: 8 سنوات على الغزو الأمريكى وما زالت التداعيات مستمرة بعد عقد من الزمن على هجمات 11 سبتمبر و 8 سنوات على الغزو الأمريكى للعراق ما تزال التداعيات مستمرة، هكذا قال الخبير في شؤون تنظيم القاعدة الملا ناظم الجبوري "لازالت القاعدة تمتص أقوى الضربات الموجهة اليها وتتحدى الانهيار في تنظيمها بعد كل هذه التكلفة التي كبدت واشنطن آلاف القتلى والجرحى في العراق وأفغانستان ومئات المليارات من الدولارات التي أنفقت على ما يعرف بالحرب على الإرهاب ". وقال الجبورى "لكن رغم كل هذه الضربات، وان كانت أقنعت أغلب الحكومات العربية والاسلامية بخطورة القاعدة وفكرها على العالم، إلا اننا نجد نشاطا كبيرا وملحوظا للقاعدة في تجنيد مقاتلين ومؤيدين لها". وتزايدت تهديدات القاعدة خصوصا بعد محاولة النيجيري عمر الفاروق اسقاط طائرة فوق الولايات المتحدة، ومحاولة ارسال الطرود المفخخة إلى الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية، وعمليات خطف الغربيين في شمال افريقيا. ويرى الجبوري أن "العراق أحد البلدان التي تأثرت بأحداث 11 سبتمبر والتي كان من نتائجها ربط نظام صدام حسين بتنظيم القاعدة مما مهد لاحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة، وهذا الاحتلال كان سببا رئيسيا في ظهور التيارات الراديكالية الاسلامية وترسيخ نظرية المؤامرة والحرب الصليبية على الاسلام وهو ما أوجد بالتالي ظاهرة التطرف التي كانت غريبة على المجتمع العراقي", مشددا على أن تلك الأحداث حولت العراق إلى بلد راع للإرهاب ومصدر له وذراع مهمة من أذرع تنظيم القاعدة العالمي، نتيجة سياسات الولايات المتحدة الخاطئة التي اتبعها تيار المحافظين. نفذ 19 شخصا على صلة بتنظيم القاعدة هجمات 11 سبتمبر عام 2001 باستخدام أربع طائرات مدنية وجهوها لتصطدم بأهداف محددة، نجحت في ذلك ثلاث منها، وتمثلت الأهداف في برجي مركز التجارة العالمي بمنهاتن ومقر وزارة الدفاع الأمريكية (لبنتاغون(، وسقط نتيجة لهذه الهجمات 2973 ضحية، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين بأمراض جراء استنشاق دخان الحرائق والأبخرة السامة. وبدوره قال المحلل السياسي صباح الشيخ "لا يستطيع أي شخص أن ينكر بأن تأثير هجمات 11 سبتمبر على العالم كان سلبيا وبشكل خاص على الدول العربية والاسلامية، مضيفا أن "الاجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة فيما بعد كرد فعل على هذه الهجمات، قادت إلى كوارث كبرى أدت إلى مقتل مئات الآلاف من الناس أغلبهم من الأبرياء، في كل من أفغانستان والعراق، كما كان لها تأثير كبير من الناحية الاقتصادية وخاصة على واشنطن التي صرفت آلاف المليارات في حربيها، فضلا عن مقتل واصابة عشرات الآلاف من جنودها". ويرى الشيخ أن واشنطن استخدمت أحداث 11 سبتمبر ومكافحة الإرهاب ذريعة لاحتلال العراق لكي تكون قريبة من مصادر النفط في المنطقة وللسيطرة عليها، أما الادعاءات التي روجتها بأنها جاءت لنشر الديمقراطية والحرية في العراق فلم تنجح خلال السنوات الثماني الماضية، بل أن تأثيرها كان عكسيا فقد تردت الخدمات والوضع الأمني في العراق بعد الاحتلال الأمريكي، والعراقيون الآن يطالبون وبكل فئاتهم بخروج قوات الاحتلال من بلادهم". بعد مرور أكثر من ثمانية أعوام على الإطاحة بنظام صدام حسين، ما زالت الخدمات الأساسية في وضع مزر، فمعظم أنحاء الدولة لا يصل إليها الكهرباء إلا في ساعات قليلة من اليوم. وأصبح انقطاع التيار الكهربائي شائعا بصورة متزايدة خلال صيف هذا العام، ولا تزيد صادرات النفط، التي لا تزال المصدر الوحيد للدخل، سوى بمقدار قليل عما كانت عليه عند الإطاحة بصدام حسين. وأصبح الاقتصاد العراقي يجمع بين مزيج من المحسوبية وسوء الإدارة، مع ارتفاع معدلات البطالة وانتشار الفساد. وأصبح الوعد بتحسن الأمن أجوف مع ازدياد الطائفية. ويرى الشيخ "أن العدالة وحدها واحترام حقوق الانسان والقبول بالرأي والرأي الآخر والحوار المتبادل بين جميع الأمم والأطراف يمكن أن يخفف من تأثيرات هذه الأحداث التي أثرت على العلاقة بين العالمين الغربي والاسلامي . وربما يقود هذا التأثير السلبي في المستقبل إلى أحقاد وضغائن، وتزداد الفجوة بين الجانبين وتستمر الأزمة وتتوسع ويخسر الجميع. لذلك على الجميع التعاون لمحاربة التطرف أينما وجد". ولذا، فان هذه التداعيات تستدعي من واشنطن أن تعيد النظر في سياستها الخارجية وتحترم إرادة الشعوب وتتعاون معها وليس مع الحكام الذين يخدمون مصلحة واشنطن الخاصة لأن الشعوب هي الباقية أما الحكام، فانهم إلى زوال خصوصا بعد ما أثبتت الشعوب العربية قدرتها على الاطاحة بحكامها الذين يستغلونها ويحرمونها من كل شيء ، حسبما ذكر المحللون. الجزائر: سيطرة شبه كلية على الجماعات الإرهابية بالقوة الأمنية والسلم والمصالحة اذا كانت هجمات 11 سبتمبر قد ارتدت بالسلب على العراق, فانها تداعياتها قد ارتدت بالإيجاب على دول أخرى مثل الجزائر التي ما انفكت تنادي منذ عام 1992، تاريخ اندلاع العمليات الإرهابية فيها على يد الجماعات المتشددة، بضرورة مواجهة الإرهاب وخطره على العالم. وساعدت التحالفات التي دخلت فيها الجزائر بالخصوص مع الولايات المتحدةالأمريكية والدول الغربية الأخرى الى جانب التنسيق وتبادل المعلومات وشراء الأسلحة المخصصة في مكافحة الإرهاب على بسط سيطرتها شبه الكلية على الجماعات الإرهابية وتقليص دورها وحصرها في الجبال والمناطق النائية بعدما كانت تهدد المدن الكبرى. اكتوت الجزائر بنار الإرهاب لسنوات. وبحسب الإحصاءات الرسمية الجزائرية فإن آلاف المواطنين قضوا في الفترة ما بين عامي 1992 و2000 على يد الجماعات الإرهابية، تحديدا ()الجماعة الإسلامية المسلحة() أخطر وأكبر الجماعات الإرهابية في تسعينيات القرن الماضي، الى أن اضمحلت بفعل ضربات الجيش والأمن لتأتي بعدها ()الجماعة السلفية للدعوة والقتال() التي انشقت عنها بعد أن رفضت نهج التكفير وعدم التفريق بين الحكومة والمجتمع. وقد تحولت هذه الجماعة التي تأسست عام 1998 على يد حسن حطاب إلى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" بعد أن انشق عنها حطاب وتولى قيادتها عبد الملك دروكدال "أو أبو مصعب عبد الودود" عام 2005. وتسيطر هذه الجماعة على النشاط الإرهابي في الجزائر وهي تستهدف بالخصوص الحكومة ومؤسساتها والجيش والأمن والأجانب، وتقول إنها تسعى لإقامة ما تسميه ()النظام الإسلامي() في الجزائر. وكان أخطر ما قام به هذا التنظيم التفجيرات الانتحارية التي استهدفت مقر الحكومة الجزائرية ومكاتب الأممالمتحدة عام 2007 والتي أودت بحياة العشرات. وبالتوازى مع الشق الأمنى, تبنت الجزائر فى عام 2005 سياسة السلم والمصالحة لإقناع بقايا هذه الجماعات بإلقاء السلاح والعودة على المجتمع. وبمبادرة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة زكى الجزائريون في 29 سبتمبر 2005 ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي يمنح العفو للإرهابيين مقابل استسلامهم طواعية فضلا عن إطلاق سراح آلاف المشبوهين في القضايا الإرهابية والسماح لآلاف آخرين بالعودة إلى الجزائر بعدما فروا الى الخارج خوفا من المتابعات. ويرى محللون جزائريون أن الجزائر أثبتت قدرتها على إدارة وتحييد الجماعات الإرهابية بعد أن اعتمدت حزمة من الإجراءات الأمنية القائمة على محاصرة هذه الجماعات في معاقلها مع تنفيذ هجمات مباغتة ضدها والاستفادة من المعلومات التي تقدمها العناصر الإرهابية التي تسلم نفسها لقوات الأمن مع توجه الحكومة نحو سياسة تضييق المتنفس الدعائي من خلال تكييف قوات الأمن لمواجهة شبكة الإرهاب، وهي السياسة التي تطالب الجزائر بضرورة تطبيقها على المستوى الإقليمي. واعتبر المحللون أن بناء قوة الدولة الجزائرية في الإطار العسكري، ظهر من خلال مشروعين أساسيين للرئيس بوتفليقة وضعهما في برنامجه الانتخابي. المشروع الأول هو تحديث القدرات الدفاعية، بما يخدم المصالح الأمنية والوطنية للدولة الجزائرية باعتبارها من أكبر المساحات الجغرافية في إفريقيا. أما المشروع الثاني فيتعلق باحترافية المؤسسة العسكرية في إطار آليات التعاون العسكري الدولي، من خلال انخراط الجزائر في الحوار الأطلسي المتوسطي، والتعاون في إطار مجموعة ( 5 زائد 5) لدول غرب المتوسط، وهو ما يجعل من الجزائر تعطي أولوية لتقاسم أعباء التحديات الأمنية الجديدة مثل الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للدول، وتقتضي كلها مناورات بحرية وبرية مشتركة لمواجهة هذه التحديات. مصر: جهود مثمرة للنظام السابق لكن التهديدات ما زالت قائمة بعد ثورة 25 يناير بالرغم من الجهود الملموسة للنظام المصرى السابق بقيادة حسنى مبارك فى مكافحة الإرهاب الذى تراجعت نشاطاته فى أواخر عهده, الا أن القضاء على الإرهاب أمر غير وارد فى ظل الوضع الأمنى المضطرب وتأثر الجهاز الأمنى بعد ثورة 25 يناير 2011, بحسب المحللين. فقد سجل نظام مبارك انجازات فى مكافحة الإرهاب حيث ان كل التنظيمات الإرهابية التى ظهرت فى الثمانينيات والتسعينيات - مثل "ثورة مصر" و"الناجون من النار" و"الجهاد" و "الجماعة الاسلامية" والعائدون من ألبانيا وأفعانستان - تمكن نظام مبارك من انهائها تماما ونجح فى التعامل مع موجة الإرهاب التى تعرضت لها البلاد فى الفترة بين عامي 1992 الى 1997. وتوسع التعاون الأمنى بين مصر وأمريكا عقب أحداث 11 سبتمبر بعد أن طالت الاتهامات الأمريكية مصر بحكم أن بعض المصريين مثل أيمن الظواهرى ومحمد عطا وسيف العدل أعضاء بارزون فى تنظيم القاعدة، وفقا للاتهامات الأمريكية. لكن تلك الجهود لم تجعل مصر بمنأى عن الإرهاب تماما فى العقد الأخير حيث تجرعت من كأسه مرات عدة وسقط المئات من المدنيين والسياح بين قتلى وجرحى فى عملياته التى طالت طابا فى عام 2004 وشرم الشيخ 2005 وتفجيرات جنوب سيناء عام 2006 والتفجيرات التى استهدفت منطقة الحسين السياحية فى وسط القاهرة عامى 2005 و2009 , وأخيرا مدينة الاسكندرية التى شهدت مطلع العام الحالى انفجارا أمام كنيسة القديسين بمنطقة سيدي بشر بالتزامن مع احتفالات المسيحيين بقدوم عام 2011، ما أدى الى مصرع 21 شخصا وإصابة العشرات، حسبما ذكرت تقارير رسمية. وفى أعقاب ثورة 25 يناير تعرض أنبوب الغاز الذي يزود اسرائيل والأردن بالغاز الطبيعى المصرى لعدة انفجارات وقام مسلحون يحملون شارات اسلامية بالهجوم على قسم شرطة بمدينة العريش شمال سيناء، ما أدى الى مقتل عدد من الجنود والمدنيين. وعلى خلفية ذلك, شن الجيش المصرى بمساعدة الشرطة حملة عسكرية للقبض على منفذى تلك الهجمات وتطهير شبه الجزيرة من العناصر الخطرة والخارجة عن القانون. في هذا السياق، يقول الدكتور محمد عبد السلام , رئيس تحرير مجلة ((السياسة الدولية)) و مدير برنامج الأمن الاقليمي وضبط التسلح بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية, ان هناك خطرا على مصر من الجماعات الإرهابية فى ظل الوضع الأمني المضطرب بعد ثورة 25 يناير لعدة أسباب من بينها أن تنظيم "جيش الاسلام" فى غزة المرتبط بتنظيم "القاعدة" استطاع ادخال بعض عناصره الى شبه جزيرة سيناء الحدودية مع القطاع الفلسطيني، وشاركت هذه العناصر فى أعمال العنف التى شهدتها سيناء خلال الفترة الأخيرة. كما أن عناصر تنظيم القاعدة انتشرت فى ليبيا، الجارة الغربية لمصر, ووجود القاعدة فى غزة وليبيا يمثل مصدر تهديد ارهابي لمصر. ويرى عبد السلام خطرا أيضا فى بعض الجماعات ذات الخلفية الإرهابية فى مصر مثل "الجماعة الاسلامية " وحركة "الجهاد" وهى جماعات أجرت مراجعات لفكرها وتم الاعتراف بها سياسيا, "لكن ليس مضمونا كيف ستعمل فى الفترة المقبلة؟ وهل كل عناصرها ستقبل بقواعد اللعبة السياسية أم لا ؟ خاصة اذا نجح الاسلاميون فى الانتخابات المقبلة"، بحسب قوله. وأرجع تأثر جهود مصر فى مكافحة الإرهاب بعد الثورة لسببين، "الأول أن أجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخلية انهارت تقريبا وان ظلت أجهزة المخابرات العامة والعسكرية قوية ومتماسكة. الثانى، أن سلم الأولويات فى مصر اختلف بعد الثورة حيث تصدر الوضع الأمني الداخلي المضطرب المشهد حيث شهدت البلاد أعمال عنف كثيرة دفعت أجهزة المخابرات الى مساعدة الأجهزة الامنية للسيطرة على الأوضاع . وبدأت الأجهزة الامنية تستعيد توازنها وقوتها فى الفترة الحالية". وحول التعاون المصرى الأمريكى مستقبلا بعد الثورة, قال عبد السلام انه لا يمكن تقييم العلاقات فى الوقت الراهن بعد الثورة "لاننا لا نعرف السياسة الخارجية لمصر بعد انتهاء الفترة الانتقالية". وكانت واشنطن قد اعترفت فى وقت سابق بتأثر التعاون الأمنى بين الولايات المتحدة ومصر وتونس بعد الاطاحة بنظامي حسنى مبارك وزين العابدين بن علي. ومن جانبه, قال الخبير العسكري المصري اللواء طلعت مسلم ان احتمال تعرض مصر لعمليات ارهابية فى الفترة المقبلة قائم خاصة أن أعمال العنف انتشرت فى البلاد بعد الثورة والعناصر المتطرفة أصبح بامكانها التحرك فى مصر بحرية. وأضاف أن الثورة والاعتصامات والانفلات الأمني "شغل السلطة فى مصر أكثر عن مكافحة الإرهاب" . ويعتقد أن "القضية الفلسطينية والعلاقات المصرية الاسرائيلية والوضع فى سيناء يوفر مناخا يساعد على الارهاب والعنف, فما جرى فى سيناء وتفجير أنابيب الغاز وقطع الطرق وتعريض الملاحة بقناة السويس للخطر يعد نوعا من أنواع الإرهاب ". ويرى مسلم أن القاعدة أصبحت شبحا ولم تعد تنظيما حقيقيا يمكن الخوف منه، لكن هناك تنظيمات كثيرة قد ترى فى توجيهات القاعدة مرشدا لها فتنضم الى التنظيم وهذا يمكن تطبيقه على عناصر بسيناء يمكن أن تنضم للقاعدة أو تتخذها نموذجا مثل جماعة "التكفير والهجرة". اليمن: ملف الإرهاب بين الاستغلال السياسى وغياب استراتيجية المواجهة خلال السنوات العشر الأخيرة, تمكن تنظيم القاعدة من الانتشار فى اليمن بشكل كبير ووصل الأمر إلى حد سيطرته على قرى ومدن بالكامل. ومنذ أحداث 11 سبتمبر 2001 وحتى اليوم ينظر لجهود اليمن في مكافحة التنظيم على أنها تسير ببطء وفي طريق متعرج. توسع التنظيم بنيويا بضم فرعى اليمن والسعودية تحت لواء "تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية" وزاد عملياته داخل وخارج اليمن. ويعتقد محللون أن تنظيم القاعدة استفاد جيدا من الأوضاع اليمنية المتردية في ظل غياب استراتيجية واقعية واضحة لمواجهته واستغلال النظام اليمنى للدعم الدولي في الحفاظ على بقائه واستمراره بدلا من العمل بجدية على مكافحة الظاهرة. يقول عبد السلام محمد، رئيس مركز أبعاد للدراسات الاسترايجية في اليمن، ان اليمن تحول إلى قاعدة اقليمية لتنظيم القاعدة تدار منها عمليات إرهابية فى الخارج مثل الطرود المفخخة وعملية نضال حسن الذى فتح النار على الجنود فى قاعدة فورت هود بولاية تكساس الأمريكية، ما أدى الى قتل 13 شخصا ما بين عسكرى ومدنى وجرح 30 آخرين, وعملية النيجيرى عمر الفاروق التي حاول من خلالها تفجير طائرة ركاب أمريكية بين أمستردام وديترويت وتبين أنه تدرب في اليمن. وارتبطت هذه العمليات بشخصية القيادي البارز فى التنظيم أنور العولقي، المتحصن فى حمى قبيلته "العوالق" بجنوب اليمن. ويعتقد المحلل العسكري اليمني حامد أبو البدرين أن وجود القاعده في اليمن جاء نتيجة ضعف الحكومة المركزية وعدم قدرتها علي بسط نفوذها في كل المناطق وكذا استغلال القاعدة للظروف الجغرافية والصحراوية والجبلية في عملية التخفي وممارسة أنشطة التدريب والإعداد , مضيفا أن كل هذه المعطيات خلقت الحرية لأفراد التنطيم لانشاء معسكرات التدريب وتجنيد الأطفال وصغار السن مستغلين الوضع الاقتصادي الصعب لشريحة كبيرة فى المجتمع اليمني. وقال أبو البدرين (ان النظام القائم استفاد من مشكلة الإرهاب في اليمن ليس فقط من ناحية الدعم المادي الكبير واللامحدود الذي يتلقاه في اطار برنامج التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب بل حافظ على استمراره وبقائه أيضا كونه الحليف الأول والإستراتيجي في المنطقه فى هذه القضية". وبالرغم من أن جهود اليمن في مكافحة الإرهاب قد أثمرت خلال العشر السنوات الماضية عن اعتقال وتصفية الكثير من رموز التنظيم خاصة خلال الفترة الأخيرة, ودفع بعض عناصره للهروب إلى أطراف البلاد كما استطاعت أن تخلق رأيا عاما محليا مناهضا للقاعدة وخطابا مناوئا لفكر التنظيم كونه لا ينسجم مع تعاليم الاسلام السمحة, إلا أن اليمن فى الفترة الأخيرة واجه صعوبات كبيرة في مكافحة الإرهاب خاصة في ظل الأوضاع المتردية والطبيعة الجبلية الوعرة وانتشار السلاح بشكل واسع بين المواطنين. كما أن ظهور المشكلات الاقتصادية والسياسية والحروب كما حدث مع الحوثيين ونزعات الانفصال وأخيرا الاحتجاجات، زاد من هذه الصعو