من الحرف التي أشار إليها القرآن الكريم في آياته (الكتابة) حيث قال تعالى في سورة العلق «الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)». بل إن هناك سورة في القرآن الكريم تسمى سورة القلم الذي هو أداة الكتابة، تبدأ بقوله الله «ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ» وحرفة الكتابة من الحرف القديمة جدا والتي بها حفظت ونقلت علوم الدنيا والدين. قال المفسرون: «الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ»؛ أي: علم الخط والكتابة التي بها تُعرف الأمور الغائبة، وفيه تنبيه على فضل الكتابة؛ لما فيها من المنافع العظيمة؛ لأن بالكتابة ضُبطت العلوم، ودونت الحكم، وبها عُرفت أخبار الماضين وأحوالهم وسيرهم ومقالاتهم، ولولا الكتابة ما استقام أمر الدين والدنيا، قال قتادة: القلم نعمة من الله عظيمة، لولا القلم لم يقم دين ولم يصلح عيش، وسئل بعضهم عن الكلام، فقال: ريح لا يبقى، قيل له: فما قيده؟ قال: الكتابة؛ لأن القلم ينوب عن اللسان، ولا ينوب اللسان عنه. وفيه امتنان على الإنسان بتعليم علم الخط والكتابة بالقلم، وسمي قلمًا؛ لأنه يُقَلَّم ويقص ويقطع. وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله: أأكتب ما أسمع منك من الحديث؟ قال: «نعم، فاكتب فإن الله تعالى علم بالقلم». قال كعب الأحبار: أول من وضع الكتاب العربي والسرياني، والكتب كلها آدم عليه السلام قبل موته بثلاث مئة سنة كتبها في الطين ثم طبخها، فاستخرج إدريس ما كتب آدم وهذا هو الأصح. وأما أول من كتب خط الرمل فإدريس عليه السلام، وأول من كتب بالفارسية: طهمورت ثالث ملوك الفرس، وأول من اتخذ القراطيس: يوسف عليه السلام، قال السيوطي - رحمه الله تعالى : أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، وأول ما كتب القلم: أنا التواب أتوب على من تاب. وعمل الرسول عليه السلام جاهدا على نشر الكتابة بين أصحابه، حتى لنراه يجعل فداء بعض أسرى قريش ممن أتقنوا الكتابة تعليم عشرة من صبيان المدينة ، وقد حثّ القرآن على استخدامها فى المعاملات، يقول عزّ سلطانه: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ».