يعتمد مذهب الإمام أبى حنيفة على مصادر فقهية لها ستة أصول، ألف فيها الإمام المرتضى الزبيدى - رحمه الله- كتابًا فى أدلة المذهب الحنفى أسماه: «عقود الجواهر الحنيفة فى أدلة مذهب الإمام أبى حنيفة»، وقد حصرها- كما يوضح هانى ضوة نائب مستشار مفتى الجمهورية- فى التالي: المصدر الأول: القرآن الكريم، وهو المصدر الأول لدى الإمام ابى حنيفة والأعلى فى المسائل الفقهية، ولا يصل لدرجة الاستدلال به إلا الحديث الصحيح المتواتر، والمصدر الثاني: السنة النبوية المطهرة، وهى عنده ليس كلها فى درجة واحدة، ولكن يقدم مثلاً السنة القولية على الفعلية، لجواز أن يكون الفعل خصوصية للنبى صلى الله عليه وآله وسلم، ويُقدم السنة المتواترة على خبر الآحاد عند التعارض وعدم إمكان الجمع بينهما، بل إنه يترك العمل بخبر الآحاد إذا خالف قاعدة شرعية مأخوذة من نص القرآن أو السنة، أما المصدر الثالث فى مذهب الإمام أبى حنيفة: فهو الإجماع، ويقصد به ما أجمع عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، وكذلك اتفاق الأئمة المجتهدين فى عصر من العصور بعد انتقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم عن الدنيا على حكم شرعي، والمصدر الرابع: القياس، وهو إلحاق فرع بأصل فيه نص بحكم معين من الوجوب أو الحرمة، لوجود علة الحكم فى الفرع كما هى فى الأصل، والإمام أبو حنيفة يُقدم السنة ولو كان حديثاً مرسلاً على القياس، كما يقدم الحديث الضعيف على القياس، ويعتبر العلماء المعاصرون أبا حنيفة أول من استخدم القياس، وذلك فى حال لم تجد المسألة نصاً لا فى القرآن ولا فى الحديث، والمصدر الخامس: الاستحسان، ويعنى وهو ترجيح واستحسان حكم معين وفق اختيار أقوى الدليلين فى حادثة معينة. أما المصدر السادس لمذهب الإمام أبى حنيفة فهو العرف والعادة، ويقصد بها ما استقر فى النفوس من جهة العقول، وتلقته الطباع السليمة بالقبول، والأصل فى اعتبار العرف دليلاً شرعياً قول ابن مسعود: «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن»، ويكون العرف دليلاً حيث لا دليل شرعى من الكتاب والسنة، أما إذا خالف العرف الكتاب والسنة كتعارف بعض التجار التعامل بالربا، فهو عرف مردود لأنه محادٌّ للشريعة ومخالف لها، ووفقًا لهذه الأصول فقد وضع الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان 83 ألف مسألة فى الفقه الإسلامي، منها 38 ألفا هى أصل فى العبادات، و45 ألفا هى أصل فى المعاملات، وقد أسهم فى تطور المذهب الحنفى وتأسيسه عدد كبير من الأئمة الكبار من تلامذة الإمام أبى حنيفة النعمان.