أسعار سبائك الذهب اليوم الثلاثاء 21-5-2024 محليا وعالميا    صحيفة عبرية: نتنياهو إلى قفص الاتهام بعد قيادة إسرائيل لأكبر كارثة في تاريخها    «القاهرة الإخبارية»: حزب الله أعلن رفضه التفاوض قبل وقف العدوان على غزة    رسميًا.. الزمالك يعلن إصابة أحمد حمدي بقطع في الرباط الصليبي    ساوثجيت يكشف سبب استبعاد راشفورد وهندرسون من قائمة إنجلترا في يورو 2024    تقارير: ماتيب قريب من البقاء في الدوري الإنجليزي    المنتخب المغربية: لاعب بركان منقذ عماد نبيل ضمن اهتمامات الزمالك    مبروك للناجحين..نتيجة الشهادة الابتدائية 2024 بالاسم ورقم الجلوس كل المحافظات    موعد عيد الاضحى 2024 اجازة العيد الكبير لموظفين القطاع العام والخاص    خالد الجندي: أهل القرآن قوة ناعمة مصرية غزت العالم    تحية وتهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك لعام 2024    خالد الجندي: حافظ القرآن يشفع لوالديه ودعاؤه مستجاب    يوم الشاي العالمي.. حقائق مذهلة عن المشروب الأكثر شعبية في التاريخ    رئيس مكتبة الإسكندرية: الرئيس السيسي يلعب دورا كبيرا لتحقيق السلم بالمنطقة    رئيس الوزراء يتابع موقف منظومة رد الأعباء التصديرية    سامح شكرى لوزيرة خارجية هولندا: نرفض بشكل قاطع سياسات تهجير الفلسطينيين    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    لست وحدك يا موتا.. تقرير: يوفنتوس يستهدف التعاقد مع كالافيوري    البنك المركزي يسحب سيولة بقيمة 3.7 تريليون جنيه في 5 عطاءات للسوق المفتوحة (تفاصيل)    الهيئة الوطنية للإعلام تعتمد 12 صوتا جديدا من القراء بإذاعة القرآن الكريم    محافظة أسوان تستعد لإطلاق حملة التوعية "اعرف حقك" للأمان الإلكترونى    جنايات المنصورة تحيل أوراق أب ونجليه للمفتى لقتلهم شخصا بسبب خلافات الجيرة    دعاء اشتداد الحر عن النبي.. اغتنمه في هذه الموجة الحارة    "السرفيس" أزمة تبحث عن حل ببني سويف.. سيارات دون ترخيص يقودها أطفال وبلطجية    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    تأجيل محاكمة 12 متهمًا في قضية رشوة وزارة الري ل25 يونيو المقبل    العثور على جثة طفل في ترعة بقنا    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    أبو علي يتسلم تصميم قميص المصري الجديد من بوما    خليفة ميسي يقترب من الدوري السعودي    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    جهاد الدينارى تشارك فى المحور الفكرى "مبدعات تحت القصف" بمهرجان إيزيس    كيت بلانشيت.. أسترالية بقلب فلسطينى    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    برلمانية تطالب بوقف تراخيص تشغيل شركات النقل الذكي لحين التزامها بالضوابط    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى.. والاحتلال يعتقل 14 فلسطينيا من الضفة    أمين الفتوى: قائمة المنقولات الزوجية ليست واجبة    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    محكمة بورسعيد تقضي بالسجن 5 سنوات مع النفاذ على قاتل 3 شباب وسيدة    رئيس الوزراء يتابع عددًا من ملفات عمل الهيئة المصرية للشراء الموحد والتموين الطبي    «الرعاية الصحية» تدشن برنامجا تدريبيا بالمستشفيات حول الإصابات الجماعية    أفضل نظام غذائى للأطفال فى موجة الحر.. أطعمة ممنوعة    الجامعة العربية والحصاد المر!    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    عمر العرجون: أحمد حمدي أفضل لاعب في الزمالك.. وأندية مصرية كبرى فاوضتني    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: مصر المكون الرئيسي الذي يحفظ أمن المنطقة العربية    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تيريزا ماى والحافة الزجاجية
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 05 - 2019

سقطت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي واعترفت بفشلها واستقالت من منصبها لتنهال عليها طعنات سكاكين وسائل الاعلام ولعنات زملائها قبل خصومها إلي حد تحذير البريطانيين من التعاطف مع الدموع التي انفلتت من عينيها وهي تودع منصبها الذي وصفته بأنه «شرف حياتها».
ثلاث سنوات عاصفة قضتها ماي في 10 داوننج ستريت كانت أشبه بالمأساة الإغريقية. فقد تولت رئاسة الوزراء في 13 يوليو 2016 عقب استقالة سلفها ديفيد كاميرون وورثت ملف الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي «البريكست».
ويري البعض أن تولي ماي رئاسة الوزراء كان منكوبا منذ البداية، حيث إنها كانت بصدد أكبر تحد يواجهه رئيس وزراء بريطاني منذ عام 1945. ووفقا لستيفن ستيرن الكاتب بصحيفة الجارديان البريطانية فان ماي ضحية سيناريو «الحافة الزجاجية» وهو التعبير الذي صكه أكاديميان بريطانيان في جامعة أكستر في عام 2005 لوصف نهج تتبناه كثير من المؤسسات والكيانات الكبرى يعتمد علي ترقية النساء، واحيانا أبناء الأقليات، للمناصب العليا في أوقات الأزمات والظروف الطاحنة أي في الأوقات التي يحجم فيها الرجال عن المخاطرة بمستقبلهم المهني أو السياسي.ولكن فشل ماي لا علاقة له بهذا السيناريو أو بكونها امرأة ولكنه جاء نتيجة تضافر عيوبها الشخصية مع الظرف الاستثنائي الذي تولت فيه مع الصراعات الداخلية والحسابات البرلمانية وتشبث الاتحاد الأوروبي.
كانت ماي تدرك تماما صعوبة الظرف لدي تنصيبها وقالت في أول كلمة لها أمام مقر الحكومة: «نحن بصدد وقت من التغيير الوطني الكبير وأعلم ،لأننا بريطانيا العظمي،أننا سنكون علي مستوي التحدي».
قبلت ماي التحدي وشعرت بأن من واجبها تنفيذ ما أراده الشعب في استفتاء 2016، وذلك علي الرغم من أنها كانت مع البقاء داخل الاتحاد الأوروبي وإن كانت نادرا ما شوهدت خلال حملة البقاء لدرجة أن أطلق عليها حينئذ «ماي الغواصة»لأنها دأبت علي الاختفاء كلما احتاج كاميرون لدعمها علنا لحملة البقاء.
وبدأت ماي في التصرف وكأن تأييدها للبقاء داخل الاتحاد الأوروبي «بطحة فوق رأسها» وأرادت أن تبدد أي شكوك وتثبت لحزبها ،وخاصة جناح اليمين المتشدد ،أنها أكثر منهم حرصا علي الخروج ومن هنا نبعت عبارات «بريكست يعني بريكست»و «لا اتفاق أفضل من اتفاق سيئ» والتي كانت تكررها دائما وفسرها الأنصار في البداية علي انها دليل علي «الجرأة والصمود» وفسرها الخصوم علي أنها «تعنت»و«عناد».
ويري المحللون أن ماي بوصفها أول رئيسة وزراء بعد تصويت البريطانيين علي الخروج من الاتحاد كان بامكانها الحد من صعوبات و خسائر الخروج فقد كان لديها السلطة لتحديد ما سيكون عليه الخروج وأن تكون المفاوضات مع بروكسل حول أهداف قابلة للتحقيق،وإن كان من المسلم به أنه لا يوجد علي الاطلاق ما يمكن وصفه ب «البريكست الجيد».
ولكن للأسف اختارت ماي وحفاظا علي شعبيتها داخل حزب المحافظين وربما من أجل تحقيق المجد الشخصي الاستسلام لضغوط مؤيدي الخروج الخشن وتعهدت بالخروج من السوق الأوروبي الموحد والاتحاد الجمركي وما هو أسوأ سعت لتفعيل المادة 50 من اتفاق لشبونة مما حدد مهلة زمنية للخروج لا تتجاوز العامين.
وانخدعت ماي في تلك الفترة بالجوائز السياسية قصيرة المدي وكلمات المديح والاطراء التي اغدقت عليها، حيث شبهت بمارجريت ثاتشر أول سيدة تتولي منصب رئيسة الوزراء وأطلق عليها «المرأة الحديدية الجديدة»وأشيد بجرأتها وطموحها وارادتها الفولاذية.وغشي عينيها الارتفاع الوقتي في شعبيتها فجازفت بالدعوة إلي اجراء انتخابات عامة مبكرة تعزز فيها أغلبية حزبها داخل البرلمان والتي ورثتها عن كاميرون .مما يمنحها قوة أكبر في التعامل مع ملف البريكست.
ولكن لسوء حظها كانت تلك الانتخابات أول مسمار يدق في نعش زعامتها. فقد كشف اداؤها خلال الحملة الانتخابية عن صورتها الحقيقية كسياسية جافة تفتقر للجاذبية والقدرة علي الاقناع، أما النتائج فقد افقدتها الاغلبية واجبرت علي التحالف مع الحزب الوحدوي الايرلندي الشمالي.
ومع ذلك لم تع ماي الدرس ولم تراجع نفسها أو تغير استراتيجيتها ازاء البريكست بل تعاملت مع خطتها للبريكست ،علي حد وصف أحد وزرائها، وكأنها «وصية عمتها المفضلة»التي يجب أن تنفذها مهما تطلب الأمر. وتمحورت رئاستها للوزراء حول البريكست واستمر رفضها للاستماع للآخرين، وللجوء للحلول الوسط بل و تغاضت عن مواجهة الواقع الأليم الذي فرضه البريكست علي حزبها والطبقة السياسية والشارع البريطاني من انقسام وتشرذم. وتوالت سلسلة كارثية من القرارات والاحداث ،نجت خلالها من تصويتين بسحب الثقة منها،وفشلت ثلاث مرات في تمرير خطتها للبريكست في البرلمان فضلا عن استقالة عدد غير مسبوق من الوزراء والنواب.
وكان رحيلها عن منصبها أمرا محتوما فقد فشلت في تنفيذ المهمة الوحيدة التي كلفت بها وهي البريكست ونجحت في زرع الغضب والفرقة داخل حزبها وتوسيع فجوة الانقسام والخصومة بين أبناء بلدها واثارة كراهية وربما ازدراء المعارضة والقضاء نهائيا علي مصداقيتها وتاريخها السياسي لتسجل في التاريخ كأسوأ رئيسة وزراء صاحبة الإرث المسموم فقد فقزت من علي الحافة الزجاجية بملء ارادتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.