عبد السند يمامة: سأحسم موقفي من الترشح على رئاسة الوفد بداية الشهر المقبل    «مدبولي»: الحكومة المصرية تضع دعم البحث العلمي على رأس أولوياتها    سعر كرتونه البيض الأبيض والأحمر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025 فى أسواق المنيا    وزيرا "التخطيط" و"الاستثمار" يتابعان مع البنك الدولي محاور "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية"    عبدالعاطي يشدد على أهمية تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية    وزير الخارجية السوري: تبني مجلس النواب الأمريكي إلغاء قانون قيصر إنجاز تاريخي    حماس تطالب بتحرك عاجل والضغط المباشر على حكومة الاحتلال لإدخال مواد الإيواء إلى غزة    "تايمز أوف إسرائيل": تصريحات ترامب بشأن الإعلان عن أعضاء مجلس السلام بغزة في أوائل 2026 تدل علي المماطلة    القوات الروسية تسيطر على بلدة بخاركيف    سياتل تتحدى مصر وإيران وتؤكد إقامة أنشطة دعم المثليين في المونديال    بالصور.. منتخب مصر يخوض تدريبًا صباحيًا بمركز المنتخبات الوطنية    سباليتي: أداء يوفنتوس أمام بافوس كان محرجا في الشوط الأول    تجديد حبس عاطلين سرقا مجموعة من المحابس النحاسية في التجمع    وزارة الداخلية تضبط شخصا يوجه الناخبين فى حوش عيسى بالبحيرة    الجمهورية والأسبوعي.. عشقٌ لا يموت!    "مسرح الجنوب" يطلق اسم المخرج عصام السيد على دورته العاشرة    برامج سياحية جديدة بين مصر واليونان    أطباء مستشفى المعبر الجامعي بقنا ينجحون في استخراج 58 حصوة من كلى مريض    «الصحة» تعلن نجاح مصر في القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية للعام الثالث على التوالي    تسليم 1146 بطاقة خدمات متكاملة لذوي الإعاقة بالشرقية    وزير الاستثمار ونظيره المغربي يترأسان اجتماعات الدورة الخامسة للجنة التجارية المصرية المغربية المشتركة    شوبير: الأهلي ينجز صفقة يزن النعيمات ويقترب من تجديد عقد حسين الشحات    التراث العربي: إدراج الكشري في قائمة اليونسكو خطوة مبهجة تعزز الهوية الثقافية المصرية    الجامعة البريطانية توقع بروتوكول تعاون مع ولفرهامبتون البريطانية    اليوم.. الكنيسة القبطية تحتفي بيوم الصحافة والإعلام في المقر البابوي بالعباسية    «أسامة ربيع»: نستهدف تحقيق طفرة في جهود توطين الصناعة البحرية    إغلاق مطار بغداد موقتًا أمام الرحلات الجوية بسبب كثافة الضباب    الليلة.. حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025    وصول 60 ألف طن قمح روسى لميناء دمياط    كأس العرب - استبعاد لاعب السعودية حتى نهاية البطولة    أزمة محمد صلاح وليفربول قبل مواجهة برايتون.. تطورات جديدة    يوسف القعيد: نجيب محفوظ كان منظمًا بشكل صارم وصاحب رسالة وتفانٍ في إيصالها    ضبط أكثر من 109 آلاف مخالفة مرورية فى يوم واحد    قرارات النيابة في واقعة اتهام فرد أمن بالتحرش بأطفال بمدرسة شهيرة بالتجمع    قافلة طبية لجامعة بنها بمدرسة برقطا توقع الكشف على 237 حالة    نشرة مرور "الفجر ".. سيولة بميادين القاهرة والجيزة    تقييم مرموش أمام ريال مدريد من الصحف الإنجليزية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    «الوطنية للانتخابات» تعلن تخصيص الخط الساخن 19826 لتلقي الشكاوى    إعتماد تعديل المخطط التفصيلي ل 6 مدن بمحافظتي الشرقية والقليوبية    الدفاع المدني بغزة: تلقينا 2500 مناشدة من نازحين غمرت الأمطار خيامهم    بتكلفة 68 مليون جنيه، رئيس جامعة القاهرة يفتتح مشروعات تطوير قصر العيني    تحريات لكشف تفاصيل مصرع طفلة وإصابة والدتها وشقيقها بعد تناول بسكويت بأكتوبر    تايلاند تعلن ارتفاع عدد القتلى إثر الاشتباكات الحدودية مع كمبوديا إلى 9    طرق الوقاية من الحوداث أثناء سقوط الأمطار    حالة الطقس في السعودية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    أسعار اللحوم في محافظة أسوان اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    سلوى عثمان: أخذت من والدتي التضحية ومن والدي فنيًا الالتزام    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    التحقيق مع شخص يوزع بطاقات دعائية على الناخبين بالطالبية    مراكز الإصلاح والتأهيل فلسفة إصلاحية جديدة.. الإنسان أولًا    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    "الصحة" تكشف عن الفيروس الأكثر انتشارا بين المواطنين حاليا    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعد زغلول.. مع الثقافة والمثقفين

ونحن نحتفل هذا العام بالذكرى المئوية الأولى لثورة 1919 أحب أن أتحدث عن ثقافة سعد زغلول وعن علاقته عامة بالثقافة والمثقفين.
والأسباب التى تدعو لهذا الحديث كثيرة أهمها أن سعدا كان زعيم هذه الثورة المجيدة التى أدت فيها الثقافة دورا أساسيا.. ومن هنا كانت علاقته بالثقافة صورة من علاقته بالثورة تفسر الكثير من مواقفه واختياراته منذ بدأ نشاطه السياسى أو حتى قبل أن يبدأ هذا النشاط، لأن الثقافة كانت طريقه الى السياسة.
----------------------------
بعد أن حفظ القرآن فى مكتب قريته إبيانة وكان آنذاك فى الحادية عشرة من عمره أخذ يتردد على مجالس بعض المشايخ الذين كانوا يلقون دروسهم فى مساجد المدن القريبة من قريته بين رشيد ودسوق.. وعليهم تلقى ثقافته الأولى فى النحو والفقه والتجويد حتى رأت أسرته أن تبعث به إلى الأزهر، فانتقل سنة 1871 إلى القاهرة وهى السنة التى دخل فيها مصر جمال الدين الأفغاني، وفى حلقات الأزهر أخذ سعد زغلول يستكمل ثقافته فى اللغة والدين، بالاضافة إلى دروس الأفغانى التى كان يلقيها فى داره على تلاميذه ومنهم سعد زغلول وفى مقدمتهم محمد عبده الذى قرب إليه سعدا بعد أن رأى استعداده لتلقى العلم وحماسته لتجديد الفكر الديني، واكتشف مواهبه فى الكتابة والخطابة. ومما يذكر عن سعد زغلول فى تلك المرحلة أنه تحول من مذهب مالك إلى مذهب الشافعى لأنه وجد علماء الشافعية، «أكفأ من غيرهم فى ذلك الوقت». وربما أراد أن يقول إنه وجدهم أكثر إدراكا للحاجة إلى التجديد. وقد وضع سعد فى هذه المرحلة من حياته كتابا سماه «فى فقه الشافعية» وكتب على غلافه: ألفه الفقير الى الله تعالى الشيخ سعد زغلول الشافعى من طلاب الأزهر الشريف. كما لخص فى هذه تلك المرحلة كتاب ابن مسكويه «فى تهذيب الأخلاق».
هذا عن ثقافته التقليدية، أما ثقافته العصرية فقد تلقاها على نفسه فى تلك السنوات التى اتصلت فيها مصر بأوروبا، وأنشئت فيها المدارس العالية لدراسة الحقوق والطب والهندسة، وظهر أول مجلس نيابى مجلس شورى النواب وتوالى صدور الصحف والمجلات، وترجمت القوانين الفرنسية للغة العربية، وارتفع شعار «مصر للمصريين» ... فى تلك السنوات اختير محمد عبده ليرأس تحرير مجلة «الوقائع المصرية» فاختار بدوره سعد زغلول ليعاونه فى تحريرها. وهى تجربة فرضت على سعد زغلول أن يكتب بانتظام، وأن يقرأ بانتظام، وأن يتعلم الفرنسية، وأن يحصل فى النهاية على ليسانس الحقوق. ولقد كانت قراءات سعد زغلول فى تلك المرحلة مؤثرة فى اختياراته الفكرية والعملية.
كان يقرأ عن الثورة الفرنسية، وعن تطور المجتمعات الأوروبية، وعن أصل الاعتقاد الديني، وعن المذاهب السياسية ومنها الفوضوية، وعن الديمقراطية والدستور. ولم يكن فى قراءاته سلبيا، وإنما كان يقرأ وينفعل بما يقرأ ويحدد موقفه مما يقرأ. هكذا كانت الفصول التى كتبها عن الشورى أو الديمقراطية ونشرها فى «الوقائع» تعبيرا عن انضمامه للعرابيين وانخراطه فى النشاط السياسى الذى ظل يتطور ويتصاعد حتى أصبح ثورة عارمة لم تشهد مصر مثلها من قبل ولا من بعد.
----------------------------
كيف رأى المثقفون المصريون سعد زغلول؟
سنبدأ بالسيرة التى كتبها عنه العقاد وسماها «سعد زغلول سيرة وتحية».
إنها ليست مجرد تاريخ حياة. لأن العقاد فيها ليس مجرد مؤرخ، ولكنه كما قال عن نفسه صديق ومؤرخ محب لسعد معجب به مؤمن بزعامته يتحدث عن شخصيته فيقف عند جوانبها المختلفة يبسطها ويناقش مايرى أن يناقشه فيها. فضائل سعد، ومواهبه الموروثة والمكتسبة، وملامحه وسماته. ذكاؤه، ومهابته، وصدقه مع نفسه ومع غيره. ولاشك فى أن العقاد فى كتابه يدافع عن سعد، لأن حياة سعد لم تخل من الأعداء والخصوم . لكن العقاد فى دفاعه عن سعد لايدعى ولا يتحايل، وإنما يفسر على النحو الذى يشهد بحسن نوايا سعد ويتفق مع محبته له وإيمانه بزعامته. وربما تجاهل بعض الأسئلة فلم يطرحها لأنه رآها أقل أهمية من أن تناقش فى حضرة هذه الشخصية التى أراد العقاد أن يقدمها بكل جلالها للمصريين.
وكما نظر العقاد لسعد زغلول فى سيرته نظر له نجيب محفوظ فى روايته «أمام العرش» التى يقدم فيها زعماء مصر للمحاكمة، أمام عرش أوزوريس وإيزيس وحورس أى أمام الحضارة والتاريخ.
نجيب محفوظ هو الآخر محب لسعد مؤمن بزعامته. وفى المحاكمة التى عقدها له واستجوبه فيها عما قدمه لمصر وتطرق فيها لبعض ما أخده خصوم سعد عليه فى هذه المحاكمة يتحدث نجيب محفوظ باسم سعد ويجيب على الأسئلة الموجهة له من قضاته مبتدئا بما يتمتع به سعد من مهابة الطلعة، وقوة القسمات، وجاذبية الملامح،ومنتهيا بشهادة ايزيس وأوزوريس لسعد زغلول باستحقاقه الجلوس بين أجداده الخالدين.
وبوسعنا أن ننظر فى التمثالين اللذين نحتهما محمود مختار لسعد، وفى التمثال الثالث الذى صور فيه نهضة مصر أى ثورتها المجيدة فنقرأ فى التماثيل الثلاثة كثيرا من المعانى والأفكار التى عبر عنها العقاد ونجيب محفوظ. العظمة، والمهابة، والقوة، والعزيمة،والعراقة، والزعامة، والإقناع، وتواصل الماضى والحاضر ، وهى ذاتها المعانى التى جسدها المصورون فى الصور التى رسموها لسعد، كما جسدها المعمارى مصطفى فهمى فى الضريح الذى جعله تحفة معمارية.
ونحن نعرف الفرق بين الفنون التى تستخدم اللغة كالشعر والرواية والفنون التى تستخدم الألوان والمادة الصلبة كالرسم والنحت والعمارة. فنون اللغة تعبر عن موضوعها بانفعال وجلاء. والفنون التشكيلية ترمز لموضوعها وتشير إليه فتقترب منه أحيانا وتبتعد أحيانا أخري. لكننا مع هذا ننظر لضريح سعد فنرى فيه الكثير مما عبر عنه العقاد فى السيرة ونجيب محفوظ فى الرواية.
ضريح سعد الذى بنى على هيئة معبد فرعونى يصور عالم الروح التى تظل ترفرف فى قاعة الدفن كما ترفرف الشمس المجنحة، ومن حولها بقية العناصر التى تستحضر الماضى فى الحاضر وترمز للخلود. وجه الالهة حتحور. وزهرات اللوتس، وحزم البردي. والجعارين. كلها رموز لما نقرأه فى شخصية سعد زغلول من معان ومثل عليا.
وللحديث بقية
لمزيد من مقالات ◀ بقلم: أحمد عبدالمعطى حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.