يعد مذهب الإمام مالك من المدارس الفقهية التي ذاع صيتها وانتشرت في البلدان، فقد أسسه إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس رحمه الله في أوائل القرن الثاني الهجري، فرأى الإمام مالك آثار الصحابة والتابعين، فكان لذلك أثر في فكره وفقهه وحياته. اعتمدت مدرسة الإمام مالك الفقهية - كما يقول هاني ضوة نائب المستشار الإعلامي لمفتي الجمهورية- بشكل كبير على الحديث النبوي الشريف، وهو منهج أهل الحجاز التي ضمت العديد من المحدثين الذين تلقوا الحديث الشريف عن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وطبقوها قولًا وعملًا، فجاء مذهب مالك متوازنًا ما بين أهل الرأي وأهل الحديث، لكثرة استناده إلى الحديث.وبهذا يعد المذهب المالكي امتدادًا لمدرسة الحديث التي حمل لواءها الكثير من الأكابر وشيوخ الإمام مالك وعلى رأسهم سعيد بن المسيب، ومن بعده ابن شهاب الزهري، ونافع مولى عبد الله بن عمر، حتى جاء الإمام مالك فحمل لواء هذه المدرسة، ولكن مع ذلك توسع الإمام مالك كذلك في الأخذ بالرأي، مما جعل ابن قتيبة يضعه ضمن أصحاب الرأي، فقد جمع الإمام مالك إلى جانب كونه محدثًا، إماما في الحديث، الإمامة في الفقه. انتشر مذهب الإمام مالك ومدرسته الفقهية في كثير من الأقطار ولاسيما منطقة المغرب العربي والأندلس ربما نظرًا لسفرهم لتلقي العلم إلى الحجاز، وأصبح يتمركز اليوم بشكل أساسي في دول شمال أفريقيا، وتحديدًا في دول الجزائر والسودان وتونس والمغرب وليبيا وموريتانيا وصعيد مصر وإريتريا، وفي شبه الجزيرة العربية وتشمل دول البحرين والإمارات العربية المتحدة والكويت وأجزاء من السعودية وسلطنة عمان وبلدان أخرى في الشرق الأوسط، كما ينتشر في دول السنغال وتشاد ومالي والنيجر وشمال نيجيريا في غرب أفريقيا، وكان يتبع في الحكم الإسلامي لأوروبا والأندلس وإمارة صقلية، ومذهب الإمام مالك منتشر كذلك في مصر خاصة في منطقة الصعيد، وقد دخل المذهب إلى مصر في حياة الإمام مالك، حيث نقله تلاميذه إليها، ونقله طلبة العلم عنهم، ويعد أول من أدخل المذهب المالكي إلى مصر عثمان بن الحكم الجذامي المتوفى سنة 163ه، وقد غلب في مصر حتى جاء المذهب الشافعي، فنازعه السلطان، حتى صارا «كَفَرَسَيْ رِهَان».