جيش الاحتلال الإسرائيلي: سنهاجم مواقع لتصنيع المسيرات في الضاحية الجنوبية لبيروت    الفرعون ومحارب الصحراء.. مرموش يكرر قصته مع فرانكفورت في مانشستر سيتي    ألبوم "لينا معاد".. تامر حسني يطرح أغنية "حلال فيك"    في عيد الأضحى.. قصور الثقافة تقيم حفلات مجانية في الإسماعيلية والسويس وبورسعيد وسيناء    أستاذ تمويل: المنصة الإلكترونية لتراخيص الاستثمار مهمة لتعزيز بيئة الأعمال    بعد إطلاق ال5G.. مطالب برلمانية بإلزام شركات المحمول بعدم زيادة الأسعار    «الشهر العقاري» تعلن تقديم خدماتها للجمهور خلال إجازة عيد الأضحى    شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمة الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى    ترامب يعرب عن خيبة أمله في إيلون ماسك.. والأخير يرد: لولا دعمي لخسرت الانتخابات    أول زيارة للمستشار الألماني للولايات المتحدة    زلزال بجنوب إيطاليا يتسبب في انهيار جزئي بموقع بومبي الأثري    الهلال يُغري نابولي بعرض خيالي لضم أوسيمين    تفاصيل لقاء المستشار الألماني بالرئيس الأمريكي في البيت الأبيض    مدحت بركات: زيارة الرئيس السيسي للإمارات تعكس التزام مصر بالتعاون العربي    المهيرى: اتفاقية للحفاظ على حقوق العاملين ب «اقتصاد المنصات»    مباشر مباراة إسبانيا ضد فرنسا في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية    «كل إناء ينضح بما فيه».. تعليق ناري من زوجة الخطيب على «سب» هاني شكري جماهير الأهلي    غرفة ملابس الزمالك قبل مواجهة بيراميدز في نهائي كأس مصر (صور)    نموذج للأمانة.. مأمور جمرك بمطار القاهرة يُسلم مبلغًا ماليًا كبيرًا لراكبة مصرية    قرار هام بشأن أسئلة امتحانات الثانوية الأزهرية في مطروح (تفاصيل)    بروتوكول تعاون بين «التضامن» و«التعليم العالي» ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات    رئيس الوزراء يهنئ شعب مصر والأمتين العربية والإسلامية بعيد الأضحى    مياه المنوفية: استمرار شحن عدادات المياه مسبقة الدفع خلال عيد الأضحى    أحمد السقا من جبل عرفات: إحنا مصطفين السنة دي من ربنا    صلاة العيد يوم الجمعة الساعة كام في مصر؟ رسميًا بالتوقيت المحلي    صلاة عيد الأضحى 2025.. موعدها وطريقة أدائها وفضلها العظيم    العيد بعد الطاعة.. «بهجة مشروعة»    نصائح لإعداد المعدة، كيف نستقبل أكلات العيد دون مشكلات صحية؟    استشاري تغذية يحذّر من الإفراط في تناول اللحمة خلال عيد الأضحى- فيديو    في العيد.. طريقة عمل لحمة الرأس بخطوات سهلة وطعم مميز    "التنظيم والإدارة" يتيح استعادة كود التقديم في مسابقاته عبر بوابة الوظائف الحكومية    مصطفى محمد يُساند الزمالك من مدرجات ستاد القاهرة أمام بيراميدز    وزير الخارجية الألماني يجدد مطالبته لإسرائيل بالسماح بدخول المساعدات إلى غزة    " صوت الأمة " تنشر أهم التوصيات الصادرة عن المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية    إعلام إسرائيلى: مقتل جندى إسرائيلى متأثرا بجروح خطيرة أصيب بها فى غزة قبل 8 أشهر    نادي قطر يُعلن نهاية إعارة أحمد عبد القادر وعودته للأهلي    "لو لينا عمر" أغنية لآمال ماهر بتوقيع الملحن محمدي في أول عمل يجمعهما    «الجيل»: ما يدور عن «القائمة الوطنية بانتخابات الشيوخ تكهنات تثير لغط»    في إجازة عيد الأضحى.. حدود السحب والإيداع القصوى من ماكينات ATM    في شكوى مها الصغير.. الأعلى للإعلام يستدعي ممثلين المواقع والوسائل الإعلامية المشكو في حقها    «حلوان» و«حلوان الأهلية» تستعرضان برامجهما المتميزة في «نيجيريا»    يوم الرحمة.. كيف تستغل يوم عرفة أفضل استغلال؟    المسرح النسوي بين النظرية والتطبيق في العدد الجديد لجريدة مسرحنا    تهنئة أول أيام عيد الأضحى برسائل دينية مؤثرة    تشيفو يقترب من قيادة إنتر ميلان بعد تعثر مفاوضات فابريغاس    تقديم الخدمة الطبية ل1864 مواطنًا ضمن قافلة علاجية بعزبة عبد الرحيم بكفر البطيخ    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    أجمل صور يوم عرفة.. لحظات تتجاوز الزمان والمكان    كل ما تريد معرفته عن جبل عرفات ويوم عرفة    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    أسعار البقوليات اليوم الخميس 5-6 -2025 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    موقع الدوري الأمريكي يحذر إنتر ميامي من خماسي الأهلي قبل مونديال الأندية    «مسجد نمرة».. منبر عرفات الذي بني في مكان خطبة الوداع    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    أرخص 10 سيارات مستوردة إلى مصر بدون جمارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقل المصرى الجمعى: أفكار قديمة فى غلاف جديد!

ربما لا نختلف أن هناك عقلا جمعيا مصريا يميز المصريين عن غيرهم من الشعوب، فالمصريون لهم طريقتهم فى إدراك الظواهر والأشياء والحوادث والعلاقات، ولهم طريقتهم فى التعامل معها. وليست ثمة مشكلة فى أن يكون لشعب من الشعوب عقل جمعي، لكن المشكلة الحقيقية تكمن فى أن العقل المصرى الجمعى لا يزال يعمل فى حدود آليات تفكير قديمة ومتوارثة داخل مخزون عقلى ونفسى متراكم عبر قرون.
وتنتج هذه الآليات الأفكار نفسها فى كل عصر، حتى وإن ارتدت ثوبا جديدا، فكتلة المعتقدات الكلية واحدة ولكن الثياب جديدة. ولا تزال طرق التفكير وآلياته المستمدة من خبرات المجتمع التاريخية وتجاربه تنتج المعتقدات نفسها والمواقف السلوكية المشتركة، وكأن هناك نفسا مشتركة أو روحا واحدة تعمل بطريقة لا شعورية كقوة للتوحيد الإدراكى داخل المجتمع المصرى تدفعه للتصرف بطريقة واحدة تجاه التحديات الكبري، وأيضا فى المواقف الطارئة، بل وفى الحياة اليومية نفسها.
وهذا ما يمكن أن نطلق عليه روح القطيع، لكن من الضرورى أن نؤكد أن روح القطيع أو العقل الجمعي، ليست صفة مميزة للشعب المصرى دون غيره من الشعوب، بل روح القطيع ظاهرة تحكم كل الشعوب، ولكل شعب عقله الجمعي. لكن صفات العقل الجمعى تختلف بين شعب وآخر، وحضارة وأخري، وهذا يجعل شعبا من الشعوب يسير فى طريق التقدم، بينما شعب آخر يقبع فى التاريخ يكرر ذاته ويعيد إنتاج نفسه.
وإذا أردت أن تعمل على التغيير لابد أن تعمل على هذا العقل الجمعى تشخيصا وعلاجا، ولابد أن تطرح سمات العقل الجمعى المصرى للنقاش والتدقيق الجماعى والمقارنة مع العقول الجمعية للشعوب الأخري, وذلك حتى نعرف أنفسنا ونشخص أمراض تفكيرنا. والتشخيص لابد أن يسبق بداهة- العلاج المعرفى الذى نسعى إليه.
ويأتى إصلاح العقل الجمعى والآليات الحاكمة لطريقته فى التفكير ضروريا لإعادة بناء الإنسان المصري, لأن العقل الجمعى محكوم دون وعى بمخيال اجتماعى وقبة حديدية أيديولوجية تعمل فيها رؤية العالم Worldview التى تتضمن كل التصورات والمفاهيم التى تشكل الأساس النظرى للفهم والتفكير والفعل؛ لأن التصورات والمفاهيم هى شرط أولى قَبْلى بلغة الابستمولوجية أو نظرية المعرفة، وأى تطوير للعقل الجمعى المصرى سيفشل فشلا ذريعا إذا لم تكن التصورات والمفاهيم الكلية منضبطة فى عقول الناس، إنها بمثابة النظارة التى تلون كل ظاهرة بلونها تبعا للون العدسات، فالتصورات والمفاهيم الكلية الأولى تلون كل ما يتلوها بلونها الخاص، فهى بمثابة العدسات التى ينظر منها المرء، فإذا كانت حمراء فسيرى كل شيء أحمر، وإذا كانت صفراء فسيرى كل شيء أصفر، وإذا كانت سوداء فسيرى كل شيء أسود! وهكذا.
إن رؤية العالم الحاكمة للعقل الجمعى هى التى تشكل كود التفكير، وتضع المسارات والمحددات التى فى ضوئها يتشكل الفعل الحضارى وطرق التفاعل مع الظواهر والأحداث وتحديات المكان والزمان.
وربما يكون مجديا توضيح ذلك للقارئ الكريم بما سبق تأكيده فى كتاب نحو تأسيس عصر دينى جديد، وفيه تم إيضاح أن رؤية العالم, ولا يعنينى هنا إن كنت متفقا أو مختلفا مع إمانويل كانط أو وليلهام دلتاى أو غيرهما, أقول رؤية العالم: هى الإطار العام الذى نفهم به كل ما يحيط بنا : الكون، الحياة، الناس، مستويات الوجود، والثقافات العالمية، بل هى الإطار الذى نفهم به أنفسنا أيضاً؛ لأن رؤية العالم، هى المجموعة الأساسية من التصورات الافتراضية عن العالم وتتضمن فى داخلها كتلة المعتقدات الكلية التى يحيا بها الإنسان؛ وفى ضوئها يضع الوعى الجمعى للناس علاقاتهم مع العالم، ونجد لها انعكاسات واضحة على الحياة الأخلاقية والاجتماعية والسياسية.
وعلى هذا فإن وظيفة الرؤية هى وظيفة معرفية تعمل عملها فى العقل الجمعي، وهى نقطة جوهرية فى التغيير والتحول نحو الحداثة الحقيقية والتنمية الشاملة, وما الفرق بين عوالم الرجعية والظلام والتخلف وعوالم التقدم والأنوار والحداثة, إلا فرق بين عقل جمعى متجمد محكوم برؤية سحرية لاهوتية للعالم وعقل جمعى ديناميكى محكوم برؤية عقلانية علمية للعالم.
والتحول من العقل الجمعى المتجمد عبر العصور إلى العقل الجمعى الديناميكي، لا يمكن أن يتم إلا عبر عمليات حفر معرفى وتفكيك عناصر رؤية العالم بكل جوانبها العقائدية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية والوجدانية. ومن ثم نقل هذا العقل الجمعى من عقل قبل الوعى أو ما وراءه، إلى عقل تحت مظلة الوعى وإدراكه.
إن العقل الجمعى هو العقل اللاوعي، وتقوم عمليات الحفر المعرفى والتفكيك بنقله من اللاوعى إلى الوعي، ويصبح محل مكاشفة ونقد. ولا يمكن هذا بدون إدراك ضرورة تطويره وتحويله من عقل ساكن جامد قابع فى اللاوعى الجمعى يكرر نفسه فى رتابة لامتناهية عبر العصور، إلى عقل قابل للتطوير المستمر ويتقدم باطراد من جراء الوعى الذاتى والتدخل الإرادى المستمر ومشاركة العقول الحضارية الأخري.
وهنا يمكن أن يتحول العقل المصرى الجمعى من عقل معط مسبقاً بشكل جبرى إلى عقل مصنوع اختيارا.
لمزيد من مقالات د. محمد عثمان الخشت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.