أنا ربة منزل في الأربعينيات من عمري وتزوجت من شاب تعاهدت معه علي الحب والوفاء مهما واجهنا من عقبات ومشكلات وارتبطنا في ظروف صعبة.. لكننا لم نبال بها, وواصلنا كفاحنا في الحياة وانجبنا ولدين هما كل شيء في حياتي.. ولكن ابتلاني الله بما أظهر لي معدن زوجي الذي قابل الحسنة بالسيئة, والاخلاص بالغدر.. فلقد أصبت بمرض مزمن لايرجي شفاؤه وما أن علم زوجي بمرضي حتي تغيرت معاملته لي, وبدلا من أن يحتويني ويخفف آلامي, إذا به ينفر مني بل ويوبخني وهو يشتري لي العلاج باهظ الثمن. وساءت حالتي النفسية ووجدتني أنتفض في عز النوم وأشعر بهواجس غريبة وقررت أن أخرج للعمل حتي أوفر ثمن العلاج, وبرغم متاعبي التحقت بعمل مؤقت وحرصت علي أن أؤدي له حقوقه وجاهدت نفسي لكي لا يشعر بأي تقصير. ووجدته تارة طيبا حنونا مشتاقا الي, وتارة أخري يثور علي ثورة عارمة كلما كانت له ملاحظة عارضة. ثم فوجئت بابتلاء جديد من الله اذ أحسست بتعب شديد ذهبت علي أثره الي الطبيب الذي فحصني بدقة وأجري لي عددا من الأشعات ثم أطرق برأسه في الأرض, وهو يبلغني بأنني أصبت بمرض آخر, وأنا علي أن امتنع عن العلاقة الخاصة مع زوجي الي أن يتم شفائي بإذن الله.. فأسقط في يدي.. كيف سأواجه زوجي بهذه الحقيقة المؤلمة فالأمر لن يتوقف عند العلاج والدواء وإنما سوف يمتد الي ما يحتاجه مني جسديا.. وتصورت للحظات أنه سوف يحزن بعض الشيء ثم يتقبل الأمر.. وطلبت من الدكتور المعالج أن يبلغه بذلك فانتحي به جانبا, وشرح له طبيعة مرضي.. فظل صامتا حتي وصلنا الي المنزل.. وهنا ظهر معدنه إذ لم أكن بالنسبة له سوي جارية تطهي الطعام وتربي الابناء ويعاشرني في نهاية اليوم.. اذ نفر مني ولم يعد يطيقني, بل وقالها لي صراحة بأنه لا فائدة مني وكانت نهاية خدمتي له, وتربيتي ابنينا أن طلقني ورماني بلا مأوي. لقد هزني موقفه, وقلت له وأنا أبكي لو كنت مكاني وأصبت أنت بالمرض لما عاملتك مثل معاملتك, بل بالعكس كنت سأتقرب منك أكثر حتي لا أجعلك تشعر بمرارة الآلم الذي أعانيه الآن. وحملت الولدين وخرجت من عنده حزينة كسيرة, وبرغم الهزال الشديد واصلت العمل حتي أجد ما أسد به جوعهم واستر به نفسي وأعالج مرضي, واستأجرت شقة بسيطة لكي نقيم فيها. وهكذا أعطاني زوجي مكافأة الخدمة بتشريدي أنا وأطفالي, وهو لا يدرك أن عين الله لا تنام وأنه حتي وإن لم ننل حقنا منه في الدنيا فسوف نأخذه منه في الآخرة.. فالدنيا ليس لها بقاء ولكن الإنسان في عنفوان صحته لا يشعر بآلام المكلومين حتي لو كانوا أعز الناس لديه. ولاحول ولاقوة إلا بالله. واقول لكاتبة هذه الرسالة: وهل يضمن زوجك ألا يصاب بأقسي من هذه الامراض؟ وهل يدرك ان الله سبحانه وتعالي يمهل ولايهمل؟ ياسيدتي إذا كان الله قد ابتلاك بما ألم بك من أمراض وتحملت الآلام والمتاعب الشديدة التي تصاحبها فإنه عز وجل سوف يمطر عليك جوائز السماء التي ستأتيك تباعا حين يأذن سبحانه وتعالي بها. ولو أن زوجك صبر عليك لكان خيرا له لكنه اختار الطريق السهل بالانفصال متصورا انه جنب نفسه عناء البقاء بجانبك ومؤازرتك في محنتك والحق انه ظلمك ويحسب ان الله غافل عما فعل بك لكنه علام الغيوب, وسوف يلقي مطلقك جزاءه العادل, فالدنيا تدور, وقد يتجرع كأس المرارة التي تعانيها ذات يوم, وأرجو ان تواصلي حياتك بنفس الاصرار والعزيمة التي لمستها في كلماتك.