فى أثناء دراستى بالجامعة، تعلمت على أيدى أساتذتى الأجلاء مهارات الترجمة الفورية، وقتها كنا نتعلم أن مهنة الترجمة الفورية تتطلب مجموعة متنوعة من المهارات، على المستويات، اللغوية من حيث إتقان اللغة الأصلية واللغة المنقول منها، والنفسية التى تتمثل فى الهدوء والاتزان، والذهنية القائمة على التدريب على سرعة رد الفعل وحسن البديهة، ولم أتخيل أنه سيأتى اليوم الذى قد تدخل فيه التكنولوجيا بشكل قوى فى هذا المجال لتحل محل الوجود البشرى، فمنذ أيام قرأت على أحد المواقع الإلكترونية أن شركة أوروبية تعمل فى مجال تطوير أجهزة إلكترونية، اخترعت جهازا للترجمة الفورية بتطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مما يسهل للمستخدمين التواصل حول العالم مع الآخرين وبلغات مختلفة، وبإمكان الجهاز الإلكترونى الترجمة الفورية إلى أكثر من 100 لغة، ووفقا لما ذكره موقع الشركة، فإنه يمكن للجهاز ترجمة ما يقوله المستخدم خلال 3 ثوان كحد أقصى، والهدف من هذا الجهاز هو تطوير طرق التواصل مع الآخرين وليس فقط فى مجال الترجمة.وفى الوقت نفسه، أعلنت شركة اخرى اختراع سماعة ذكية تستطيع الترجمة الفورية لأكثر من عشر لغات، وفى الواقع هناك تحدّ كبير فى ممارسة هذه الترجمة الفورية فى عصر الرقمنة وهى الدقة، فالترجمة الآلية للتعبير التالى باللغة العربية (لا يمت له بصلة) “Never die an onionهى ترجمة كارثية بكل المقاييس. وحتى نكون صرحاء، فأجهزة الكمبيوتر حتى الآن لم تصل إلى مستوى الدقة من خلال الترجمة الآلية Machine Translation التى يصل إليها الأداء البشري، وهنا لابد من التفكير فى إنشاء تطبيقات وبرامج لتبسيط فكرة الترجمة الآلية لدى المستخدمين وبشكل ممتع، ؤلكن فى المقابل سنجد أنه يمكن التغلب على هذا الأمر بالأخذ فى الاعتبار أن تدخل العنصر البشرى سيكون أساسيا فى مرحلة التنقيح والمراجعة، وستكون هناك ميزة مهمة وخاصة، مع ضيق عنصر الوقت وهى فكرة أن الترجمة الآلية رغم عيوبها بها ميزة التعامل مع الملفات كبيرة الحجم بشكل عملى وسريع مع وجود تنقيح بشرى لضمان الجودة، والميزة الأخرى هى فكرة إختصار الفارق الزمنى للقيام بالترجمة. ورغم مزايا وعيوب تداخل التكنولوجيا فى مفهوم الترجمة الفورية، نجد بصفة عامة أن مزايا تداخل الرقمنة والتكنولوجيا، مع الترجمة أن لها من المزايا الإيجابية التى تدفعنا لفكرة إيجاد وعى معرفى لنشر أهمية استخدام التكنولوجيا فى هذا المجال المتخصص الذى كان يعتمد اعتمادا مباشرا على العقل البشرى فى الماضى، وأصبح حاليا مكونا رئيسيا فى عصر التكنولوجيا والرقمنة.. والسؤال: هل سيأتى اليوم الذى سيختفى فيه دور المترجم الفورى عن القيام بمهام الترجمة؟ د. أحمد عبد التواب شرف الدين قسم اللغة الإنجليزية آداب المنوفية